شنودة مؤمن.. حكاية شاب كفيف أصبح حدوته بالمنيا بسبب مهارته في الحدادة

المنيا – جمال محمد:
في قرية دير البرشا الهادئة التابعة لمركز ملوي بشرق النيل جنوب محافظة المنيا، يعلو صوت المطرقة على سندان الحديد، فينساب صداه إلى الأزقة المجاورة، ووسط شرر النار ووهج المعدن الساخن يقف الطفل شنودة مؤمن، ذو الثلاثة عشر عامًا، صلب العزيمة رغم نعومة سنواته، يقبض على أدوات الحدادة بيدين صغيرتين، لكنهما ممتلئتان بالإصرار.
شنودة وُلد فاقد البصر نتيجة عيب خلقي في عينيه، إلا أن الظلام لم يحجب عنه نور الطموح.
قبل عام ونصف فقط، دخل ورشة الحدادة ليتعلم صنعة الرجال، ويخفف عن والده العامل الزراعي عبء المعيشة، فسرعان ما التقطت كاميرات أهالي قريته صورًا ومقاطع قصيرة له وهو يطرق الحديد بثقة، لتتحول حكاية الفتى إلى حديث مواقع التواصل الاجتماعي، ويتفاعل الآلاف مع قصته الملهمة.
يقول شنودة بابتسامة يكسوها الأمل: «أقضي أربعة أيام كل أسبوع في مدرسة النور للمكفوفين بمدينة المنيا، ثم أعود لقريتي لأعمل ثلاثة أيام في الورشة.. أريد أن أعتمد على نفسي، وأحلم بأن أصبح مهندسًا في المستقبل».
أما والدته، فتصف ابنها بأنه “رجل صغير منذ نعومة أظافره”، مشيرة إلى أن رحلة علاجه الطويلة لم تُثمر عن استعادة بصره، لكنها أظهرت معدن إرادته الصلب.
تضيف الأم بفخر: «أكبر مكافأة لابني أن يراه الجميع قدوةً في العمل والكفاح، كأنه من الأصحاء وربما أقوى».
قصة شنودة لم تمر مرور الكرام على المسؤولين؛ فقد وجّه اللواء عماد كدواني محافظ المنيا، بمساعدة الأسرة وإعادة بناء قطعة أرض تخص الطفل، وتنفيذ مطالبه التي تعينه على استكمال مسيرة تعليمية ومهنية فريدة.
هكذا، يرسم فتى دير البرشا ملامح مستقبل مختلف، مثبتًا أن البصيرة تتفوق على البصر، وأن الإرادة الصلبة قادرة على تشكيل الحديد كما تشكل مصائر أصحابها.
رابط البث المباشر












