“علي بابا” تجهز تحديثاً كبيراً لتطبيق الذكاء الاصطناعي لمنافسة ChatGPT

تستعد مجموعة “علي بابا” لإجراء تغييرات جذرية في استراتيجيتها التكنولوجية، وتحديداً في مجال الذكاء الاصطناعي على الهواتف المحمولة. تهدف هذه الخطوة إلى مواكبة التطورات السريعة في هذا القطاع، وتعزيز مكانتها التنافسية، وفتح قنوات جديدة للإيرادات. ففي الأشهر المقبلة، ستُطلق الشركة نسخة مُعاد تطويرها بالكامل من تطبيقها الرئيسي للذكاء الاصطناعي، والذي سيحاكي بشكل كبير وظائف وسهولة استخدام تطبيق ChatGPT الشهير التابع لشركة OpenAI. هذا التحول يمثل اعترافًا بأهمية الذكاء الاصطناعي التوليدي (Generative AI) ودوره المحتمل في مستقبل التجارة الإلكترونية والخدمات الرقمية.
إعادة هيكلة تطبيق الذكاء الاصطناعي: من تونجي إلى كوين
تعتزم “علي بابا” البدء في تحديث تطبيقات “تونجي” (Tongyi) الحالية، المتوفرة على نظامي التشغيل iOS وAndroid، وإعادة تسميتها إلى “كوين” (Qwen). هذا الاسم مُشتق من نموذج الذكاء الاصطناعي المعروف الذي طورته الشركة، مما يعكس أهمية هذا النموذج في التحديثات القادمة. يعتبر هذا التغيير أكثر من مجرد تعديل في الاسم، بل يمثل تحولاً استراتيجياً نحو دمج تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل أعمق في تجربة المستخدم.
دمج الذكاء الاصطناعي الوكيل في تجربة التسوق
الخطة لا تتوقف عند التطوير الأساسي للتطبيق، بل تتضمن إضافة ميزات الذكاء الاصطناعي الوكيل (AI agent) تدريجيًا على مدار الأشهر القادمة. ستدعم هذه الميزات المستخدمين بشكل مباشر في عمليات التسوق عبر منصات “علي بابا” المختلفة، وعلى رأسها سوق “تاوباو” (Taobao) الضخم. تخيل، على سبيل المثال، مساعدًا افتراضيًا يمكنك أن تطلب منه العثور على أفضل صفقة لحذاء رياضي معين، أو اقتراح ملابس مناسبة لمناسبة معينة، أو حتى مقارنة أسعار المنتجات المختلفة.
نحو نظام ذكاء اصطناعي متكامل: رؤية “علي بابا” المستقبلية
الهدف الأكبر لـ”علي بابا” هو تحويل “كوين” إلى نظام ذكاء اصطناعي شامل ومتكامل، وهو طموح يشاركه العديد من رواد الصناعة في كل من الولايات المتحدة والصين. وتعتزم الشركة التوسع عالمياً في المستقبل القريب بإطلاق نسخة مُخصصة للأسواق الخارجية، مما يشير إلى ثقتها بقدرة “كوين” على المنافسة على مستوى عالمي. هذا التوسع يتطلب فهمًا عميقًا لاحتياجات المستخدمين المحليين، وتكييف التطبيق ليلائم الثقافات واللغات المختلفة.
استثمارات ضخمة وتجنيد الكفاءات في مجال الذكاء الاصطناعي
لم تتردد “علي بابا” في تخصيص موارد كبيرة لتحقيق هذا الهدف الطموح. فقد قامت الشركة بتخصيص أكثر من 100 مطور من مختلف وحداتها للعمل على مشروع إعادة تطوير التطبيق. هذا الاستثمار الكبير يتماشى مع الموجة الأوسع من الاستثمارات في مجال الذكاء الاصطناعي، والتي أعلن عنها الرئيس التنفيذي إيدي وو في سبتمبر الماضي. ويؤكد هذا على التزام الشركة الراسخ بتطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي، ليس فقط في تطبيقاتها الموجهة للمستهلكين، ولكن أيضًا في بنيتها التحتية الأساسية.
تحديات تحقيق الإيرادات في سوق التكنولوجيا الصيني
على الرغم من التقدم الكبير في مجال الذكاء الاصطناعي، لا تزال العديد من الشركات تواجه تحديات في تحقيق الربح من هذه التقنيات. عادةً ما يكون نموذج تحقيق الربح مُركزًا على خدمة الشركات، وليس على المستهلكين الصينيين الذين قد يكونون أقل استعدادًا للدفع مقابل الخدمات الرقمية. تدرك “علي بابا” هذا التحدي جيدًا، وتعمل على إيجاد طرق مبتكرة لتحويل “كوين” إلى مصدر دخل مباشر. يتخلف “كوين” حاليًا عن تطبيقات منافسة مثل “دوباو” (Doubao) و”يوانباو” (Yuanbao) من حيث انتشار المستخدمين، مما يجعل مهمة جذب المستخدمين أكثر صعوبة. إضافة ميزات التسوق يمكن أن يكون بمثابة نقطة انطلاق لاستغلال القوة التقليدية للشركة في هذا المجال.
“علي بابا” وعلاقتها بنماذج الذكاء الاصطناعي المفتوحة المصدر
تعمل “علي بابا” أيضًا على تطوير نماذج الذكاء الاصطناعي الخاصة بها، مثل Qwen3، الذي أظهر أداءً متميزًا وتصدر قائمة أفضل النماذج مفتوحة المصدر. هذا يعكس التزام الشركة بالابتكار في هذا المجال، والمساهمة في تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي بشكل عام. إن تطوير نماذج مفتوحة المصدر يتيح للشركة بناء مجتمع من المطورين والمستخدمين حول تقنياتها، مما يمكن أن يعزز عملية الابتكار والتطوير.
استراتيجية “علي بابا” لبناء قاعدة مستخدمين واسعة وأهمية التبسيط
تعتزم “علي بابا” إبقاء تطبيق “كوين” متاحًا مجانًا للمستخدمين في الوقت الحالي، بهدف بناء قاعدة مستخدمين واسعة. هذه القاعدة ستساعد الشركة على فرض رسوم على الخدمات المتميزة في المستقبل. بالإضافة إلى ذلك، تهدف الشركة إلى تبسيط الهوية البصرية وتجربة المستخدم في جميع تطبيقاتها المتعلقة بالذكاء الاصطناعي تحت علامة “كوين” التجارية الواحدة. هذا التبسيط سيجعل التطبيق أكثر سهولة في الاستخدام، وأكثر جاذبية للمستخدمين.
في الختام، يمثل مشروع إعادة تطوير “كوين” خطوة استراتيجية هامة لـ”علي بابا” في سعيها للريادة في مجال الذكاء الاصطناعي. من خلال دمج الذكاء الاصطناعي الوكيل في تجربة التسوق، وتطوير نظام ذكاء اصطناعي متكامل، والاستثمار في الكفاءات والتقنيات المتقدمة، تسعى الشركة إلى تحقيق عوائد مباشرة من المستخدمين الأفراد، وتعزيز مكانتها التنافسية في سوق التكنولوجيا الصيني والعالمي. نتوقع أن نرى المزيد من الابتكارات من “علي بابا” في هذا المجال في المستقبل القريب. لمتابعة آخر التطورات في مجال الذكاء الاصطناعي، ندعوكم للاطلاع على المزيد من المقالات والتحليلات من “اقتصاد الشرق مع بلومبرغ”.












