قبل ترامب.. نصف قرن لـ”الحلم الصهيوني لتهجير غزة”: كيف تجهضه
04:09 م
الإثنين 27 يناير 2025
كتبت- أسماء البتاكوشي:
تهجير الفلسطينيين من أراضيهم هو حلم إسرائيلي يتجدد كل حين، سواء كان من الداخل، أو من حليفها الأكبر الولايات المتحدة الأمريكية، الحلم الذي كثر الحديث بشأنه خلال الأيام الماضية، من خلال مقترح للرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي دعا فيه إلى نقل سكان قطاع غزة البالغ عددهم نحو 2.5 مليون نسمة إلى الدول المجاورة وهي مصر والأردن، زاعمًا أن القطاع في حالة “فوضى عارمة”.
مقترح الرئيس الأمريكي الذي لاقى رفضًا قاطعًا من قبل مصر والأردن، لم يكن الأول من نوعه في مخططات تهجير الفلسطينيين التي تنوعت ما بين تصريحات وخطط رسمية لاسيما أمريكية- إسرائيلية، والتي عادة ما تنتهي بعدم التنفيذ، خاصة بعد اندلاع حرب غزة في 7 أكتوبر 2023، وتسريب معلومات عن خطة منسوبة لجهات إسرائيلية تفضي تهجيرهم إلى شبه جزيرة سيناء.
ورفضت مصر أي تهجير قسري للفلسطينيين، إذ أكدت في بيان صادر عن وزارة الخارجية، أمس الأحد، استمرار دعمها لحقوق الشعب الفلسطيني المشروعة في أرضه ووطنه، رافضة المساس بتلك الحقوق غير القابلة للتصرف من خلال الاستيطان أو ضم الأرض أو عن طريق إخلاء تلك الأرض من أصحابها من خلال التهجير أو تشجيع نقل أو اقتلاعهم من أرضهم بشكل مؤقت أو طويل الأجل”.
ولطالما أعربت مصر عن رفضها لأي مخططات من قبل إسرائيل لتهجير الشعب الفلسطيني، ففي بداية الحرب التي شنها الاحتلال على غزة، تم تسريب خطة منسوبة لجهات إسرائيلية، والتي تتضمن نقل المدنيين في القطاع الفلسطيني إلى “مخيمات” في شبه جزيرة سيناء المصرية، تليها بناء مدن دائمة وإنشاء ممر إنساني، وهو ما قوبل برفض قاطع من القاهرة، من خلال تصريحات رسمية آنذاك.
وآنذاك أكد الرئيس عبد الفتاح السيسي، أن ملايين المصريين مستعدون للتظاهر تعبيرًا عن رفض تهجير الفلسطينيين من غزة، موضحًا أن مصر فيها 105 ملايين مواطن، والرأي العام المصري والعربي يتأثر ببعضه، كما أعرب عن رفض القاهرة تصفية القضية الفلسطينية عن طريق تهجير الفلسطينيين من أراضيهم، إذ اقترح نقلهم إلى صحراء النقب بدلا من سيناء حتى لا تنجر القاهرة لصراع مع تل أبيب.
مخططات التهجير.. تاريخ يمتد لعقود
ويعتبر المخطط قديمًا، بدأ التفكير فيه بداية السبعينيات، بعدما سعت إسرائيل لترحيل الآلاف من فلسطينيي غزة لسيناء، لكنه توقف بعد حرب 6 أكتوبر 1973 ونجاح مصر في استعادة أراضي سيناء، ومع بداية عام 2000 عاد التفكير فيه مجددًا، بعدما اقترح الجنرال الإسرائيلي جيورا آيلاند، الذي شغل منصب رئيس قسم التخطيط في جيش الاحتلال الإسرائيلي ورئيس مجلس الأمن القومي، تطوير المقترح -الذي سُمى باسمه- تنفيذ المخطط اعتبارًا من عام 2005.
