طلاب بريطانيون يكتشفون إنشاء مادة تعليمية بالذكاء الاصطناعي

في تطور يثير الجدل والتساؤلات حول مستقبل التعليم العالي، سادت حالة من الاستياء والغضب بين طلاب البرمجة في جامعة ستافوردشاير البريطانية. اكتشف الطلاب أن المنهج الدراسي الكامل لدورتهم الأكاديمية قد تم إنشاؤه بالكامل باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي، مما دفعهم للتعبير عن قلقهم وخيبتهم بشأن جودة التعليم الذي يتلقونه. هذه القضية أثارت نقاشات واسعة حول دور الذكاء الاصطناعي في التعليم، وأخلاقيات استخدامه، وتأثيره على تجربة الطلاب.
غضب الطلاب من منهج دراسي يعتمد على الذكاء الاصطناعي
أفادت صحيفة الجارديان بأن الطلاب انتقدوا بشدة اعتماد الجامعة على الذكاء الاصطناعي في صميم الدورة الأكاديمية. لم يقتصر الأمر على إنتاج العروض التقديمية والمواد المعلوماتية باستخدام الذكاء الاصطناعي، بل امتد ليشمل الاستعانة بأصوات اصطناعية لقراءة وشرح الدروس. هذا الأمر أثار تساؤلات حول قيمة الدفعة التعليمية التي يتلقونها، وما إذا كانوا يدفعون مقابل تعليم حقيقي، أم مجرد محتوى تم إنشاؤه بواسطة آلة.
جيمس، وهو أحد الطلاب البالغ عددهم 41 طالبًا المسجلين في الدورة، عبّر عن خيبة أمله العميقة. صرّح بأنه يشعر بالقلق من إضاعة عامين من عمره في دورة يصفها بأنها “أُنشئت بأرخص طريقة ممكنة”. وأشار إلى أن الجامعة تتجه نحو سياسة مزدوجة، حيث تحظر على الطلاب استخدام الذكاء الاصطناعي في واجباتهم ومشاريعهم الدراسية، بينما في الوقت ذاته، تقدم لهم منهجًا كاملاً تم إنشاؤه بهذه التقنية نفسها.
ازدواجية المعايير وتأثيرها على النزاهة الأكاديمية
إن هذا التناقض الصارخ بين سياسات الجامعة المعلنة وأسلوب التدريس المتبع أمر مقلق للغاية. فالطلاب يخشون من أن يتم معاقبتهم على استخدام أدوات الذكاء الاصطناعي في عملهم، بينما يتعلمون من خلال منهج يعتمد بشكل كامل على هذه الأدوات. هذا يخلق بيئة من عدم الثقة والارتباك، ويقوض مبادئ النزاهة الأكاديمية التي تدعي الجامعة التمسك بها.
جيمس وزملاؤه حاولوا مرارًا وتكرارًا التواصل مع مسؤولي الجامعة للتعبير عن مخاوفهم، ولكن دون جدوى. يبدو أن الجامعة مصرة على مواصلة استخدام المواد التعليمية المنتجة بواسطة الذكاء الاصطناعي، حتى بعد تلقي انتقادات مباشرة من الطلاب المتضررين.
مبررات الجامعة واستمرار الاعتماد على الذكاء الاصطناعي
على الرغم من الانتقادات الواسعة، نشرت الجامعة بيانًا رسميًا على موقع الدورة يبرر هذا الاستخدام. أكدت الجامعة على وجود إطار عمل يهدف إلى تمكين الأكاديميين من الاستفادة من أتمتة الذكاء الاصطناعي في الأعمال العلمية والتعليمية.
ومع ذلك، هذا البيان لم يهدئ غضب الطلاب، بل زاد من شعورهم بالإحباط. كما أن سياسات الجامعة الرسمية، التي تتوفر للعامة، لا تزال تشدد على تقييد استخدام الطلاب لتكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، مع تحذير من أن تقديم أعمال مولدة بالذكاء الاصطناعي على أنها أعمال أصلية يعد انتهاكًا للنزاهة الأكاديمية وقد يؤدي إلى عقوبات تأديبية.
