دراسة تحذر.. من محاولة الحمل فور إيقاف أدوية التخسيس

أثارت دراسة حديثة قلقًا متزايدًا بين النساء اللواتي يسعين للحمل، واللواتي يتناولن أدوية لـ التحكم في الوزن، خاصةً من فئة منشطات مستقبلات الببتيد-1 الشبيهة بالغلوكاغون (GLP-1s). هذه الأدوية التي تشمل أسماءً معروفة مثل “أوزمبيك” و”ويغوفي” و”زيببوند”، أصبحت شائعة في مساعدة الأشخاص على فقدان الوزن، ولكن هل يمكن أن يكون هناك ثمن للتوقف عن تناولها قبل الحمل؟ هذا ما تحاول الدراسة، المنشورة في مجلة الجمعية الطبية الأمريكية (JAMA)، أن تلقي الضوء عليه. وبينما ينصح الأطباء بالتوقف عن هذه الأدوية بمجرد تأكيد الحمل، تشير البيانات الجديدة إلى أن التوقف قبل الحمل قد لا يكون خيارًا آمنًا كما كان يُعتقد.
العلاقة بين التوقف عن أدوية التحكم في الوزن ومضاعفات الحمل
قاد فريق بحثي في نظام ماساتشوستس العام بريغهام الصحي، بقيادة الدكتورة جاكلين مايا، مراجعة شاملة لبيانات مئات حالات الحمل. ركزت الدراسة على تحليل سجلات حوالي 450 امرأة ممن كنّ يعانين من السمنة واستخدمن أدوية GLP-1s قبل الحمل أو في بدايته. متوسط مؤشر كتلة الجسم (BMI) للمشاركات كان حوالي 36، مما يضعهن في فئة السمنة المفرطة.
أظهرت النتائج ارتباطًا مقلقًا بين التوقف عن هذه الأدوية وزيادة خطر بعض المضاعفات الخطيرة التي قد تؤثر على صحة الأم والجنين. لم تقتصر النتائج على مخاطر صحية بسيطة، بل امتدت لتشمل حالات قد تهدد الحياة.
المضاعفات الرئيسية المرتبطة بالتوقف عن العلاج
توصلت الدراسة إلى أن النساء اللواتي توقفن عن أدوية GLP-1s قبل أو خلال فترة الحمل كنّ أكثر عرضة للإصابة بالتالي:
- اضطرابات ارتفاع ضغط الدم: تم تسجيل زيادة في حالات تسمم الحمل وارتفاع ضغط الدم الحملي.
- سكري الحمل: وهو نوع من السكري الذي يظهر أثناء الحمل ويمكن أن يؤثر على نمو الجنين.
- الولادة المبكرة: زيادة في خطر الولادة قبل الأسبوع 37 من الحمل.
هذه النتائج تدعو إلى التفكير العميق في تداعيات التوقف عن هذه الأدوية، خصوصًا وأنها لا تزال تعتبر خيارًا شائعًا للعديد من النساء اللواتي يعانين من السمنة المفرطة ويسعين لتحسين صحتهن بشكل عام.
الزيادة المفرطة في الوزن بعد التوقف عن الدواء
من أبرز ما كشفت عنه الدراسة هو الزيادة الملحوظة في الوزن التي شهدتها النساء بعد التوقف عن تناول أدوية GLP-1s أثناء الحمل. سجلن متوسط زيادة قدره 13.7 كيلوغرامًا، مقارنة بـ 10.5 كيلوغرامًا في المجموعة الضابطة التي لم تتوقف عن الدواء.
عانت 65% من النساء اللواتي توقفن عن العلاج من ما وصفته الدراسة بـ “زيادة الوزن الحملية المفرطة”، بينما كانت النسبة 49% فقط في المجموعة الأخرى. هذه الزيادة المفرطة في الوزن لا تزيد من خطر المضاعفات المذكورة أعلاه فحسب، بل قد تؤثر أيضًا على عملية التعافي بعد الولادة وتزيد من خطر الإصابة بالسمنة المزمنة في المستقبل. يجب أن يكون هذا الأمر ببال النساء اللواتي يخططن للحمل أثناء التفكير في أدوية فقدان الوزن.
الحاجة إلى المزيد من الأبحاث والتوجيهات الواضحة
أكدت الدكتورة مايا أن هذه النتائج تمثل “تنبيهًا مهمًا” للأطباء لمراقبة المرضى عن كثب الذين يتوقفون عن تناول أدوية GLP-1s قبل أو أثناء الحمل. ومع ذلك، أشارت إلى أن الفريق البحثي لا يزال غير متأكد مما إذا كان التوقف عن الدواء هو السبب المباشر لهذه المخاطر، أو ما إذا كانت هناك عوامل أخرى تلعب دورًا.
كما اعترفت الدراسة ببعض القيود، بما في ذلك عدم وجود معلومات حول وزن النساء قبل بدء العلاج. هذا أمر بالغ الأهمية لأن الدراسات السابقة التي توصلت إلى ارتباط بين استخدام GLP-1s وانخفاض مخاطر ارتفاع ضغط الدم ركزت في الغالب على مرضى السكري، بينما هذه الدراسة ركزت على النساء المصابات بالسمنة.
الآن، هناك دعوات متزايدة لإجراء المزيد من الأبحاث الشاملة لتحديد الفوائد والمخاطر المحتملة للتوقف عن هذه الأدوية بشكل أفضل. في الوقت الحالي، لا توجد إرشادات واضحة ومحددة حول المدة المثالية للتوقف عن أدوية GLP-1s قبل التخطيط للحمل، وهذا يترك العديد من النساء والأطباء في حيرة من أمرهم. من الأمل أن تؤدي هذه الأبحاث إلى توفير بيانات موثوقة تساعد في تحسين الرعاية الصحية المقدمة للنساء قبل وأثناء الحمل، وخصوصًا فيما يتعلق بـ صحة الأم والجنين.
الخلاصة وأهمية التشاور مع الطبيب
تُظهر هذه الدراسة الجديدة علاقة محتملة بين التوقف عن أدوية GLP-1s قبل أو خلال الحمل وزيادة خطر بعض المضاعفات الخطيرة. على الرغم من الحاجة إلى مزيد من البحث لتأكيد هذه النتائج، إلا أنها تسلط الضوء على أهمية مراقبة النساء اللواتي يتوقفن عن تناول هذه الأدوية عن كثب.
يبقى التشاور مع الطبيب هو الحل الأمثل. يجب على أي امرأة تفكر في الحمل وتتناول أدوية للتحكم في الوزن مناقشة المخاطر والفوائد المحتملة للتوقف عن الدواء مع طبيبها، واتخاذ قرار مستنير بناءً على حالتها الصحية الفردية. لا ينبغي اتخاذ أي قرار بشأن التوقف عن الدواء دون إشراف طبي متخصص.












