تثير صبغات الشعر الدائمة قلقًا متزايدًا بين الكثيرين، خاصةً مع انتشار استخدامها الواسع. فبين الرغبة في الحصول على مظهر جذاب وتغيير لون الشعر، تكمن مخاطر صحية محتملة مرتبطة بمكونات هذه الصبغات، وعلى رأسها مادة بارا فينيلين ديامين (PPD). هذا المقال سيتناول بالتفصيل المخاطر الصحية المرتبطة بـ صبغات الشعر الدائمة، وكيفية تقليلها، بالإضافة إلى البدائل المتاحة.
ما هي مادة بارا فينيلين ديامين (PPD) ولماذا تثير القلق؟
بارا فينيلين ديامين (PPD) هي مادة كيميائية تنتمي إلى مجموعة الأمينات العطرية، وتعتبر المكون الأساسي في معظم صبغات الشعر الدائمة الذي يمنحها القدرة على تثبيت اللون لفترة طويلة. يعمل الـ PPD على تفاعل مع الأكسجين في الهواء لتكوين جزيئات كبيرة تحبس صبغة اللون داخل الشعر. ولكن، ورغم فعاليته في تثبيت اللون، إلا أنه المصدر الرئيسي للمشاكل الصحية المحتملة المرتبطة باستخدام هذه الصبغات.
المخاطر الصحية لصبغات الشعر الدائمة: ردود الفعل التحسسية
أحد أكثر المخاطر شيوعًا المرتبطة بـ صبغات الشعر الدائمة هو التحسس الجلدي. يمتص الجسم كميات صغيرة من الـ PPD أثناء عملية الصبغ، وهذا الامتصاص قد يكفي لإحداث رد فعل تحسسي لدى بعض الأشخاص.
أنواع التحسس الجلدي
- التهاب الجلد التماسي: يظهر على شكل احمرار وحكة في فروة الرأس أو حولها، وقد ينتشر إلى مناطق أخرى من الجسم.
- التحسس الجلدي: رد فعل أكثر حدة يتضمن تورمًا وتقرحات وحكة شديدة.
تشير الإحصائيات إلى أن حوالي 1.5% من الأشخاص قد يعانون من حساسية تجاه الـ PPD، بينما ترتفع هذه النسبة إلى 6% لدى الأشخاص الذين يعانون بالفعل من مشاكل جلدية مثل الأكزيما أو الطفح الجلدي. عادةً ما تظهر أعراض التحسس بعد حوالي 72 ساعة من ملامسة الجلد للمادة.
هل يمكن أن تسبب صبغات الشعر السرطان؟
هذا سؤال يطرحه الكثيرون. صنفت الوكالة الدولية لبحوث السرطان (IARC) صبغات الشعر على أنها “مسرطنة على الأرجح” عند التعرض المهني، أي بالنسبة لأولئك الذين يتعاملون معها بشكل مستمر في صالونات التجميل. ومع ذلك، أوضحت الوكالة أن الاستخدام الشخصي العرضي لا يعتبر سببًا مباشرًا للإصابة بالسرطان.
دراسة شاملة استمرت 36 عامًا لم تجد صلة واضحة بين استخدام صبغات الشعر الدائمة وخطر الإصابة بمعظم أنواع السرطان. لكن، هناك بعض الأدلة التي تشير إلى وجود ارتباط محتمل بين الاستخدام المتكرر لصبغات الشعر وأنواع فرعية معينة من السرطان، مثل سرطان الثدي السلبي لمستقبلات الإستروجين وسرطان الخلايا القاعدية. ومع ذلك، لا تزال هذه النتائج غير حاسمة وتتطلب المزيد من الدراسات المتعمقة.
التسمم الحاد بـ PPD: خطر نادر ولكنه قاتل
على الرغم من ندرته، إلا أن التسمم الحاد بـ PPD يمكن أن يكون خطيرًا للغاية. يحدث هذا التسمم في حالة ابتلاع المادة عن طريق الفم، مما قد يؤدي إلى فشل سريع وشديد في وظائف الأعضاء الحيوية. تشمل الأعراض الشائعة تورمًا في الرقبة والمجاري الهوائية (وذمة وعائية عصبية)، وقد يكون هذا التورم قاتلاً إذا لم يتم علاجه على الفور.
بدائل صبغات الشعر الدائمة: خيارات أكثر أمانًا
مع تزايد الوعي بالمخاطر الصحية المحتملة لـ صبغات الشعر الدائمة، ظهرت بدائل أكثر أمانًا في السوق. تستخدم بعض هذه المنتجات “كبريتات البارا-تولوين ديامين” (PTDS) كبديل للـ PPD، حيث تعتبر أقل تسببًا للحساسية. ومع ذلك، يجب الانتباه إلى أن حوالي نصف الأشخاص الذين يعانون من حساسية تجاه الـ PPD قد يتفاعلون أيضًا مع PTDS.
بالإضافة إلى ذلك، هناك صبغات الشعر الطبيعية والعضوية التي تعتمد على مكونات نباتية مثل الحناء والكارا، والتي تعتبر خيارات آمنة بشكل عام، ولكنها قد لا تقدم نفس نطاق الألوان أو الثبات الذي توفره الصبغات الدائمة.
كيف تقلل من مخاطر استخدام صبغات الشعر؟
حتى مع استخدام صبغات الشعر الدائمة التي تحتوي على PPD، هناك بعض الاحتياطات التي يمكنك اتخاذها لتقليل المخاطر:
- اختبار الحساسية: قم بإجراء اختبار حساسية على منطقة صغيرة من الجلد (مثل خلف الأذن) قبل 48 ساعة من استخدام الصبغة.
- ارتداء القفازات: استخدم دائمًا القفازات الواقية عند تطبيق الصبغة.
- التهوية الجيدة: تأكد من أن المكان جيد التهوية أثناء استخدام الصبغة.
- الالتزام بالتعليمات: اتبع التعليمات الموجودة على عبوة الصبغة بعناية.
- الاستشارة الطبية: إذا كنت تعاني من أي مشاكل جلدية أو حساسية معروفة، استشر طبيبك قبل استخدام أي صبغة شعر.
خلاصة
صبغات الشعر الدائمة هي وسيلة شائعة لتغيير لون الشعر، ولكنها تحمل مخاطر صحية محتملة، وعلى رأسها التحسس الجلدي واحتمالية الإصابة بأنواع معينة من السرطان. من خلال فهم هذه المخاطر واتخاذ الاحتياطات اللازمة، يمكنك تقليلها والاستمتاع بمظهر شعر جديد بأمان. كما أن استكشاف البدائل الطبيعية والعضوية يمكن أن يكون خيارًا جيدًا للأشخاص الذين يبحثون عن حلول أكثر أمانًا. لا تتردد في استشارة طبيب جلدية للحصول على نصائح مخصصة تناسب حالتك الصحية.
