قادة أوروبا: خطة ترمب بحاجة لمزيد من العمل.. ونرفض تغيير حدود أوكرانيا بالقوة

في خضم قمة مجموعة العشرين المنعقدة في جوهانسبرج، تصاعدت التفاعلات حول مقترح السلام الأمريكي لأوكرانيا، معبرةً عن حالة من التباين بين الرؤى الأوروبية والأمريكية. فالقادة الأوروبيون المجتمعون على هامش القمة أعربوا عن اعتبارهم للخطة الأمريكية، المكونة من 28 بنداً، نقطة انطلاق ضرورية، لكنهم أكدوا رفضهم القاطع لأي تغيير في حدود أوكرانيا بالقوة. هذا الموقف يمثل تحدياً صريحاً للرؤية التي طرحها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، والتي تتضمن تنازلات إقليمية أوكرانية مقابل إنهاء الحرب.
ردود الفعل الأوروبية على خطة السلام الأمريكية لأوكرانيا
أكد القادة الأوروبيون، في بيان مشترك، على أهمية الحفاظ على سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها، مشددين على أن أي حل للصراع يجب أن يحترم هذه المبادئ الأساسية. وقد عبروا عن قلقهم إزاء بعض القيود المقترحة على القوات المسلحة الأوكرانية، مؤكدين أن العناصر المتعلقة بالاتحاد الأوروبي وحلف الناتو تتطلب موافقة مسبقة من هذه الأطراف.
هذا الموقف يعكس رغبة أوروبا في الحفاظ على دور فعال في تحديد مستقبل أوكرانيا، وعدم السماح بفرض حلول من الخارج تتنافى مع مصالحها أو مبادئها. فقد اجتمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر، والمستشار الألماني فريدريش ميرتس، والرئيس الفنلندي ألكسندر ستاب، ورئيس المجلس الأوروبي أنطونيو كوستا مناقشة هذا المقترح وتقييم آثار تنازله المحتملة.
قلق أوروبي من تنازلات أوكرانيا المحتملة
تتضمن خطة ترمب تنازل أوكرانيا عن أراضٍ، بما في ذلك المناطق التي لا تزال تحت سيطرتها في الشرق، بالإضافة إلى قبول سقف محدد لحجم قواتها المسلحة والتعهد بعدم الانضمام إلى حلف الناتو. هذه الشروط أثارت تحفظات كبيرة في أوروبا، حيث يرى العديد من القادة أنها قد تشجع روسيا على مواصلة عدوانها وتقويض الأمن الإقليمي.
بالإضافة إلى ذلك، يخشى الأوروبيون من أن يؤدي إضعاف القدرات العسكرية الأوكرانية إلى ترك البلاد عرضة لتهديدات مستقبلية، مما قد يتطلب تدخلاً عسكرياً من حلف الناتو. وتعتبر قضية حدود أوكرانيا من القضايا الحساسة جداً، حيث أن أي تغيير بالقوة يعتبر انتهاكاً للقانون الدولي ويعرض استقرار المنطقة لمخاطر جسيمة.
موقف أوكرانيا وتركيزها على التعديلات البناءة
من جانبه، أبدى الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي رأيه في مقترح السلام الأمريكي خلال مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء البولندي دونالد توسك. وقد أكدت الولايات المتحدة على كييف ضرورة قبول الإطار العام للخطة، مع مهلة محددة للرد وهي 27 نوفمبر.
في المقابل يسعى زيلينسكي، بدعم من قادة فرنسا وألمانيا والدول الأوروبية الأخرى، إلى تقييم جدية المطلب الأمريكي، ومحاولة تقديم تعديلات تعتبر “بناءة” ومقبولة للطرفين. ويركز زيلينسكي على الحصول على ضمانات أمنية قوية من الغرب، بالإضافة إلى الحفاظ على قدرة أوكرانيا على الدفاع عن نفسها في المستقبل.
الخلافات الداخلية في الولايات المتحدة وتأثيرها على الخطة
بالتزامن مع ردود الفعل الأوروبية، ظهرت خلافات داخل الكونجرس الأمريكي بشأن خطة السلام المقترحة. فقد عبر بعض أعضاء الحزب الجمهوري عن تحفظاتهم، معتبرين أن الخطة قد تكون “تنازلاً غير مقبول” لروسيا.
السيناتور روجر ويكر انتقد الخطة بشدة، معتبراً أنها “تثير مشكلات حقيقية” وأنه “متشكك بشدة في قدرتها على تحقيق السلام”. كما حذر السيناتور ميتش ماكونيل من أن روسيا قد تكون قد استغلت ترمب طوال العام، وأن الإدارة قد تكون أكثر اهتماماً بإرضاء موسكو من تحقيق سلام حقيقي. هذه الخلافات الداخلية قد تؤدي إلى تقويض الدعم السياسي للخطة، مما يجعل من الصعب تنفيذها على أرض الواقع.
آفاق مستقبلية وتنسيق مستمر
على الرغم من التحديات والخلافات، أكد القادة الأوروبيون على استمرارهم في التنسيق الوثيق مع أوكرانيا والولايات المتحدة خلال الأيام المقبلة. ورحبوا بالجهود الأمريكية المستمرة لإحلال السلام في أوكرانيا، مع التأكيد على ضرورة الحفاظ على المبادئ الأساسية التي تقوم عليها هذه الجهود.
وفي هذا السياق، تشير تقارير إعلامية إلى أن المستشار الألماني فريدريش ميرتس والرئيس الأمريكي دونالد ترمب قد اتفقا على استمرار المناقشات على مستوى مستشاري الأمن القومي. هذا يعكس حرصاً أمريكياً وأوروبياً على إيجاد حل للصراع في أوكرانيا، بالرغم من التباينات في الرؤى والأساليب. ومع ذلك، يبقى الموقف الأوروبي واضحاً وثابتاً: لا يمكن تغيير حدود أوكرانيا بالقوة.
الكلمات المفتاحية: خطة السلام الأمريكية، أوكرانيا، الحرب الروسية الأوكرانية، قادة أوروبا، حلف الناتو، دونالد ترمب، فولوديمير زيلينسكي، جوهانسبرج.












