احذر.. نشاطان يوميان يرفعان خطر الإصابة بالخرف

تعتبر صحة الدماغ من أهم جوانب الصحة العامة، خاصة مع التقدم في العمر. فالتدهور المعرفي والخرف من المشكلات المتزايدة التي تؤثر على جودة حياة كبار السن وعائلاتهم. دراسة حديثة من جامعة ساوث أستراليا سلطت الضوء على تأثير العادات اليومية، وخاصة تلك التي نقوم بها أثناء الجلوس، على صحة الدماغ. هذه الدراسة تقدم رؤى قيمة حول كيفية الحفاظ على وظائفنا الإدراكية وتقليل خطر الإصابة بالخرف، وتؤكد على أهمية اختيار الأنشطة التي تحفز العقل وتدعم صحة الدماغ.
تأثير العادات اليومية على صحة الدماغ: دراسة جديدة تكشف الحقائق
أظهرت دراسة حديثة أجرتها جامعة ساوث أستراليا وجود ارتباط وثيق بين بعض العادات اليومية الشائعة وزيادة خطر التدهور المعرفي والإصابة بالخرف لدى كبار السن. ركزت الدراسة على تحليل الأنشطة التي يمارسها الأفراد خلال فترات الجلوس، مؤكدة أن نوع النشاط وليس مجرد الجلوس نفسه هو العامل الحاسم في الحفاظ على صحة الدماغ. شملت الدراسة متابعة أنشطة 397 شخصًا من كبار السن على مدار 24 ساعة، بهدف فهم تأثير أنماط الحياة المختلفة على الوظائف الإدراكية وعوامل الخطر المرتبطة بالخرف.
أنشطة تعزز صحة الدماغ وتحمي من الخرف
النتائج كانت مشجعة للغاية، حيث أظهرت أن بعض الأنشطة البسيطة يمكن أن يكون لها تأثير إيجابي كبير على صحة الدماغ. فقد وجدت الدراسة أن الأنشطة التي تتطلب تفكيرًا أو تفاعلًا اجتماعيًا، مثل القراءة، وممارسة الحرف اليدوية، وإجراء المحادثات، والاستماع إلى الموسيقى، وحتى الصلاة، ترتبط بتحسين الوظائف الإدراكية وتقليل خطر التدهور المعرفي.
القراءة والحرف اليدوية: تمارين ذهنية فعالة
القراءة ليست مجرد وسيلة للاستمتاع بالمعرفة، بل هي تمرين ذهني ممتاز يحفز الدماغ ويحسن الذاكرة والتركيز. وبالمثل، فإن ممارسة الحرف اليدوية تتطلب تنسيقًا بين اليد والعين، وتفكيرًا إبداعيًا، مما يعزز النشاط العصبي ويحافظ على مرونة الدماغ.
التواصل الاجتماعي والاستماع إلى الموسيقى: وقاية نفسية وعصبية
التواصل الاجتماعي يلعب دورًا حيويًا في الحفاظ على صحة الدماغ، حيث يوفر تحفيزًا ذهنيًا وعاطفيًا، ويقلل من الشعور بالوحدة والعزلة، وهما عاملان خطر رئيسيان للإصابة بالخرف. أما الاستماع إلى الموسيقى، فقد ثبت أنه يحسن المزاج، ويقلل من التوتر، ويعزز الذاكرة، ويحفز مناطق الدماغ المسؤولة عن العواطف والتحفيز.
أنشطة قد تضر بالدماغ وتزيد من خطر الخرف
على الجانب الآخر، حذرت الدراسة من أن بعض السلوكيات الخاملة قد يكون لها تأثير سلبي على صحة الدماغ. الإفراط في مشاهدة التلفزيون ولعب ألعاب الفيديو كان على رأس قائمة الأنشطة التي ارتبطت بضعف الوظائف الإدراكية وزيادة خطر التدهور المعرفي.
الدكتورة ماديسون ميلو، الباحثة الرئيسية في الدراسة، أوضحت أن المشكلة ليست في الجلوس بحد ذاته، بل في طبيعة النشاط الذي يمارسه الشخص أثناء الجلوس. فالسلوكيات الخاملة التي لا تتضمن تحفيزًا ذهنيًا أو تفاعلًا اجتماعيًا، مثل مشاهدة التلفزيون أو الألعاب الإلكترونية السلبية، يمكن أن تؤثر سلبًا على الوظائف الإدراكية. هذا يعني أن قضاء ساعات طويلة أمام الشاشة دون تفكير أو تفاعل يمكن أن يزيد من خطر الإصابة بالخرف.
الجلوس بذكاء: نهج متوازن لصحة الدماغ
على الرغم من أن النصيحة التقليدية “تحرك أكثر واجلس أقل” تظل أساسية لصحة القلب والدماغ، إلا أن الباحثين يؤكدون على ضرورة اتباع نهج أكثر دقة عند تقييم العلاقة بين الجلوس وصحة الدماغ، خاصة لدى كبار السن. فالهدف ليس فقط تقليل فترات الجلوس، بل أيضًا اختيار الأنشطة التي تمارس أثناء الجلوس بعناية.
فترة الاسترخاء بعد يوم طويل يمكن أن تكون مفيدة أو ضارة، اعتمادًا على النشاط الذي تختاره. بدلًا من قضاء ساعات في مشاهدة المسلسلات التلفزيونية، يمكنك اختيار قراءة كتاب، أو ممارسة هواية إبداعية، أو إجراء محادثة مع صديق أو فرد من العائلة. هذه الأنشطة تحفز الدماغ وتدعم الوظائف الإدراكية، مما يقلل من خطر التدهور المعرفي والإصابة بالخرف.
الخرف: فهم المخاطر وكيفية الوقاية
الخرف هو مصطلح شامل يصف مجموعة من الأعراض الناتجة عن تدهور تدريجي في وظائف الدماغ. يؤثر الخرف على الذاكرة والتفكير واللغة والقدرة على أداء الأنشطة اليومية. هناك أنواع مختلفة من الخرف، بما في ذلك مرض الزهايمر، وهو النوع الأكثر شيوعًا.
الوقاية من الخرف تتطلب اتباع نمط حياة صحي يشمل نظامًا غذائيًا متوازنًا، وممارسة الرياضة بانتظام، والحفاظ على وزن صحي، والتحكم في ضغط الدم والكوليسترول، وتجنب التدخين والإفراط في تناول الكحول. بالإضافة إلى ذلك، فإن الحفاظ على نشاط الدماغ من خلال القراءة والتعلم وممارسة الهوايات والتواصل الاجتماعي يمكن أن يلعب دورًا هامًا في تقليل خطر الإصابة بالخرف. الاستمرار في تحفيز الدماغ هو مفتاح الحفاظ على صحته وقدراته الإدراكية على المدى الطويل.
في الختام، تقدم هذه الدراسة رؤى قيمة حول أهمية اختيار الأنشطة التي نقوم بها أثناء الجلوس بعناية. من خلال التركيز على الأنشطة التي تحفز العقل وتدعم التفاعل الاجتماعي، يمكننا المساعدة في الحفاظ على صحة الدماغ وتقليل خطر الإصابة بالخرف. شارك هذه المعلومات مع أحبائك، وابدأ اليوم في اتخاذ خطوات بسيطة للحفاظ على صحة دماغك. هل تفضل القراءة أم مشاهدة التلفزيون؟ شاركنا رأيك في التعليقات!