وفي سياق متصل أكد الرئيس الأسبق محمد حسني مبارك في تسريب صوتي له أنه في لقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، جدد الأخير اقتراحه بتوطين الفلسطينيين في سيناء لتخفيف العبء السكاني والتكدس بغزة، إذ قال مبارك إن نتنياهو كان قد التقى به ومعه خريطة، وتناقشا في قضايا عدة، ثم فوجئ بنتنياهو يقول: إنهم يرغبون في نقل الفلسطينيين إلى هذه المنطقة، مشيرًا بيده إليها على الخريطة.
وأوضح الرئيس الأسبق في التسريب الصوتي، أنه اكتشف أن المنطقة المشار إليها هي سيناء، مضيفًا أن نتنياهو كان يهدف من عرض الاقتراح جس نبضه، ولذلك واجهه بحسم، وقال له “لقد حاربنا من أجل هذه الأرض، ما تقوله سيتسبب في حرب جديدة بيننا وبينكم”، فرد نتنياهو قائلا “لا نريد حربا جديدة”، وأغلق الملف.
بينما في عام 2018، كشف الرئيس الفلسطيني محمود عباس أبو مازن، في كلمة له أمام المجلس الوطني الفلسطيني في رام الله، رفضه عرض من الرئيس المصري الأسبق محمد مرسي، بالحصول على قطعة من سيناء لتوطين لتوطين الفلسطينيين بها، قائلًا إنه خلال تولي جماعة الإخوان الحكم، عُرض عليه الحصول على قطعة من سيناء، لكنه رفض لكون المشروع إسرائيليًا، ويهدف لتصفية القضية الفلسطينية تمامًا.
وأكد عباس أنه أبلغ مرسي أن الفلسطينيين لن يقبلوا ذلك، ولن يتركوا أرضهم، ويعيشوا على أراضي الغير، لافتًا إلى أن مشروع توطين الفلسطينيين بسيناء كان مطروحًا للتشاور بين حركة حماس وإسرائيل لاقتطاع 1000 كيلومتر من أراضي سيناء لتوسيع غزة، لكنه رفض المشروع قائلًا: “لن نأخذ أي سنتيمتر واحد من أرض مصر”.
وذكر أبو مازن أن مرسي عاتبه على رفض العرض، وقال له باللهجة المصرية العامية: “وأنت مالك انت.. هتاخد أرض وتوسع غزة”، موضحًا أن وزير الدفاع آنذاك الفريق أول عبدالفتاح السيسي أصدر قرارًا بأن أراضي سيناء أمن قومي ووطني وأغلق هذا المشروع.
مشروع جيورا آيلاند
وتتضمن تفاصيل المشروع مضاعفة مساحة قطاع غزة 3 مرات، ويكون ذلك بضم 600 كيلومتر مربع أو أكثر من سيناء لتوطين الفلسطينيين بغزة بها، مع منح القطاع في حجمه الجديد إمكانية إنشاء مطار دولي على بعد 25 كيلو مترًا مربعًا من الحدود مع إسرائيل، فضلًا عن بناء مدينة جديدة تستوعب مليون شخص على الأقل.
وكان المخطط يستهدف اقتطاع مناطق من سيناء تشمل جزءًا من الشريط الممتد بنحو 24 كيلومترًا على طول شاطئ البحر المتوسط من رفح غربا حتى العريش، بالإضافة إلى شريط يقع غرب كرم أبو سالم جنوبًا، ومقابل هذه الزيادة تعطي إسرائيل لمصر منطقة جنوب غرب النقب، حسب ما أفادت به مصادر مصرية لـ”العربية نت”.
ووفق المصادر، فإن الخطة عرضها المبعوث الأمريكي الأسبق دنيس روس، على الرئيس المصري الأسبق حسني مبارك مقابل 12 مليار دولار، ومساحة من الأراضي في النقب، ولكنه رفضها. وجددتها واشنطن وتل أبيب على جماعة الإخوان فور وصولها للحكم مقابل 20 مليار دولار، ووافقوا، لكنها قوبلت بقرارات حاسمة ورافضة من الجيش المصري ووزير الدفاع آنذاك عبدالفتاح السيسي.