هجمات سيبرانية بالذكاء الاصطناعي. مجلس النواب الأميركي يناقش التهديدات

يبدو أن التهديدات السيبرانية تتطور بوتيرة غير مسبوقة، مدفوعة بالتقدم السريع في مجال الذكاء الاصطناعي. مجلس النواب الأمريكي يستعد لمناقشة هذه التهديدات المتفاقمة، مع تحذيرات متزايدة من قدرة الذكاء الاصطناعي على شن هجمات سيبرانية بشكل مستقل. هذه القضية أصبحت محور اهتمام متزايد للجهات الحكومية والشركات المتخصصة على حد سواء.
الذكاء الاصطناعي والهجمات السيبرانية: تهديد وشيك
أصبحت فكرة أن نماذج الذكاء الاصطناعي يمكن أن تشن هجمات سيبرانية بشكل مستقل تمامًا، لم تعد مجرد سيناريو خيالي، بل واقعًا لا مفر منه وفقًا للعديد من الدراسات الأكاديمية الحديثة وتقارير شركات الأمن السيبراني. هذا التحول يثير قلقًا بالغًا، حيث يمكن أن يؤدي إلى هجمات أكثر تطوراً وواسعة النطاق، تتجاوز القدرات الحالية للدفاع السيبراني.
شهادات الخبراء أمام الكونجرس
في محاولة لفهم هذا التهديد بشكل أفضل، من المقرر أن يستمع مجلس النواب الأمريكي إلى شهادات قادة من شركتي أنثروبيك وجوجل. سيتحدث هؤلاء الخبراء أمام لجنتين فرعيتين تابعتين للجنة الأمن الداخلي، حول كيفية إعادة الذكاء الاصطناعي والتقنيات الناشئة تشكيل المشهد في عالم التهديدات السيبرانية.
لوجان جراهام، رئيس فريق الاختبار الأحمر للذكاء الاصطناعي في أنثروبيك، أكد في شهادته أننا نشهد بداية حقبة جديدة، حيث يمكن للذكاء الاصطناعي أن يمكّن الجهات المهددة من شن هجمات سيبرانية بحجم غير مسبوق، حتى مع وجود إجراءات أمنية قوية. وأضاف أن هذه الهجمات قد تكون أكثر تعقيدًا من حيث طبيعتها ونطاقها.
نماذج الذكاء الاصطناعي: قدرات متزايدة في المجال السيبراني
شركة OpenAI، الرائدة في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي، حذرت الأسبوع الماضي من أن النماذج المتقدمة المستقبلية ستمتلك قدرات سيبرانية تشكل خطرًا كبيرًا. هذا يعني أن تنفيذ الهجمات السيبرانية سيصبح أسهل وأسرع، حيث سيقل الوقت والمهارات المطلوبة بشكل ملحوظ.
تجارب عملية تثبت القدرات الهجومية للذكاء الاصطناعي
الأمر لا يقتصر على التحذيرات النظرية، بل هناك أدلة عملية تثبت القدرات الهجومية المتزايدة للذكاء الاصطناعي. باحثون في جامعة ستانفورد أظهروا كيف تمكن وكيل ذكاء اصطناعي يُدعى Artemis من اكتشاف ثغرات أمنية بشكل مستقل في شبكة الجامعة، متفوقًا على معظم الباحثين البشريين المشاركين في التجربة.
بالإضافة إلى ذلك، أفاد باحثون في Irregular Labs، المتخصصة في اختبار مقاومة الأنظمة الأمنية، أنهم شهدوا “أدلة متزايدة” على تحسن نماذج الذكاء الاصطناعي في المهام السيبرانية الهجومية، مثل الهندسة العكسية، وبناء الثغرات الاستغلالية، وتحليل التشفير.
التحديات الحالية والمستقبلية في مواجهة التهديد
على الرغم من هذه التطورات المقلقة، لا تزال الهجمات السيبرانية المستقلة تمامًا بالذكاء الاصطناعي بعيدة المنال. ففي الوقت الحالي، لا تزال الهجمات تتطلب أدوات متخصصة، أو مشغلين بشريين، أو تجاوز القيود الأمنية.
ومع ذلك، حتى مع وجود هذه القيود، تمكن قراصنة مرتبطون بالحكومة الصينية من خداع نموذج الذكاء الاصطناعي Claude، التابع لشركة أنثروبيك، ليعتقد أنه يجري اختبار اختراق عادي قبل أن يبدأ في اقتحام المؤسسات. هذا الحادث يوضح مدى سهولة استغلال نماذج الذكاء الاصطناعي من قبل الجهات الخبيثة.
الاستجابة التشريعية والتدابير الوقائية
المشرعون الأمريكيون سيناقشون في جلسة الاستماع، المقرر عقدها الأربعاء، الطرق التي يستخدم بها قراصنة الدول ومجرمو الإنترنت الذكاء الاصطناعي بالفعل، وما إذا كانت هناك حاجة إلى إجراء أي تغييرات سياسية أو تنظيمية للتصدي بشكل أفضل لهذه التهديدات السيبرانية.
جراهام سيحث المشرعين أيضًا على تقييد وصول الخصوم إلى “رقائق الذكاء الاصطناعي المتقدمة والأدوات اللازمة لتصنيعها”، مؤكدًا أن هذه الضوابط حيوية لأمننا القومي وقدرتنا التنافسية الاقتصادية.
تطوير أدوات أمنية تعتمد على الذكاء الاصطناعي
لمواجهة هذا التحدي، بدأت الشركات المشغلة لنماذج الذكاء الاصطناعي في تطوير وإصدار وكلاء أمنيين خاصين بها، بهدف العثور على الثغرات واكتشافها قبل أن يتمكن الخصوم من استغلالها. هذا السباق بين الهجوم والدفاع سيستمر بالتأكيد في التطور مع تقدم تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي.
الخلاصة
إن التهديدات السيبرانية التي يمثلها الذكاء الاصطناعي حقيقية ومتزايدة. مناقشات مجلس النواب الأمريكي، وشهادات الخبراء، والتجارب العملية، كلها تشير إلى أننا بحاجة إلى اتخاذ إجراءات فورية لحماية أنفسنا من هذه التهديدات. من خلال تقييد الوصول إلى التكنولوجيا المتقدمة، وتطوير أدوات أمنية جديدة، وتعزيز التعاون الدولي، يمكننا أن نأمل في البقاء في صدارة هذا التحدي المتطور باستمرار. الاستعداد والتوعية هما مفتاح مواجهة هذه التحديات الأمنية الجديدة.












