“جنين جنين” قصة فيلم طاردت بسببه السلطات الإسرائيلية الفنان الفلسطيني

رحل عن عالمنا الفنان والمخرج الفلسطيني الكبير محمد بكري، تاركًا وراءه إرثًا فنيًا وثقافيًا عميقًا. وفاته اليوم الأربعاء، عن عمر يناهز 72 عامًا، تمثل خسارة فادحة للسينما الفلسطينية والعربية، وللحركة الثقافية التي دافع عنها طوال حياته. اشتهر محمد بكري بأعماله السينمائية التي تناولت القضية الفلسطينية بشجاعة وواقعية، وواجه تحديات كبيرة بسبب التزامه بقضايا وطنه.
مسيرة محمد بكري الفنية: من “حيفا” إلى “جنين جنين”
بدأ محمد بكري مسيرته الفنية كممثل، وشارك في العديد من الأفلام والمسلسلات، قبل أن يتجه إلى الإخراج ليقدم رؤيته الخاصة للقضية الفلسطينية. يعتبر فيلمه “حيفا” (1986) نقطة تحول في مسيرته، حيث حقق نجاحًا عالميًا ونال استحسان النقاد والجمهور. الفيلم، الذي يروي قصة عائلة فلسطينية اضطرت إلى مغادرة حيفا في عام 1948، يعتبر من كلاسيكيات السينما الفلسطينية.
بداياته كممثل و تحوله إلى الإخراج
لم يكتفِ بكري بالتمثيل، بل سعى إلى تقديم قصص أكثر تعقيدًا وواقعية من خلال الإخراج. فقد رأى في الإخراج وسيلة أقوى للتعبير عن رؤيته الفنية والسياسية. شارك في أفلام مثل “خلف القضبان” و”نهائي الكأس” كممثل، مما أكسبه خبرة كبيرة قبل أن ينطلق في رحلته الإخراجية.
فيلم “جنين جنين” والاعتداءات الإسرائيلية
اشتهر محمد بكري بشكل خاص بفيلمه الوثائقي “جنين جنين” (2002)، الذي وثق الأحداث المأساوية التي وقعت في مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين خلال الاجتياح الإسرائيلي للضفة الغربية. الفيلم، الذي يعتمد على شهادات حية من ناجين وشهود عيان، كشف عن جرائم حرب وانتهاكات لحقوق الإنسان ارتكبتها القوات الإسرائيلية.
المحاكمة و مصادرة الفيلم
لم يمر الفيلم مرور الكرام، بل واجه حملة شرسة من قبل السلطات الإسرائيلية. تم تقديمه للمحاكمة بتهمة التشهير بضابط إسرائيلي يدعى نسيم مجنجاي، ونتيجة لذلك، أصدرت محكمة إسرائيلية حكمًا بمصادرة جميع نسخ الفيلم وإلزام المخرج بدفع تعويض كبير بالإضافة إلى مصاريف قانونية. هذا الحكم أثار غضبًا واسعًا في الأوساط الفلسطينية والعربية والدولية، واعتبره الكثيرون محاولة لتقييد حرية التعبير وقمع الروايات الفلسطينية. الاعتداء على حرية التعبير كان واضحًا في هذه القضية.
تكريمات و إرث فني
على الرغم من التحديات التي واجهها، استمر محمد بكري في تقديم أعمال فنية مهمة، وحصل على العديد من التكريمات والجوائز. في عام 2020، تم اختياره شخصية العام الثقافية في فلسطين تقديرًا لمساهماته الفنية والثقافية.
تأثيره على السينما الفلسطينية
ترك محمد بكري بصمة واضحة على السينما الفلسطينية، وألهم العديد من المخرجين والفنانين الشباب. أعماله تميزت بالواقعية والشجاعة والالتزام بالقضية الفلسطينية، وساهمت في إبراز معاناة الشعب الفلسطيني على المستوى العالمي. كما أنه ساهم في تطوير السينما الوثائقية الفلسطينية من خلال فيلمه “جنين جنين”.
ردود الفعل على رحيله
توالت ردود الفعل العربية والفلسطينية على خبر وفاة محمد بكري. عبر العديد من الفنانين والمثقفين عن حزنهم العميق لفقدان قامة فنية وثقافية كبيرة. وصفوه بالصوت الصادق للقضية الفلسطينية، والمدافع عن حقوق الإنسان. كما أعربوا عن تقديرهم لشجاعته وإصراره على مواجهة التحديات. الذاكرة الفلسطينية ستظل تحتفظ بتقدير كبير لهذا الفنان.
الخلاصة
رحيل محمد بكري يمثل خسارة كبيرة للثقافة العربية والفلسطينية. إرثه الفني سيظل حيًا في ذاكرة الأجيال القادمة، وسيستمر في إلهام الفنانين والمثقفين. لقد كان محمد بكري فنانًا ملتزمًا بقضايا وطنه وشعبه، وشهدت أعماله على ذلك. ندعو الجميع إلى تذكر أعماله ومشاهدتها، والتعرف على القضية الفلسطينية من خلال عين فنان شجاع ومبدع. يمكنكم البحث عن أفلامه و مقابلاته على الإنترنت للتعرف أكثر على مسيرته و أفكاره.












