الجار قبل الدار بقلم عبدالله الشمري
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورِّثه».
قبل أيام قليلة، تناقلت منصات التواصل الاجتماعي حدثا، أخذ حيزا كبيرا وتأثيرا بالغا لدى الجميع حتى ان صداه وصل للدول المجاورة، فالجميع معجب بموقف منقطع النظير، وهذا الإعجاب كانت له قصة سنتعرف على أبطالها، وبكل فخر نعلق لهم نجمة في رداء الكرامة والأخلاق الحميدة التي جبل عليها الطيبون وفطرة العرب وقيمهم السامية.
لذا، يذكر أن د.عبدالرحمن النصار الشمري من الرجال المعروفين ووالده بديوانهم وشبتهم كل يوم سبت يتوافد عليهم الجيران وأقاربهم والشخصيات العامة، وفي فصل الشتاء يضع الكراسي المريحة وأنواع القهوة الشمالية الداكنة والقهوة الشقراء وأنواع الشاي يختمها بتقديم العشاء الوافي لضيوفه. وفي هذه الأجواء الباردة، يوجد هناك «منقلين» لإشعال النار بهما ونحتاج إلى مزيد من الحطب الذي يتم توفيره من قبل صاحب الديوان. وفي كل أسبوع يلاحظ الدكتور ان الحطب الذي يستخدمه لشبة النار لم ينقص، بل في تزايد، عندئذ تعجب من ذلك، وقرر ان يراقب من الشخص الذي يأتي بهذا الحطب في كل مرة وقرر وضع كاميرات مراقبة على مكان الحطب، ولاحظ المفاجأة أن جاره هو من يقوم بتنزيل الحطب في بيته دون إخباره، لتكون مشاركة له ولا يريد أن يعرفه أحد.
تم تصوير هذا الفعل وتوثيقه بالكاميرا، لتبدأ قصة طيبة بين الجار وجاره وليكون ضمن قصص الطيب في الجيرة بين العرب وانتشرت بعدها التعليقات والإشادات والمدح لهذا الجار الكريم الشهم وهو الشيخ عبدالله آل خيوط السبيعي من أكابر سبيع، هذه القبيلة المعروفة بالكرم والجيرة، وهو جدير بالمدح فكل من عرفه أثنى على طيبه وكرمه، وهذا ليس مستغربا منه، فهو من فتح ديوانه منذ أكثر من 50 سنة ومازال مدهلا لكل طيب. ومن التعليقات التي أثارت صاحب القصة والديوان أن أحد المعلقين قال له معلقا بهذا المشهد: «هل تبيع جارك»؟ أو «هل تبيع منزلك»؟، فانفجرت قريحته بهذه الأبيات المعبرة والصادقة وهي:
قالوا تبيع الجار ورديت لالا
ما بيع جار به مراجل سجية
قالوا تبيع الدار قلت استحالا
ما نترك اللي جيرته كالهدية
عبدالله ال خيوط راع الدلالا
امقابل الضيفات صبح وعيشة
امعرب الجدين عم وخوالا
ومن لابة السبعان غلبا الأبية
ربعه نجوم في سمانا تلالا
بالطيب فازوا وبالشدايد قوية
ومن منبع صافي وعذب زلالا
ولا خالط المنيع عروق ردية
يفداه من يعرف بخبث الفعالا
ويفداه من أصبح لجاره رزية
أخو الذي لا صار فيها مجالا
أبو علي راعي الكفوف السخية
هذا الذي سبل جميع الحلالا
لأجل المريض اللي جروحه ندية
هذا جواب ورد للي يسالا
ما نفترق حتى تجينا المنية
وبهذه ننهي قصة طيبة تضاف إلى قصص الطيب والكرم، وتبقى خالدة ونبراسا لحسن الجيرة بين العرب وقدوة يقتدي بها كل طيب.