هل يواجه نتنياهو مصير زيلينسكي أمام ترامب؟

09:18 م
الإثنين 03 مارس 2025
وكالات
نشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، أمس الأحد، مقالًا للمحلل السياسي للصحيفة إيتمار آيخنر، أثار فيه التساؤل حول مستقبل العلاقة بين رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، وذلك عقب المشادة الكلامية الحادة التي تعرض فيها الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي للإهانة على يد ترامب في البيت الأبيض، حسب آريخنر.
ويرى آيخنر، أن تجربة زيلينسكي مع ترامب قد تتكرر مع نتنياهو، في حال تعارضت مصالح الطرفين.
ويستعرض آيخنر الفرق الواضح بين الاجتماع الأخير الذي جمع نتنياهو بترامب، والذي اتسم بالدفء والتفاهم، وبين اللقاء الذي جمع ترامب بزيلينسكي، حيث ساد التوتر والعداء.
وأشار إلى أنه في حين بدا نتنياهو وترامب قريبين ومنسجمين خلال اجتماعهما، ظهر زيلينسكي في البيت الأبيض محرجًا ومترددًا، وهو ما اعتبره آيخنر مؤشرًا على مدى هشاشة العلاقة التي قد تربط ترامب بأي زعيم إذا لم يتماشَ مع مصالحه.
ولفت المقال إلى أن لغة الجسد لعبت دورًا في إبراز الفروقات بين الاجتماعين، حيث بدا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي متوترًا ومنغلقًا على نفسه خلال اجتماعه بنظيره الأمريكي دونالد ترامب، فيما كان رئيس حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو مرتاحًا ومتفهمًا لطبيعة تعامله مع الرئيس الأمريكي السابق.
هل ينقلب ترامب على نتنياهو؟
ويرى آيخنر في مقاله الذي نشرته يديعوت أحرنوت، أن الدافع الرئيسي الذي يحكم علاقات دونالد ترامب الدولية هو “الرضا الشخصي والإحباط”، أي أن ولاءه لأي زعيم يرتبط بمدى توافقه مع مصالحه الشخصية وليس بالمصالح الإستراتيجية للولايات المتحدة نفسها.
وأشار آيخنر إلى أن إحدى القضايا التي قد تؤدي إلى تغيير موقف الرئيس الأمريكي من رئيس حكومة الاحتلال تتعلق بملف التطبيع بين إسرائيل والمملكة العربية السعودية. فترامب قد يعتبر أي مماطلة إسرائيلية في هذا الملف تهديدًا مباشرًا لمكاسبه السياسية والاقتصادية، لا سيما إذا رأى أن نتنياهو يعطل تحقيق إنجاز دبلوماسي يمكن أن يُحسب له شخصيًا.
وتابع: “كذلك، فإن ترامب، الذي يتطلع إلى استعادة مكانته الدولية، قد يسعى إلى إبرام اتفاق سلام واسع النطاق، وربما حتى صفقة تشمل الفلسطينيين، الأمر الذي قد يضع بنيامين نتنياهو في موقف صعب، لا سيما إذا حاول المناورة أو التملص من تقديم تنازلات”.
وقال المحلل الإسرائيلي، إنه علاوة على ذلك، فإن طبيعة تحالفات رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو الداخلية قد تشكل عامل توتر إضافي، خصوصًا إذا استمر في منح وزراء اليمين المتطرف مثل وزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي المستقيل إيتمار بن غفير دورًا رئيسيًا في حكومته. فإذا شعر الرئيس الأمريكي ترامب أن هؤلاء يعرقلون أي تحرك دبلوماسي أمريكي يخدم مصالحه، فقد ينقلب على نتنياهو بشكل مفاجئ، تمامًا كما فعل مع الرئيس الأوكراني زيلينسكي عندما اعتبره حجر عثرة أمام أهدافه.
وذكر إيتمار آيخنر في مقاله، أن هناك بُعدًا شخصيًا في العلاقة بين الرئيس الأمريكي ورئيس حكومة الاحتلال لا يمكن تجاهله، فترامب معروف بحساسيته الشديدة تجاه من يعتبر أنهم خدعوه أو لم يظهروا ولاءً كافيًا له. وفي حال وجد أن نتنياهو قد تلاعب به في أي ملف، أو وعده بشيء ولم ينفذه، فقد يغير موقفه منه رأسًا على عقب، وهو أمر سبق أن فعله مع حلفاء آخرين.
وحسب آيخنر، فإن كل هذه العوامل تضع نتنياهو في موقف لا يسمح له بالمناورة كثيرًا في علاقته مع ترامب. فهو يدرك أن أي خطأ أو سوء تقدير قد يحوله من “صديق البيت الأبيض” إلى “عدو مفاجئ”، كما حدث مع زيلينسكي، الذي وجد نفسه في مواجهة مباشرة مع رئيس أمريكي لا يتسامح مع من يعتبرهم عقبة أمام طموحاته الشخصية.
إسرائيل وحساسية العلاقة مع ترامب
ويؤكد المحلل السياسي في مقاله، أن إسرائيل، حتى الآن، تتماشى مع سياسات الرئيس الأمريكي ترامب وتحرص على عدم إغضابه، مستشهدًا في ذلك بتصويت تل أبيب إلى جانب واشنطن الشهر الماضي ضد مشروع قرار في الجمعية العامة للأمم المتحدة يدعو إلى الحفاظ على سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، ووقف الأعمال العدائية، والتوصل إلى حل سلمي للحرب الروسية ضد البلاد.
ويقول آيخنر، إن ذلك يعكس إدراك إسرائيل لحساسية العلاقة مع ترامب وعدم رغبتها في المخاطرة بخسارته، مشيرًا إلى أن نقطة التحول قد تأتي عندما تتعارض مصالح ترامب الشخصية مع المصالح الإسرائيلية.
ويخلص آيخنر إلى أن نتنياهو يدرك جيدًا أنه لا يمكنه مواجهة ترامب أو تحديه، بل عليه أن يحافظ على تنسيق كامل معه لتجنب أي مفاجآت غير مرغوبة. ولكن هذا التنسيق قد يفرض على إسرائيل تقديم تنازلات غير مرغوبة، مما يجعل نتنياهو في وضع لا يسمح له بالضغط على ترامب، بل على العكس، هو يعتمد عليه بشكل كامل.
ويشير إلى أن حادثة الرئيس الأوكراني كانت درسًا قاسيًا في الدبلوماسية، حيث بدا أن زيلينسكي وقع في فخ أعده له ترامب ونائبه جيه دي فانس، ولم يكن مستعدًا للتعامل معه. في المقابل، يبدو أن نتنياهو وفريقه، وخصوصًا وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر ومستشار الأمن القومي تساحي هنجبي، أكثر خبرة في التعامل مع ترامب ويدركون كيف يعمل تفكيره السياسي.
وبرغم العلاقة القوية بين ترامب ونتنياهو، يرى آيخنر أنه يبدو أن نتنياهو يسير بحذر شديد في علاقته مع ترامب، مدركًا أن أي خطأ قد يكلفه كثيرًا. وفي حين يخدمه تحالفه الحالي مع الرئيس الأمريكي، فإن المستقبل قد يحمل تغيرات غير متوقعة، خاصة إذا وجد ترامب أن مصالحه باتت تتطلب موقفًا مختلفًا تجاه إسرائيل.