اخر الاخبار

طريقان للسلام في أوكرانيا.. ملامح الاختلاف بين الخطة الأميركية والمقترح الأوروبي

تتزايد الجهود الدبلوماسية لإيجاد حل للصراع الدائر في أوكرانيا، وقد ظهرت في الآونة الأخيرة خطط أمريكية وأوروبية تهدف إلى إنهاء الحرب. ومع ذلك، تكشف المقارنة بين الخطة الأميركية والخطة الأوروبية عن رؤيتين سياسيتين متباينتين بشكل ملحوظ، تتعلقان بشكل أساسي بالتنازلات الإقليمية، والضمانات الأمنية، ومستقبل أوكرانيا في النظام الأمني الأوروبي. هذا التباين يعكس اختلاف الأولويات والمخاوف بين واشنطن وبروكسل، ويطرح تساؤلات حول إمكانية التوصل إلى تسوية مقبولة لجميع الأطراف.

نظرة عامة على الخطتين: رؤيتان متخالفتان

تعتبر الخطة الأمريكية أكثر واقعية، وربما أكثر تشاؤماً، حيث تركز على التوصل إلى اتفاق سريع حتى لو تطلب ذلك تنازلات كبيرة من أوكرانيا. بينما تركز الخطة الأوروبية على دعم أوكرانيا بشكل أكبر، والحفاظ على سيادتها وسلامة أراضيها قدر الإمكان. هذا الاختلاف الجوهري ينعكس في تفاصيل كل بند من بنود الخطة، بدءاً من مسألة تبادل الأراضي وصولاً إلى الضمانات الأمنية.

التنازلات الإقليمية: نقطة الخلاف الرئيسية

أحد أبرز أوجه الاختلاف بين الخطة الأميركية والخطة الأوروبية يكمن في التعامل مع مسألة الأراضي التي احتلتها روسيا. تقترح الخطة الأمريكية، بشكل مثير للجدل، الاعتراف بضم روسيا لشبه جزيرة القرم، ولوغانسك، ودونيتسك “بحكم الأمر الواقع”، وتجميد الوضع في خيرسون وزابوريجيا على خط التماس الحالي. في المقابل، ترفض الخطة الأوروبية أي اعتراف مسبق بضم الأراضي، وتؤكد على أن المفاوضات بشأن تبادل الأراضي يجب أن تبدأ من خط التماس الحالي، مع الحفاظ على حق أوكرانيا في استعادة أراضيها المحتلة. هذا الموقف الأوروبي يعكس دعماً قوياً للسيادة الأوكرانية، ورفضاً للحلول التي قد تشجع على المزيد من العدوان الروسي.

الضمانات الأمنية: قوة الحماية لأوكرانيا

تختلف الخطتان أيضاً في طبيعة الضمانات الأمنية التي تقدمها لأوكرانيا. تقترح الخطة الأمريكية تحديد قوام القوات المسلحة الأوكرانية عند 600 ألف فرد، ومنع انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو)، مع التزام الناتو بعدم نشر قوات على الأراضي الأوكرانية. بينما تسمح الخطة الأوروبية بقوام أكبر للجيش الأوكراني (800 ألف جندي في وقت السلم)، وتترك مسألة انضمام أوكرانيا إلى الناتو لقرار أعضاء الحلف، مع التأكيد على عدم نشر قوات الناتو بشكل دائم في أوكرانيا في وقت السلم. هذا الاختلاف يعكس رغبة أوروبا في توفير حماية أقوى لأوكرانيا، مع الحفاظ على مرونة في التعامل مع مستقبلها في النظام الأمني الأوروبي.

بنود الاتفاق: تفاصيل المقترحات

لتبسيط المقارنة، يمكن تلخيص أبرز بنود الاتفاق كما يلي:

  • اتفاق عدم الاعتداء: تتفق الخطتان على إبرام اتفاق عدم اعتداء شامل بين روسيا وأوكرانيا وأوروبا، ولكن تختلفان في تفاصيل التسوية بشأن القضايا العالقة.
  • الحد من القوات: الخطة الأمريكية تحدد قوام الجيش الأوكراني بـ 600 ألف، بينما تسمح الخطة الأوروبية بـ 800 ألف في وقت السلم.
  • عضوية الناتو: الخطة الأمريكية تمنع انضمام أوكرانيا إلى الناتو، بينما تترك الخطة الأوروبية الأمر لقرار أعضاء الحلف.
  • نشر قوات الناتو: الخطة الأمريكية تمنع نشر قوات الناتو في أوكرانيا، بينما تسمح الخطة الأوروبية بنشر قوات الناتو بشكل محدود في وقت السلم.
  • إعادة الإعمار: تتفق الخطتان على حزمة إعادة تطوير عالمية كبيرة لأوكرانيا، ولكن تختلفان في طريقة تمويلها واستخدام الأموال المجمدة الروسية.

مستقبل المفاوضات: هل يمكن التوفيق بين الرؤيتين؟

إن التباين بين الخطة الأميركية والخطة الأوروبية يمثل تحدياً كبيراً أمام عملية السلام. من الواضح أن الخطة الأمريكية تهدف إلى التوصل إلى حل سريع، حتى لو كان ذلك على حساب مصالح أوكرانيا، بينما تسعى الخطة الأوروبية إلى تحقيق حل أكثر استدامة، يحافظ على سيادة أوكرانيا وسلامتها الإقليمية. لتحقيق تقدم في المفاوضات، سيكون من الضروري إيجاد أرضية مشتركة بين الرؤيتين، وربما التوصل إلى حلول وسط ترضي جميع الأطراف. قد يشمل ذلك تقديم ضمانات أمنية قوية لأوكرانيا، مع الحفاظ على مرونة في مسألة انضمامها إلى الناتو، والتركيز على إعادة الإعمار والتنمية الاقتصادية. بالإضافة إلى ذلك، يجب على جميع الأطراف إظهار التزام حقيقي بالسلام، والتخلي عن المطالب غير الواقعية. إن مستقبل أوكرانيا، واستقرار أوروبا، يعتمد على قدرة القادة على التوصل إلى اتفاق عادل ومستدام. الوضع الحالي يتطلب حواراً بناءً ومرونة دبلوماسية لإنهاء هذا الصراع المدمر.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى