“عيون على الأرض” في مصر.. مشاريع ومبادرات بيئية لحماية الكوك
09:24 م
السبت 08 يونيو 2024
– مارينا ميلاد:
الجو تشتد حرارته.. فيهرع عثمان طالب، الشاب اللبناني، مع أصدقائه الخمسة لإخماد الحرائق التي تندلع بشمال لبنان، معتمدًا على إمكانيات بسيطة وخبرة كبيرة. في وقت يعمل مهدي بن سيرة على تهيئة الطريق الذي يستقبل غاز الأطلسي بولايته “سعيدة” بالجزائر.. وفي ناحية أخرى ووسط أجواء مُغايرة تمامًا، يحاول سعد حناني استخلاص المادة التي يحتاجها من قشور البرتقال ليصنع منها خيوطًا وملابس في فلسطين.
كان لهذه الأفكار ولأصحابها نصيب من الاحتفاء والتكريم في مسابقة وحملة “عيون على الأرض – Eyes on Earth”، التي أطلقها برنامج الاتحاد الأوروبي لدول الجوار الجنوبي، وأقيم حفلها على مسرح المتحف القومي للحضارة المصرية.
ثمانية مشروعات بلغت النهائيات بهذه المسابقة، التي انطلقت العام الماضي، وتوجهت لفئتي “الأفراد” و”منظّمات المجتمع المدني”، بهدف الحفاظ على الغابات والبيئة بطرق مبتكرة ومستدامة، تماشيا مع الاستراتيجيّة الأوروبيّة الجديدة للغابات 2030.
ومن بين تلك المشروعات، فاز خمسة؛ الأول لأديب داده، المهندس اللبناني، الذي دفعته رائحة الصرف الصحي ومشكلته على نهر بيروت ناحية إعادة تهيئة الغابات والمساحات الخضراء بالمدينة مرة أخرى. فيقول: “ما يحفزني حقًا هو القدرة على جذب الناس إلى المناطق المقفرة والمتدهورة وجعلهم يشاركون، ينظفون ويزرعون شجرة بالفعل”.
والمشروع الثاني، كان لكامل فيراح، الطبيب البيطري الذي ركز على زراعة أشجار الفستق الجديدة في مناطق السد الأخضر بالجزائر، ذلك السد الذي يحد من تقدم الرمال (التصحر) نحو الشمال.. فيرى أن “أشجار السد الموجودة غير مثمرة ولا تتحمل الأمراض بعكس أشجار الفستق المقاومة وذات الإنتاجية الأعلى”.
يحمل “كامل” جائزته عن هذا المشروع، ثم يقول “إن هذا التكريم حافز ودافع كبير له، ليستمر فيما يفعله”.
أما المشروع الثالث، فيخص عثمان طالب وفريقه، هؤلاء المصورون الهواة الذين امتلكوا خبرة إطفاء حرائق الغابات بشمال لبنان لكثرتها خلال آخر 8 سنوات، فقرروا أن يؤسسوا مشروعًا غير ربحي، للاستطلاع بـ”الدرون” والمراقبة لسرعة إخماد الحرائق والحفاظ على الغابات وما بها.
لكن مازالت أكبر مشكلات “عثمان” هي مسألة التمويل، لكنه يتعشم أن يكون هذا التكريم “بداية خير لمشروعه” – حسب وصفه.
فيما انتزع مهدي بن سيرة، بمشروعه آفاق المحيط، الجائزة الثانية في فئة مبادرات المجتمع المدني، حيث جذب الانتباه بفكرته في حماية طريق غاز الأطلسي، الذي يمر عبر ولاية سعيدة الجزائرية – حيث يسكن “مهدي” – ليصل بعدها إلى أفريقيا.
يريد “مهدي” وفريقه المكون من 30 شخصًا إعادة تجهيز هذا الطريق وإعداد نقاط مياه، والحفاظ على نباتاته النادرة. وربما هو أفضل حالا من “عثمان”. إذ يتلقى دعما ماليا من المعهد الفرنسي، لكن الأهم بالنسبة له هو “انتشار مشروعه، وأن يعرف الناس ولاية (سعيدة) وما بها من أماكن تستحق الزيارة”.
ثم نال الفلسطيني سعد حناني (24 سنة)، الجائزة الأخيرة الخاصة بلجنة التحكيم والتصويت. وذلك بمشروعه الذي تتلخص فكرته في تحويل قشور البرتقال باستخلاص مادة السيليلوز منها إلى خيوط وملابس.
واعتبر “سعد” أن هذه الجائزة “دليل على أن الشباب الفلسطيني رغم كل الظروف الصعبة قادر على أنه يشارك وينافس ويفوز”.
تنافست تلك المشروعات ضمن 225 مشروعًا، منها 137 لفئة الابتكار البيئي، و88 لفئة مبادرات المجتمع المدني من الدول العربية الثمانية في منطقة جنوب البحر الأبيض المتوسط: الجزائر، مصر، الأردن، لبنان، ليبيا، المغرب، فلسطين، وتونس.
وتقول جومانة بريحي (مسؤولة فريق برنامج الجوار الجنوبي للاتحاد الأوروبي) إن “هذه هي حملتنا الثالثة المتعلقة بالبيئة لمدة ثلاث سنوات متتالية. لقد بدأنا بمسابقة (عيون على الأخضر) كمسابقة عامة لريادة الأعمال الخضراء، ثم حملة (عيون على الأزرق)، للاعتراف بمشاكل المياه، أما هذا العام، فقررنا أن نبقي أعيننا على الغابات، والتي تعتبر مهمة جدًا لكوكبنا”.
وتعتقد “جومانة” أن التحدي الذي يواجه مشروعهم خلال تلك الحملات هو “أن البيئة ليست ضمن الاهتمامات الأولى للناس”، لكنهم، كما تقول، “مستمرون في التوعية، وهو ما حدث في مصر، فمصر ليس بها غابات، لذا قام الفريق بالتوعية بالمدارس”.
وتدخل مسابقة “عيون على الأرض” في إطار تعاون بين برنامج الجوار الجنوبي التابع للاتحاد الأوروبي وعدد من الشركاء بينهم سويتش ميد، مركز MedWaves، والآلية الأوروبيّة للمعهد الأوروبي للغابات بدعم من برنامج التّعاون عبر الحدود في حوض البحر الأبيض المتوسط للآلية الأوروبية للجوار.
وأبدى السفير كريستيان برجر (رئيس وفد الاتحاد الأوروبي لدى مصر)، خلال حفل تكريم المشروعات الفائزة، سعادته بالحملة والمشروعات التي نتجت عنها. وقال لأصحابها: ” أنتم تنقذون مستقبلكم، والقليل من مستقبلي أيضًا. أعتقد أننا جميعا بحاجة إلى العمل معا للتأكد من أننا نستطيع تحقيق الأهداف التي وضعها العالم لنفسه، للحد من الانبعاثات المسببة للاحتباس الحراري وتحقيق الأهداف المناخية”.
ثم استكمل حديثه حول عمل الاتحاد الأوروبي في مصر، قائلا: “هنا، نحن نقوم بالكثير من العمل فيما يتعلق بالبيئة، خاصة تجاه مسألتي الطاقة المتجددة، ومعالجة المياه.. أعتقد أن هذين الجانبين مهمان فيما فعلتموه في هذه المنافسة، وفيما ستفعلونه في الأيام القادمة”.
اقرأ أيضا:
حرب المناخ على الأرزاق.. كيف بدل التغير المناخي حياة جمعة وإبراهيم وماجد؟