تأثير قلة النوم على شيخوخة الدماغ
كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة “eBioMedicine” أن قلة النوم والعادات الليلية غير الصحية لا تقتصر آثارها على التقلبات المزاجية أو صعوبة التركيز خلال النهار، بل يمكن أن تسرع أيضا من شيخوخة الدماغ بمعدل ملحوظ. ووفقا لنتائج الدراسة، التي شملت أكثر من 27 ألف شخص من متوسطي وكبار السن، فإن الأشخاص الذين يعانون من أسوأ أنماط النوم، كانت أدمغتهم أكبر بعام كامل من أعمارهم الفعلية. هذا يعني أن قلة النوم يمكن أن تؤدي إلى تقدم الدماغ في العمر البيولوجي بشكل أسرع، وهو ما قد يزيد من خطر الإصابة بأمراض مثل الخرف.
خمس عادات نوم تسرع شيخوخة الدماغ
ركز الباحثون في هذه الدراسة على خمس عادات رئيسية ثبت أنها ترتبط بشكل مباشر بتقدم الدماغ في العمر البيولوجي. هذه العادات هي: السهر لوقت متأخر ليلا، الأرق المزمن، الشخير، النوم لأقل من 7 ساعات يوميا، والشعور المفرط بالنعاس خلال النهار. وأشار فريق البحث إلى أن كل عادة من هذه العادات يمكن أن تضيف نحو نصف عام إلى عمر الدماغ، بينما كان للسهر والشخير التأثير الأكبر على الإطلاق. أظهرت البيانات أن 59% من المشاركين يعانون من نوم غير صحي، مقابل 41% فقط يتمتعون بعادات نوم جيدة، ما يشير إلى أن اضطرابات النوم أصبحت ظاهرة واسعة الانتشار تؤثر على صحة الدماغ لدى فئة كبيرة من الناس.
تأثير قلة النوم على الالتهابات
ويرجح العلماء أن السبب وراء هذا التأثير يكمن في الالتهابات الناتجة عن قلة النوم. إذ يؤدي الحرمان من الراحة إلى تحفيز استجابات التهابية في الجسم، يمكن أن تسبب مع مرور الوقت تلفًا في خلايا الدماغ وتزيد خطر الإصابة بأمراض مثل الخرف. وقد أكد الباحثون أن هذه النتائج تقدم دليلا علميا قويا على أن النوم الجيد ليس رفاهية، بل ضرورة أساسية للحفاظ على صحة الدماغ. وأشاروا إلى أن جميع المشاركين في الدراسة لم تظهر عليهم أي علامات لأمراض عصبية في البداية، ما يعزز فرضية أن نمط الحياة، خاصة جودة النوم، يؤدي دورا مهما في الحفاظ على شباب الدماغ ووظائفه على المدى الطويل.
أهمية النوم الجيد
تشير هذه الدراسة إلى أن تحسين جودة النوم يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على صحة الدماغ وتأخير شيخوخته. لذلك، من الضروري الاهتمام بعادات النوم الصحية وتجنب العادات الضارة مثل السهر لوقت متأخر والشخير. وفي هذا السياق، يمكن أن تكون ممارسات مثل الحفاظ على روتين نوم منتظم وتجنب المنبهات قبل النوم مفيدة في تحسين جودة النوم. ومن خلال الاهتمام بصحتنا النومية، يمكننا أن نسهم في الحفاظ على صحة أدمغتنا وتأخير شيخوختها.
ختاما، تؤكد هذه الدراسة على الأهمية الكبيرة للنوم الجيد في الحفاظ على صحة الدماغ وتأخير شيخوخته. من خلال تحسين عادات النوم وتجنب العادات الضارة، يمكننا أن نسهم في الحفاظ على شباب أدمغتنا ووظائفه على المدى الطويل. كما أن هذه النتائج تشجع على إجراء المزيد من الأبحاث حول تأثير النوم على صحة الدماغ وتطوير استراتيجيات لتحسين جودة النوم لدى الأفراد.
