3 شركات موسيقى كبرى تمنح شركة ناشئة ترخيص بث محتواها بالذكاء الاصطناعي

في تطور يغير ملامح صناعة الموسيقى، منحت شركات التسجيلات الكبرى، وهي Universal Music Group و Sony Music و Warner Music Group، ترخيصًا لشركة Klay الناشئة في مجال بث الموسيقى التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي لاستخدام مكتبة أغانيها. يتيح هذا الإجراء للمستخدمين إعادة إنتاج الأغاني بأساليب وأنماط مختلفة باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، مع ضمان حماية حقوق الفنانين وأصحاب الحقوق. هذا التعاون يمثل نقطة تحول في العلاقة بين التكنولوجيا والإبداع، ويفتح الباب أمام إمكانيات جديدة في إنتاج واستهلاك الموسيقى.
صفقة تاريخية: شركات التسجيلات الكبرى تحتضن الذكاء الاصطناعي
تعتبر Klay أول منصة موسيقية تعتمد على الذكاء الاصطناعي تبرم اتفاقيات ترخيص مع هذه الشركات الثلاث العملاقة. هذه الاتفاقيات لا تقتصر على منح Klay الحق في استخدام الأغاني لتدريب نماذجها فحسب، بل تتضمن أيضًا التزامًا واضحًا بمنح الفنانين وشركات الإنتاج سيطرة كاملة على كيفية استخدام أعمالهم. هذا الجانب بالغ الأهمية، حيث يهدف إلى معالجة المخاوف المتزايدة بشأن الاستخدام غير المصرح به للمواد المحمية بحقوق الطبع والنشر في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي.
Klay: مزيج بين البث التقليدي وإمكانيات الذكاء الاصطناعي
تتميز منصة Klay بتقديمها تجربة فريدة تجمع بين ميزات خدمات البث الموسيقي المألوفة، مثل سبوتيفاي، وأدوات الذكاء الاصطناعي المتقدمة. تتيح هذه الأدوات للمستخدمين ليس فقط الاستماع إلى الموسيقى، ولكن أيضًا إعادة إنتاجها وتجربتها بأساليب جديدة ومبتكرة، مما يفتح آفاقًا واسعة للتعبير الفني والتفاعل مع الموسيقى.
نموذج “رسوم الاستخدام الدقيقة”
تسعى شركات مثل Universal Music Group و Warner Music Group إلى تطوير نموذج تسعير جديد ومتكامل يعتمد على “رسوم استخدام دقيقة”. يهدف هذا النموذج إلى محاسبة الشركات التي تستخدم المحتوى الموسيقي في تدريب نماذج الذكاء الاصطناعي أو لإنشاء محتوى جديد، وذلك مقابل كل استخدام للموسيقى. هذا النهج يأتي في إطار جهود أوسع لحماية حقوق الملكية الفكرية في عصر الذكاء الاصطناعي.
وفي هذا السياق، تعمل شركات التسجيلات على ضغط المنصات التكنولوجية لتطوير أنظمة تتبع متطورة قادرة على تحديد متى وأين يتم إعادة استخدام الموسيقى الأصلية. هذه الأنظمة ستكون مشابهة لتقنية Content ID المستخدمة على يوتيوب، والتي تهدف إلى حماية حقوق الطبع والنشر ومنع الاستخدام غير المصرح به للمحتوى.
تسويات واتفاقيات: استجابة الصناعة لتحديات الذكاء الاصطناعي
لم يكن اتفاق Klay هو الأول من نوعه، فقد شهدت الصناعة الموسيقية مؤخرًا سلسلة من التسويات والاتفاقيات التي تعكس استجابة شركات الموسيقى للتحديات التي يفرضها الذكاء الاصطناعي. فقد توصلت Warner Music Group لاتفاق تسوية مع Udio بشأن قضية حقوق الطبع والنشر، يتضمن خططًا لتأسيس منصة مشتركة لإطلاق الأغاني التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي بحلول عام 2026.
يهدف هذا التعاون إلى ضمان استخدام أعمال مرخصة لحماية حقوق الفنانين، بالإضافة إلى استكشاف مصادر دخل جديدة في هذا المجال المتطور. كما تشهد التعاونات الموسيقية الكبرى مع منصات الذكاء الاصطناعي توسعًا ليشمل تطوير منتجات موسيقية مدعومة بالذكاء الاصطناعي بطريقة مسؤولة تحترم حقوق الملكية.
تعويضات فورية: رؤية جديدة لحقوق الفنانين
الأبحاث الأكاديمية الحديثة قدمت أيضًا مقترحات مبتكرة لحماية حقوق الفنانين في عصر الذكاء الاصطناعي. إحدى هذه المقترحات، التي نشرتها ورقة بحثية على موقع ArXiv الأكاديمي، تدعو إلى إنشاء نظام لتعويضات فورية للفنانين، يعتمد على تحديد استخدام الموسيقى في كل مرة يتم فيها توليد موسيقى جديدة بواسطة الذكاء الاصطناعي (“inference-time attribution”). يهدف هذا النظام إلى تحقيق شفافية أكبر وضمان حصول الفنانين على تعويض عادل عن استخدام أعمالهم.
استطلاعات الرأي تكشف: صعوبة التمييز بين موسيقى البشر والذكاء الاصطناعي
أظهر استطلاع للرأي أجرته “ديزر-إبسوس” أن 97% من المستمعين لا يستطيعون التمييز بين الأغاني التي ينتجها الذكاء الاصطناعي وتلك التي يؤلفها البشر. هذه النتيجة تثير مخاوف متزايدة بشأن قدرة تقنية الذكاء الاصطناعي على تغيير طريقة إنشاء الموسيقى واستهلاكها وتحقيق الدخل منها. وتسلط الضوء على القضايا الأخلاقية والاقتصادية المعقدة التي تواجه صناعة الموسيقى العالمية.
وقد لفتت هذه القضية الانتباه بشكل خاص عندما اكتشف الجمهور أن فرقة “The Velvet Sundown” التي تعتمد على الذكاء الاصطناعي قد جذبت مليون مستمع شهريًا على سبوتيفاي قبل الكشف عن أصولها الاصطناعية.
في الختام، يمثل اتفاق Klay مع شركات التسجيلات الكبرى خطوة مهمة في إطار جهود الصناعة الموسيقية للتكيف مع ثورة الذكاء الاصطناعي. من خلال تبني نماذج ترخيص جديدة وتعاونات مبتكرة، تسعى الشركات إلى تحقيق التوازن بين الاستفادة من إمكانيات هذه التقنية وحماية حقوق الفنانين وأصحاب الحقوق. ومع استمرار تطور هذه التكنولوجيا، من المتوقع أن نشهد المزيد من التغييرات في صناعة الموسيقى، مما يستدعي مزيدًا من الحوار والتعاون لضمان مستقبل مستدام وعادل للإبداع.












