اخبار الرياضة

حكاية الصراع على أسطورة الكرة الشراب في “الحريف”

في عام 1983، أهدى لنا السينما المصرية تحفة فنية تعكس شغف المصريين بكرة القدم، وإن كانت بنوعها الشعبي، “الكرة الشراب”. فيلم “الحريف” لم يكن مجرد قصة رياضة، بل كان مرآة تعكس روح الشارع المصري وتفاصيله، وما زال حتى اليوم مثارًا للجدل حول هويته الحقيقية. هذا المقال يتناول تفاصيل فيلم “الحريف”، والصراعات حول بطله الحقيقي، وشعبيته التي لا تزال قائمة حتى الآن.

فيلم الحريف: أيقونة الكرة الشراب في السينما المصرية

“خلاص زمن اللعب راح”، تلك العبارة التي اختارها الكاتب الراحل بشير الديك لتختتم بها فيلم “الحريف” تلخص نهاية حقبة، وحياة بطل هذه اللعبة الشعبية. الفيلم الذي أخرجه محمد خان، لم يقتصر على تصوير مباريات الكرة الشراب المثيرة، بل تعمق في حياة اللاعبين البسطاء، وأحلامهم، وتحدياتهم. تم اختيار مشهد النهاية بعناية ليظهر تجمعًا حاشدًا من المواطنين في أحد ميادين القاهرة، يتابعون بشغف مباراة كرة شراب، وهو ما يعكس الصورة النمطية للشارع المصري في تلك الفترة، حيث كانت هذه اللعبة هي حديث المجالس والقلوب.

قصة الفيلم وتأثيرها في الذاكرة الجماعية

يحكي “الحريف” عن فارس (عادل إمام)، لاعب كرة شراب موهوب، يقضي أيامه في لعب الكرة بالشارع وتحدي المنافسين. تدور الأحداث حول محاولة استغلال موهبته من قبل الآخرين، والصراعات التي يواجهها لتحقيق حلمه. الفيلم ساهم بشكل كبير في إبراز الكرة الشراب، وتسليط الضوء على مهارات لاعبيها، الذين كانوا يعتبرون أبطالًا محليين في أحياءهم. الفيلم لم يخلد ذكرى اللعبة فحسب، بل أضاء على جوانب من الثقافة المصرية الشعبية.

تحظى الكرة الشراب بشعبية جارفة، وتعتبر جزءًا لا يتجزأ من تاريخ الرياضة المصرية. وعلى الرغم من تراجعها النسبي في السنوات الأخيرة، إلا أنها لا تزال تحظى بمتابعة وشغف من الكثيرين، خاصةً من عاشوا تلك الفترة الذهبية.

من هو البطل الحقيقي لفيلم الحريف؟ جدل مستمر

على الرغم من أن عادل إمام هو من جسد شخصية فارس في فيلم “الحريف”، إلا أن هناك جدلاً واسعًا حول البطل الحقيقي الذي استلهم منه الفيلم. القصة أثارت تساؤلات حول من هو الشخص الذي ألهم الكاتب بشير الديك لكتابة هذا العمل السينمائي المميز.

سعيد الحافي: الأسطورة الأصلية

يرى الكثيرون أن سعيد الحافي هو البطل الحقيقي لفيلم “الحريف”. فقد كان الحافي لاعب كرة شراب أسطوريًا في ستينيات وسبعينيات القرن الماضي، يتميز بمهاراته الاستثنائية وقدرته على التحكم بالكرة بشكل لا يصدق. الراحل محمد خان نفسه أكد أن الفيلم مبني على قصة حياة سعيد الحافي، وأن بشير الديك وصفه بأنه أحد أقرب الأفلام إلى قلبه. الحافي كان يلعب الكرة حافيًا، وهو ما يفسر تسميته بـ “الحافي”، وهي ميزة فريدة أثارت إعجاب الجمهور.

محيي أراجوز: المطالب بنسبته

لكن محيي أراجوز، وهو أسطورة أخرى في عالم الكرة الشراب، يصر على أن الفيلم يحكي قصته هو، وليس قصة الحافي. ويؤكد أنه هو من قام بتنفيذ بعض مشاهد لعب الكرة في الفيلم، بدلًا من عادل إمام الذي لم يكن يتمتع بمهارات كروية عالية. أراجوز يشير إلى أن تصوير الفيلم في منطقة القلعة، والتي كانت تعتبر معقلاً له في هذه اللعبة، دليل قاطع على أن الفيلم مستوحى من حياته. كما يطالب بأنه من غير المنطقي تصوير فيلم عن لاعب يلعب حافيًا، وعدم إظهار عادل إمام وهو يلعب حافيًا في المشاهد التي تصور مهاراته الكروية.

كواليس الفيلم وإعترافات أراجوز

يكشف أراجوز عن كواليس الفيلم، ويؤكد أنه جلس مع بشير الديك قبل البدء في التصوير، وأن الفكرة كانت تقديم قصة حياته. في البداية، لم يكن عادل إمام هو المرشح الأول لبطولة الفيلم، بل كان أحمد زكي. ويضيف أراجوز بتنهيدة، أنه تقاضى 500 جنيه فقط مقابل مشاركته في الفيلم، بينما حصل عادل إمام على 70 ألف جنيه. إلا أنه يضيف أن الفيلم كان بداية صداقة قوية بينه وبين عادل إمام، الذي وصفه بأنه شخص طيب وخيّر.

مصطفى محمود ويكشف السر: من صنع الكرة؟

في خضم الخلافات حول هوية البطل الحقيقي، يتدخل مصطفى محمود، أقدم صانع كرات في مصر، ليكشف لنا سرًا قد ينهي الجدل. هو من صنع الكرة التي استخدمت في تصوير فيلم “الحريف”، ويكشف أن الفيلم مستوحى من حياة سعيد الحافي، وأن أراجوز كان مجرد مستشار فني للفيلم، ساهم في تحسين بعض المشاهد الكروية. يؤكد محمود أن بشير الديك ومحمد خان التقيا بالحافي وأخذوا منه تفاصيل حياته، ليكون هو مصدر الإلهام الرئيسي للفيلم.

وفي الختام، يظل فيلم “الحريف” تحفة فنية خالدة في ذاكرة السينما المصرية، ولا يزال يثير الجدل حول هويته الحقيقية. سواء كان البطل هو سعيد الحافي أو محيي أراجوز، فإن الفيلم يظل رمزًا لفترة ذهبية في تاريخ الكرة الشراب المصرية، وشهادة على شغف المصريين بهذه اللعبة الشعبية. يمكنك البحث عن المزيد من التفاصيل حول تاريخ الكرة الشراب المصرية و أفلام عادل إمام الكلاسيكية و أساطير الكرة الشراب لفهم أعمق لهذا الفيلم وأبعاده.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى