منوعات

سلاح كوريا السري ضد الأمراض.. طبق تقليدي يعزز المناعة بقوة

الكيمتشي الكوري، هذا الطبق التقليدي المعروف بنكهته الحادة والمنعشة، لم يعد مجرد إضافة لذيذة للمائدة، بل تبين أنه حليف قوي للجهاز المناعي. فقد أكدت دراسة علمية حديثة أن الكيمتشي المخمر يمتلك القدرة على إحداث تحولات إيجابية وملحوظة في دفاعات الجسم، مما يجعله غذاءً واعدًا للصحة العامة. هذا الاكتشاف الجديد يفتح الباب أمام فهم أعمق للفوائد الصحية للغذاء المخمر، ويسلط الضوء على أهمية التغذية الصحية في تعزيز المناعة.

ما هو الكيمتشي ولماذا هو مميز؟

الكيمتشي هو طبق كوري تقليدي يتكون أساسًا من الخضروات، وأشهرها الملفوف، المخللة والمتبلة بمجموعة متنوعة من التوابل، بما في ذلك الفلفل الأحمر، والثوم، والزنجبيل، وصلصة السمك. عملية التخمير هي التي تمنح الكيمتشي نكهته الفريدة وفوائده الصحية المتعددة. لا يقتصر دور الكيمتشي على كونه طبقًا جانبيًا، بل يعتبر جزءًا أساسيًا من الوجبة الكورية، ويقدم مع معظم الأطباق.

تاريخيًا، كان الكيمتشي وسيلة لحفظ الخضروات خلال فصل الشتاء، لكنه تطور ليصبح رمزًا ثقافيًا كوريًا ومركبًا حيويًا غنيًا بالبكتيريا النافعة، مما يجعله غذاءً خارقًا حقيقيًا.

دراسة علمية تثبت قوة الكيمتشي المناعية

أجرى المعهد العالمي للكيمتشي، وهو مركز أبحاث كوري جنوبي ممول حكوميًا، دراسة مفصلة استمرت 12 أسبوعًا على مجموعة من البالغين الذين يعانون من زيادة الوزن. قسمت الدراسة المشاركين إلى ثلاث مجموعات: مجموعة تناولت دواءً وهميًا، ومجموعة أخرى تناولت مسحوق الكيمتشي المخمر طبيعيًا، والمجموعة الثالثة تناولت مسحوق الكيمتشي المُخمر باستخدام بادئات الخميرة.

هذه الدراسة المبتكرة لم تعتمد على الملاحظات التقليدية، بل استخدمت تقنيات تحليل الجينات داخل خلايا الدم البيضاء، وتحديدًا الخلايا الوحيدة النواة، لرصد التغيرات الدقيقة التي تطرأ على الاستجابة المناعية. هذه الطريقة المتقدمة أتاحت للباحثين فهمًا أعمق لكيفية تأثير الكيمتشي على آليات الدفاع في الجسم.

كيف يقوي الكيمتشي جهاز المناعة؟

أظهرت نتائج الدراسة أن تناول الكيمتشي، بغض النظر عن طريقة التخمير، يحسن وظيفة الخلايا العارضة للمستضد (APCs). هذه الخلايا تلعب دورًا حيويًا في التعرف على مسببات الأمراض مثل الفيروسات والبكتيريا، ومن ثم تنشيط بقية الجهاز المناعي.

توازن الاستجابة المناعية

إضافة إلى ذلك، لاحظ الباحثون تحسنًا في تمايز الخلايا التائية CD4+، وهي خلايا مسؤولة عن تنسيق الاستجابة المناعية. الأهم من ذلك، أن هذه الخلايا تمايزت إلى أنواع دفاعية وتنظيمية بتوازن مثالي. هذا التوازن ضروري للغاية، فهو لا يعزز فقط قدرة الجسم على مكافحة العدوى، بل يساعد أيضًا في تهدئة الجهاز المناعي بعد القضاء على التهديد. هذا يمنع الالتهابات المزمنة أو الهجمات المناعية الذاتية.

صرح الدكتور وو جاي لي، قائد الفريق البحثي، بأن الكيمتشي يظهر “تأثيرين متزامنين لم يسبق ملاحظتهما بهذا الشكل من قبل: تنشيط الخلايا الدفاعية وفي الوقت نفسه قمع الاستجابة المفرطة”. وهذا يعني أن الكيمتشي يعمل على تعديل جهاز المناعة لجعله أكثر كفاءة و أقل عرضة للاضطرابات.

الكيمتشي كـ “غذاء وظيفي” ومستقبل الأبحاث

على الرغم من أن كلا نوعي الكيمتشي أظهرا تحسنًا في الاستجابة المناعية، إلا أن الكيمتشي المُخمر باستخدام بادئات الخميرة كان له تأثير أقوى. هذا يشير إلى أن التحكم في عملية التخمير يمكن أن يزيد من الفوائد الصحية للكيمتشي.

هذه النتائج الهامة، التي نُشرت في مجلة npj Science of Food المرموقة، تفتح آفاقًا جديدة لتطوير الكيمتشي كـ غذاء وظيفي، أي غذاء يقدم فوائد صحية تتجاوز مجرد القيمة الغذائية الأساسية.

يهدف الباحثون الآن إلى الانتقال بالكيمتشي من كونه مجرد طبق تقليدي لذيذ إلى غذاء مدعوم علميًا لتعزيز المناعة. كما يعتقدون أن هذه النتائج يمكن أن تمهد الطريق لتطوير أطعمة صحية أخرى مُحسّنة، وربما حتى تحسين فعالية اللقاحات أو المساهمة في الوقاية من أمراض المناعة الذاتية. البروبيوتيك الموجود في الكيمتشي قد يكون له دور كبير في هذه التطورات.

باختصار، فإن الكيمتشي ليس مجرد طبق جانبي كوري حار، بل هو كنز دفين من الفوائد الصحية، وخاصة فيما يتعلق بتقوية وتعزيز الجهاز المناعي. مع استمرار الأبحاث، يمكننا أن نتوقع اكتشاف المزيد من الفوائد لهذا الطعام الفريد والمدهش.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى