منوعات

أدوية يومية تضر بصحة القلب

يشكل الحفاظ على صحة القلب هدفًا أساسيًا للعيش حياة طويلة ومفعمة بالنشاط. قد يغفل الكثيرون عن أن بعض الأدوية التي نتناولها، حتى تلك التي تبدو غير مرتبطة بالقلب بشكل مباشر، يمكن أن تؤثر سلبًا على وظائفه. حذر الدكتور ديمتري يارانوف، أحد أبرز أطباء القلب في الولايات المتحدة، من تناول بعض الأدوية دون استشارة طبية، مؤكدًا على أهمية الحذر والانتباه لحماية صحة القلب. يتعلق الأمر ليس بالتوقف عن العلاج الضروري، بل بالوعي بالمخاطر المحتملة والتحدث مع الطبيب حول البدائل أو المراقبة الدقيقة.

الأدوية التي قد تشكل خطرًا على القلب

قد تكون بعض الأدوية شائعة الاستخدام بمثابة قنبلة موقوتة لصحة القلب، خاصةً بالنسبة للأفراد الذين يعانون من أمراض قلبية موجودة مسبقًا أو عوامل خطر مثل ارتفاع ضغط الدم. فيما يلي نظرة مفصلة على هذه الأدوية:

مضادات الالتهاب غير الستيرويدية

تُستخدم مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) بشكل واسع لتخفيف الألم والالتهابات. ومع ذلك، فقد تبين أن الاستخدام المتكرر لهذه الأدوية يزيد من خطر الإصابة بمشاكل قلبية، خاصةً لدى الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم أو أمراض القلب الأخرى. تعمل مضادات الالتهاب على تقليل إنتاج البروستاجلاندين، وهي مواد كيميائية تساعد في الحفاظ على الأوعية الدموية مفتوحة ومرنة. هذا الانخفاض في البروستاجلاندين يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم وزيادة خطر الإصابة بالنوبات القلبية والسكتات الدماغية. لذلك، من الضروري استشارة الطبيب قبل تناول هذه الأدوية، وتقييم ما إذا كانت الفوائد تفوق المخاطر المحتملة.

أدوية العلاج الكيميائي

على الرغم من أن أدوية السرطان تلعب دورًا حاسمًا في إنقاذ حياة المرضى، إلا أنها قد تكون لها آثار جانبية قاتلة على القلب. بعض أدوية العلاج الكيميائي، مثل دوكسوروبيسين وتراستوزوماب، معروفة بتأثيرها السام على عضلة القلب. بمرور الوقت، يمكن أن تضعف هذه الأدوية القلب، مما يقلل من قدرته على ضخ الدم بكفاءة ويؤدي إلى قصور القلب. لحسن الحظ، يدرك الأطباء هذه المخاطر ويتخذون خطوات لتقليلها. يخضع المرضى الذين يتلقون هذه الأدوية لمتابعة دقيقة لرصد أي علامات على خلل في وظائف القلب، وقد يتم تعديل الجرعة أو تغيير الدواء حسب الحاجة.

المنشطات وتأثيرها على القلب

تُستخدم المنشطات، غالبًا الموصوفة لعلاج اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (ADHD)، لتعزيز التركيز واليقظة. تحتوي هذه الأدوية على مواد مثل الأمفيتامينات، والتي يمكن أن تزيد من معدل ضربات القلب وضغط الدم. بالنسبة للأشخاص الذين يعانون من مشكلات قلبية، يمكن أن تكون هذه الزيادة خطيرة للغاية، مما يؤدي إلى عدم انتظام ضربات القلب أو حتى النوبات القلبية. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي سوء استخدام المنشطات أو تناولها دون إشراف طبي إلى القلق والإدمان ومضاعفات صحية خطيرة.

أدوية السكري وخطر قصور القلب

أشار الدكتور يارانوف إلى أن بعض الأدوية القديمة المستخدمة لعلاج السكري، مثل روزيجليتازون، قد تزيد من خطر الإصابة بفشل القلب. على الرغم من فعالية هذه الأدوية في خفض نسبة السكر في الدم، إلا أنها يمكن أن تتسبب في احتباس السوائل وزيادة الضغط على القلب. من المهم أن يناقش مرضى السكري مع أطبائهم الخيارات الدوائية الأنسب لصحتهم العامة، بما في ذلك صحة القلب والأوعية الدموية. يجب عدم تعديل أو التوقف عن تناول أي دواء للسكري دون استشارة الطبيب.

مزيلات الاحتقان وعلاقتهما بضغط الدم

في مواجهة أعراض الحساسية أو نزلات البرد، يلجأ الكثيرون إلى أدوية تحتوي على مزيلات الاحتقان مثل السودوإيفيدرين. تعمل هذه الأدوية عن طريق تضييق الأوعية الدموية، مما يقلل من التورم والاحتقان في الأنف والحنجرة. ومع ذلك، يمكن أن يؤدي هذا التضييق للأوعية الدموية أيضًا إلى ارتفاع ضغط الدم واضطراب نظم القلب، خاصةً لدى الأشخاص الذين يعانون من أمراض قلبية أو ارتفاع ضغط الدم. لذلك، يجب استخدام هذه الأدوية بحذر شديد وبعد استشارة الطبيب، حتى في حالة ظهور أعراض بسيطة. من المهم دائمًا اختيار أقل تدخل دوائي ممكن والتركيز على العلاجات غير الدوائية مثل الراحة وشرب السوائل.

الوقاية والمتابعة الدورية لضمان سلامة القلب

الوعي بهذه المخاطر المحتملة هو الخطوة الأولى نحو حماية جهاز الدورة الدموية. من الضروري إبلاغ الطبيب بجميع الأدوية والمكملات الغذائية التي تتناولها، حتى تلك التي تبدو غير ضارة. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الأشخاص الذين يعانون من أمراض قلبية أو عوامل خطر معروفة إجراء فحوصات قلبية منتظمة للكشف عن أي مشاكل محتملة في وقت مبكر.

ومن الجدير بالذكر أن اتباع نظام حياة صحي، بما في ذلك اتباع نظام غذائي متوازن وممارسة الرياضة بانتظام والحفاظ على وزن صحي والإقلاع عن التدخين، يلعب دورًا حاسمًا في تعزيز صحة القلب وتقليل خطر الإصابة بالأمراض القلبية الوعائية.

الخلاصة

لا يمكن التقليل من أهمية الحذر عند تناول أي دواء، حتى لو كان موصوفًا من قبل الطبيب. إن فهم المخاطر المحتملة التي يمكن أن تشكلها بعض الأدوية على صحة القلب، والتواصل المفتوح مع الطبيب، والمتابعة الدورية، واتباع نمط حياة صحي، كلها عوامل أساسية للحفاظ على قلب سليم وقوي لسنوات طويلة قادمة. تذكر دائمًا أن صحتك هي أولويتك، والوقاية خير من العلاج.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى