“ليه التبني حرام؟”.. إيمان العاصي تثير الجدل بسؤالها

أثارت الفنانة إيمان العاصي مؤخرًا نقاشًا واسعًا على منصة “فيسبوك” بمنشورها الجريء حول التبني، معبرةً عن تساؤلاتها الوجودية حول حرمة هذا الفعل الإنساني. هذا الموضوع الحساس يلامس قلوب الكثيرين، ويثير جدلاً فقهيًا واجتماعيًا عميقًا، خاصةً مع ازدياد الوعي بقضايا الطفولة وحقوقهم. المنشور لم يكن مجرد سؤال عابر، بل كان صرخة من القلب تسعى لفهم منطق الحرمان من فرصة حياة كريمة للأطفال الذين لا يملكون خيارًا في ظروف ميلادهم.
إيمان العاصي والجدل حول التبني: سؤال وجودي يفتح الباب للنقاش
بدأت القصة بمنشور بسيط ولكنه مؤثر كتبته إيمان العاصي، حيث تساءلت عن سبب اعتبار التبني حرامًا في بعض الأوساط، بينما لا يُلام الطفل على ظروف ولادته. وقالت بوضوح: “يعني إيه إن الأطفال ملهمش ذنب ولا يد في وجودهم بالطريقة دي في الدنيا، يعيشوا قسوة الحياة دي عادي ويكون حلال، وإنه حد يتبناهم تبني كامل يبقى حرام، هتجنن وأفهم وياريت محدش يقولي خلط الأنساب لأنه الإجابة غلط”. هذا التصريح أثار ردود فعل متباينة، بين مؤيد ومعارض، مما يعكس عمق الخلاف حول هذا الموضوع.
لماذا يثير التبني هذا القدر من الجدل؟
الجدل حول التبني ليس جديدًا، فهو متجذر في تفسيرات مختلفة للشريعة الإسلامية. يرى البعض أن التبني يؤدي إلى “خلط الأنساب”، وهو أمر محرم في الإسلام، حيث يجب معرفة الأصل الحقيقي للطفل. بينما يرى آخرون أن التبني، بالمعنى الحديث الذي يحافظ على نسب الطفل البيولوجي، هو عمل إنساني نبيل لا يتعارض مع الشريعة، بل يتماشى مع مبادئ الرحمة والرعاية التي يدعو إليها الدين.
التبني في الشريعة الإسلامية: نظرة فقهية
في الإسلام، هناك فرق بين التبني الذي كان ممارسًا في الجاهلية، والذي يهدف إلى تغيير نسب الطفل، وبين الكفالة. الكفالة هي رعاية الطفل وتوفير كافة احتياجاته دون تغيير نسبه. الفقهاء يتفقون على جواز الكفالة، بل ويستحبونها في بعض الحالات، مثل رعاية الأيتام والأطفال الذين فقدوا أسرهم.
الكفالة مقابل التبني: ما هو الفرق الجوهري؟
الفرق الأساسي يكمن في النسب. في الكفالة، يظل الطفل مرتبطًا بوالديه البيولوجيين، حتى وإن لم يكونا قادرين على رعايته. أما التبني بالمعنى القديم، فيسعى إلى إعطاء الطفل نسبًا جديدًا، وهو ما يعتبره الكثير من الفقهاء مخالفًا للشريعة. لذلك، فإن النقاش الدائر حاليًا غالبًا ما يكون حول إمكانية تنظيم عملية الكفالة بشكل يضمن حقوق الطفل ويحميه من أي ضرر محتمل.
الأبعاد الاجتماعية والنفسية للتبني
بعيدًا عن الجانب الفقهي، يحمل التبني أبعادًا اجتماعية ونفسية مهمة. فمن الناحية الاجتماعية، يمكن أن يوفر التبني فرصة لطفل محروم من الحب والرعاية لكي ينشأ في بيئة أسرية مستقرة. ومن الناحية النفسية، يمكن أن يساعد التبني الطفل على التغلب على الصدمات النفسية التي قد يكون تعرض لها في بداية حياته.
تأثير التبني على كل من الطفل والأسرة المتبنية
بالنسبة للطفل، يمكن أن يكون التبني بمثابة نقطة تحول في حياته، حيث يمنحه فرصة لبناء مستقبل أفضل. ولكن، من المهم أن يتم التبني بشكل سليم، وأن يتم إعداد الطفل والأسرة المتبنية بشكل نفسي واجتماعي. أما بالنسبة للأسرة المتبنية، فيمكن أن يكون التبني مصدرًا للسعادة والبهجة، ولكنه يتطلب أيضًا الكثير من الصبر والتفاني.
تفاعل الجمهور مع منشور إيمان العاصي وردود الفعل
منشور إيمان العاصي حصد آلاف التفاعلات والتعليقات على “فيسبوك”. بعض التعليقات أيدت وجهة نظرها، معبرين عن إعجابهم بجرأتها وطرحها لهذا الموضوع المهم. بينما انتقدها البعض الآخر، مؤكدين على حرمة التبني في الإسلام. الجدير بالذكر أن العديد من التعليقات ركزت على أهمية التفرقة بين التبني والكفالة، وعلى ضرورة تنظيم عملية الكفالة لحماية حقوق الأطفال. كما أشاد البعض بتركيزها على أهمية عدم إلقاء اللوم على الطفل بسبب ظروفه.
خلاصة: نحو فهم أعمق لقضية التبني
يثير طرح إيمان العاصي لتساؤلاتها حول التبني نقاشًا ضروريًا حول هذا الموضوع الإنساني الهام. من الواضح أن هناك اختلافًا في وجهات النظر حول هذا الموضوع، وأن الأمر يتطلب فهمًا أعمق للنصوص الشرعية والأبعاد الاجتماعية والنفسية. بدلًا من التركيز على الجدل الفقهي، يجب أن نركز على كيفية توفير أفضل رعاية ممكنة للأطفال المحرومين، سواء من خلال الكفالة أو من خلال أي وسيلة أخرى تضمن حقوقهم وتحميهم من أي ضرر. نأمل أن يساهم هذا النقاش في إيجاد حلول عملية تخدم مصلحة الطفل وتتماشى مع مبادئ الدين والأخلاق. شارك برأيك في هذا الموضوع الهام، وما هي الحلول التي تراها مناسبة؟












