في رحلة فنية طويلة، ودّعت مصر اليوم السبت، 27 ديسمبر 2025، المخرج الكبير داوود عبد السيد، عن عمر يناهز 72 عامًا، بعد معركة شرسة مع المرض. خبر رحيله هزّ الأوساط الفنية والثقافية، وأثار موجة من الحزن والتأثر بين محبيه وزملائه. هذا المقال يسلط الضوء على مسيرة هذا الفنان المبدع، وردود الأفعال على وفاته، وأبرز محطاته الإبداعية، مع التركيز على إرثه السينمائي الذي سيظل خالدًا.
وداعًا لأسطورة الإخراج المصري: داوود عبد السيد
رحيل داوود عبد السيد يمثل خسارة فادحة للسينما المصرية والعربية. لم يكن مجرد مخرج، بل كان فنانًا متكاملًا، ومفكرًا عميقًا، وصديقًا مخلصًا للعديدين. النجمة الكبيرة يسرا، التي جمعتها به صداقة وعمل لسنوات طويلة، عبّرت عن حزنها العميق بكلمات مؤثرة عبر حسابها الرسمي على موقع “انستجرام”. كتبت يسرا: “وداعًا داوود عبد السيد، مش بس مخرج كبير، لكن صديق عشرة، وحضور إنساني دافئ. العشرة معاك كانت فن، والصداقة كانت صدق، زي أفلامك تمامًا من غير تزييف”. وأضافت: “هفضل فاكر بضحكتك، بحكاياتك، وبالإنسان قبل الفنان، رحمك الله، الصديق قبل المبدع، والعشرة الطيبة ما بتموتش”. هذه الكلمات تعكس مدى تأثير داوود عبد السيد على من حوله، ليس فقط كفنان، بل كإنسان.
مسيرة حافلة بالإبداع: أبرز أعمال داوود عبد السيد
تميز داوود عبد السيد بأسلوبه السينمائي الفريد، وقدرته على معالجة القضايا الاجتماعية والإنسانية بعمق وحساسية. قدم أفلامًا لاقت نجاحًا جماهيريًا ونقديًا كبيرًا، وتركت بصمة واضحة في تاريخ السينما المصرية. من بين أبرز أعماله:
- بدور: فيلم أطلق شرارة نجوميته، ويعتبر من كلاسيكيات السينما المصرية.
- الكيت كات: فيلم جريء تناول قضايا اجتماعية مهمة، وحقق نجاحًا كبيرًا في مهرجانات السينما الدولية.
- سارق فؤاد: فيلم رومانسي درامي يجمع بين الرومانسية والواقعية.
- مواطن وشرطة: فيلم يمثل حالة فريدة من التعاون بين الشرطة والمواطنين.
- بعد الموقعة: فيلم وثقي مؤثر يروي قصصًا حقيقية من حرب أكتوبر.
هذه الأفلام وغيرها، تعكس رؤية داوود عبد السيد الفنية، واهتمامه بقضايا الوطن والمواطن، وقدرته على تقديم شخصيات واقعية ومعبرة.
آخر أعماله الفنية: مسلسل “منورة بأهلها”
على الرغم من معركته مع المرض، لم يتوقف داوود عبد السيد عن الإبداع. كانت آخر مشاركاته الفنية مسلسل “منورة بأهلها” الذي عُرض عام 2022. تدور أحداث المسلسل في إطار من الغموض والتشويق حول “آدم” الذي يتم تكليفه بالتحقيق في جريمة قتل انتقامية لرجل مجهول، ويكشف الحقيقة من خلال قصاصات من الصور يجدها في منزله. المسلسل لقي استحسانًا كبيرًا من الجمهور والنقاد، وأثبت أن داوود عبد السيد ما زال قادرًا على تقديم أعمال فنية متميزة.
تأثير المسلسلات على مسيرة المخرج
على الرغم من شهرة داوود عبد السيد كـ مخرج سينمائي، إلا أن تجربته في مجال المسلسلات أضافت بعدًا جديدًا لمسيرته الفنية. سمحت له هذه التجربة بالتعمق في الشخصيات، وتقديم قصص أكثر تفصيلاً، والتواصل مع جمهور أوسع. كما أن هذه الأعمال التلفزيونية ساهمت في إبراز موهبته في الإخراج والسيناريو، وأكدت قدرته على التكيف مع مختلف الوسائط الفنية.
ردود الأفعال على رحيل المخرج الكبير
توالت ردود الأفعال الحزينة على رحيل داوود عبد السيد من مختلف الأوساط الفنية والثقافية. عبر العديد من الفنانين والمخرجين والكتّاب عن حزنهم العميق، وأشادوا بمسيرته الفنية وإنجازاته. نشروا صورًا ومقاطع فيديو له، وشاركوا ذكرياتهم معه، مؤكدين أنه كان قدوة ومصدر إلهام لهم. كما عبر الجمهور عن حزنه الشديد، وأشادوا بأفلامه التي تركت بصمة في ذاكرتهم. هذا التفاعل الواسع يعكس مدى تقدير الناس لـ داوود عبد السيد وفنه.
إرث سينمائي خالد: ما الذي تركه لنا داوود عبد السيد؟
ترك داوود عبد السيد إرثًا سينمائيًا خالدًا، سيظل يلهم الأجيال القادمة من المخرجين والفنانين. أفلامه ليست مجرد أعمال فنية، بل هي وثائق اجتماعية وتاريخية، تعكس واقع المجتمع المصري، وتتناول قضاياه وهمومه. تميزت أفلامه بالواقعية والصدق، وقدرته على تصوير المشاعر الإنسانية بعمق وحساسية. كما أنه كان حريصًا على تقديم أعمال فنية ذات قيمة فكرية وثقافية، تساهم في تنمية الوعي لدى الجمهور. داوود عبد السيد سيظل في ذاكرتنا كواحد من أعظم المخرجين الذين أنجبتهم السينما المصرية.
في الختام، نود أن نتقدم بخالص التعازي إلى أسرة داوود عبد السيد ومحبيه، سائلين الله أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يلهمهم الصبر والسلوان. رحل الجسد، ولكن الفن سيبقى خالدًا، وسيظل داوود عبد السيد رمزًا للإبداع والتميز في السينما المصرية والعربية. ندعوكم لمشاهدة أفلامه من جديد، والاحتفاء بمسيرته الفنية العظيمة.
