ميزانية 2026.. لوكورنو يحدد 5 أولويات استراتيجية لفرنسا قبل الانتخابات

في ظلّ التحديات السياسية والاقتصادية التي تواجهها فرنسا، يواجه رئيس الوزراء سيباستيان لوكورنو ضغوطًا متزايدة لتمرير ميزانية 2026، وذلك بعد رفض البرلمان الفرنسي للجوانب الضريبية من مشروع القانون. هذا الرفض يعكس الانقسامات العميقة داخل الجمعية الوطنية، ويضع الحكومة في موقف حرج يتطلب حشد الدعم وتجنب أي تصويت لحجب الثقة قد يؤدي إلى سقوطها. يهدف هذا المقال إلى تحليل الوضع الراهن، واستعراض الأولويات التي حددها لوكورنو، والخطوات التي يتخذها لتجاوز العقبات السياسية والاقتصادية.
ضغط حكومي لتمرير ميزانية 2026: تحديات سياسية واقتصادية
مارس رئيس الوزراء الفرنسي سيباستيان لوكورنو، يوم الاثنين، ضغوطًا مكثفة على النواب الفرنسيين بهدف تمرير ميزانية 2026 بحلول نهاية العام الجاري. يأتي هذا الضغط بعد أن رفضت الغرفة السفلى للبرلمان، بشكل مفاجئ، الجانب الضريبي من مشروع القانون، مما يعكس حالة من عدم الاستقرار السياسي والانقسامات الحادة بين الكتل البرلمانية المختلفة. هذا الرفض يضع الحكومة في موقف صعب، خاصة وأنها تفتقر إلى أغلبية مريحة في البرلمان.
لوكورنو أكد في خطاب تلفزيوني أن الوقت لا يزال متاحًا، لكنه حث في الوقت نفسه المعارضين على عدم عرقلة التشريع، الذي من المقرر أن ينتقل إلى مجلس الشيوخ بعد رفض الجمعية الوطنية لأجزاء منه السبت الماضي. الوضع الحالي يذكرنا بالتحديات التي واجهتها حكومة الرئيس إيمانويل ماكرون في السابق، والتي تتطلب بناء تحالفات واسعة وتفاوضات مكثفة مع مختلف الأطراف السياسية.
أولويات حكومية لخمسة عشر شهرًا قادمة
وسط هذه الصعوبات، حدد رئيس الوزراء الفرنسي خمس أولويات أساسية تسعى حكومته لتحقيق تقدم فيها خلال الأشهر الستة عشر المتبقية قبل الانتخابات الرئاسية المقبلة (2027). هذه الأولويات تعكس رؤية الحكومة لمستقبل فرنسا، وتتضمن معالجة القضايا الاقتصادية والاجتماعية والأمنية الملحة.
السيطرة على عجز الميزانية
تعتبر السيطرة على عجز الميزانية الفرنسية من أهم التحديات التي تواجهها الحكومة. تهدف الحكومة الحالية إلى الحفاظ على العجز أقل من 5% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو هدف أقل طموحًا من 4.7% الذي كان محددًا في مشروع القانون الأصلي. لتحقيق ذلك، تعتزم الحكومة تطبيق تدابير تقشفية تتجاوز 30 مليار يورو، مع التركيز بشكل خاص على ترشيد الإنفاق العام وتحسين كفاءة المؤسسات الحكومية. وتعتمد الحكومة بشكل كبير على مشروع قانون مكافحة الاحتيال الاجتماعي والضريبي.
إصلاح مؤسسات الدولة
تعتبر إعادة هيكلة وتحديث مؤسسات الدولة حجر الزاوية في برنامج الإصلاح الحكومي. يهدف هذا الإصلاح إلى تبسيط الإجراءات الإدارية وتحسين جودة الخدمات العامة وزيادة الشفافية والمساءلة.
ملفات الطاقة والزراعة والأمن
بالإضافة إلى ذلك، تركز الحكومة على معالجة قضايا الطاقة والزراعة والأمن الداخلي والخارجي. فيما يتعلق بالطاقة، تسعى الحكومة إلى توضيح البرنامج الطاقي متعدد السنوات، مع إيلاء اهتمام خاص للأقاليم الخارجية وكورسيكا. وفي قطاع الزراعة، تهدف الحكومة إلى دعم المزارعين وتعزيز الإنتاج المحلي. أما فيما يخص الأمن، فتركز الحكومة على تعزيز قدرات الشرطة والجيش، ومكافحة الإرهاب والجريمة المنظمة.
التفاوض والتسوية: المسار نحو إقرار الميزانية
نظرًا لعدم وجود أغلبية برلمانية صريحة، تعتمد الحكومة على التفاوض والتسوية مع مختلف الأطراف السياسية لتمرير الميزانية الجديدة. يتطلب هذا الأمر بناء تحالفات واسعة وتقديم تنازلات متبادلة. ووفقًا لما ذكرته “لوموند”، فإنه بعد مراجعة مجلس الشيوخ، ستحاول لجنة مشتركة التوصل إلى تسوية بين المجلسين قبل التصويت النهائي في الغرفة السفلى.
يشير ذلك إلى أن الميزانية 2026 ستخضع لتغييرات كبيرة قبل أن يتم إقرارها بشكل نهائي. تم استبعاد إجراءات ترشيد الإنفاق التي لم تحظ بدعم الغرفة السفلى. لوكورنو يعتزم إجراء مباحثات مع الأحزاب السياسية المختلفة، وكذلك مع الشركاء الاجتماعيين وممثلي أصحاب الأعمال، في محاولة لإيجاد أرضية مشتركة.
تحديات حجب الثقة واستمرار العمل الحكومي
يواجه رئيس الوزراء الفرنسي خطر الدعوة إلى تصويت لحجب الثقة، خاصة من قبل اليمين المتطرف واليسار المتشدد الذين يترقبون أي زلة من الحكومة. لذلك، فإن تمرير الميزانية يعتبر اختبارًا حاسمًا لقدرة الحكومة على البقاء في السلطة.
لوكورنو شدد على أن حكومته ستضمن الوضوح والتناسق في عملها، خاصة في القضايا التي لا يمكن تأجيلها إلى الانتخابات الرئاسية القادمة. وأكد أنه “نعم، نستطيع القيام بذلك”، في إشارة إلى التحدي السياسي والاقتصادي الذي يواجهونه.
في الختام، يتضح أن تمرير ميزانية 2026 يمثل تحديًا كبيرًا للحكومة الفرنسية. يتطلب ذلك حشد الدعم السياسي، وإجراء مفاوضات مكثفة، وتقديم تنازلات متبادلة. بالإضافة إلى ذلك، يجب على الحكومة التركيز على تحقيق أولوياتها الأساسية، مثل السيطرة على عجز الميزانية وإصلاح مؤسسات الدولة، لضمان استقرار فرنسا وازدهارها في المستقبل. تابعوا آخر المستجدات حول هذا الموضوع المهم.