شهادات الطلاب وتأثير ذلك على مستقبلهم المهني
يعكس كلام جيمس يأسًا عميقًا وإحساسًا بالضياع. قال: “أنا في منتصف حياتي، وفي منتصف مساري المهني. لا أشعر بأن بإمكاني الآن أن أبدأ مسارًا مهنيًا جديدًا. لقد علقتُ في هذا المقرر”. هذا يدل على أن الدورة ليست مجرد تجربة تعليمية عابرة، بل تمثل نقطة تحول مهمة في حياة هؤلاء الطلاب، وقد تؤثر سلبًا على طموحاتهم ومستقبلهم المهني.
وصف طالب آخر المحتوى المنتج بواسطة الذكاء الاصطناعي بأنه “تكرار”، معترفًا بوجود “بعض الذهب في قاع المنخل”، ولكنه أضاف أنه “يمكن استخراج هذا الذهب بأنفسهم عبر سؤال ChatGPT”. هذا يعكس شعورًا عامًا بأن المواد التعليمية المنتجة بالذكاء الاصطناعي تفتقر إلى العمق والإبداع، وأنها مجرد إعادة صياغة لمعلومات متاحة بسهولة على الإنترنت.
أثناء إحدى المحاضرات، طلب جيمس من المحاضر التوقف عن استخدام الشرائح التي تم إنشاؤها بواسطة الذكاء الاصطناعي، معربًا عن تفضيله لـ “عدم التدريس بواسطة GPT”. رد المحاضر بابتسامة متوترة وأقر بأنه أعد المواد باستخدام ChatGPT، واصفًا الأمر بأنه “تم إعداده على عجل”.
رد الجامعة: الحفاظ على المعايير الأكاديمية
في ردها الرسمي على استفسارات صحيفة الجارديان، أكدت الجامعة أن “المعايير الأكاديمية ومخرجات التعلم تم الحفاظ عليها” خلال الدورة. وأضافت أن الجامعة تدعم الاستخدام المسؤول والأخلاقي للتقنيات الرقمية، وأن أدوات الذكاء الاصطناعي يمكن أن تدعم بعض مراحل التحضير، ولكنها “لا تُعدّ بديلًا عن الخبرة الأكاديمية، ويجب استخدامها دائمًا بما يضمن الحفاظ على النزاهة الأكاديمية والمعايير المعمول بها في القطاع.”
ومع ذلك، لا يزال هذا الرد غير كافٍ لإقناع الطلاب. فالأزمة ليست مجرد مسألة استخدام الذكاء الاصطناعي، بل تتعلق بجودة التعليم الذي يتلقونه، وشفافية الجامعة، واحترامها لحقوق الطلاب. كما أن القضية تثير تساؤلات أوسع حول دور الذكاء الاصطناعي في التعليم، وكيف يمكن استخدامه بشكل فعال وأخلاقي لتعزيز تجربة التعلم، بدلاً من تقويضها. سيظل مستقبل التعليم في مجال تكنولوجيا المعلومات موضع نقاش حاد في ظل هذه التطورات.
الخلاصة
إن قضية منهج البرمجة الذي تم إنشاؤه بالذكاء الاصطناعي في جامعة ستافوردشاير هي بمثابة ناقوس خطر بشأن التحديات التي تواجه التعليم العالي في عصر الذكاء الاصطناعي. يجب على الجامعات إعادة التفكير في سياساتها وممارساتها التعليمية، والتأكد من أنها تستخدم الذكاء الاصطناعي بشكل مسؤول وأخلاقي، وأنها تحافظ على جودة التعليم وتضمن تجربة تعلم قيمة للطلاب. من الضروري إجراء حوار مفتوح وشفاف بين جميع الأطراف المعنية – الطلاب، وأعضاء هيئة التدريس، والإدارة – للوصول إلى حلول مستدامة تخدم مصلحة الجميع. هل يمكن للذكاء الاصطناعي أن يكون أداة مساعدة في التعليم، أم أنه يمثل تهديدًا حقيقيًا لمستقبل المهنة؟ هذا هو السؤال الذي يجب على الجميع الإجابة عليه.












