السينما والتلفزيون

ابنة هند رستم: أمي لم تحصل على تكريم لائق في بلدها.. وفي سويسرا “باسوا

تكريم الفنانة الراحلة هند رستم: ابنتها تكشف عن إهمال في الداخل وإشباع من الخارج

تعد قضية تكريم الفنانين القديرين في الوطن العربي، وخاصةً في مصر، من القضايا التي تثير الجدل والنقاش بشكل دوري. مؤخرًا، سلطت ابنة الفنانة الراحلة هند رستم، بسنت رضا، الضوء على جانب مؤلم من هذا الموضوع، مؤكدةً أن والدتها لم تحظَ بالتكريم الذي يليق بمكانتها الفنية وتاريخها العريق داخل مصر. جاء ذلك خلال حوار مؤثر في بودكاست “أسئلة حرجة” مع الكاتب الصحفي مجدي الجلاد، حيث كشفت عن تقدير خارجي كبير لوالدتها، مقابل شعور بالإهمال والتقليل من شأنها في بلدها الأم. هذا الموضوع يثير تساؤلات حول معايير التقدير الفني في مصر، وكيفية الحفاظ على إرث الرواد الذين أسهموا في إثراء السينما العربية.

استقبالات حافلة خارج مصر: تقدير عالمي لهند رستم

أشارت بسنت رضا إلى أن والدتها كانت تحظى باستقبالات أسطورية في الخارج، خاصةً خلال مشاركتها في مهرجان لوكارنو السينمائي الدولي. وصفت بسنت المشهد قائلةً: “عندما سافرت لوكارنو، كانوا يعرفون أن الفنانة التي عملت فيلم باب الحديد والمخرج جايين. كان هناك ميدان كبير، وشاشة ضخمة، وقعدة مجهزة، والناس كلها حضرت”. وأضافت أن المسؤول عن المهرجان لم يكتفِ بالاحترام، بل “وطّى وباس رجليها”، معبرةً عن أسفها لعدم تمكنها من توثيق هذه اللحظة المؤثرة.

هذا التقدير الخارجي لم يكن مجرد لفتة عابرة، بل تجسد في مبادرات ملموسة. وكشفت بسنت أن شخصًا في أمريكا، معجبًا بفن والدتها، أرسل لها أربعة كتب كاملة تتناول حياتها وأعمالها من وجهة نظر نقدية غربية. وأوضحت أن هذه الكتب منحت والدتها “إشباعًا كبيرًا”، لأنها لم تجده في مصر، حيث كانت تشعر بأنها غير مقدرة بما يكفي.

الإهمال الداخلي: جرح في القلب وسبب للاعتزال؟

على النقيض من التقدير الخارجي، رأت بسنت رضا أن والدتها لم تحظَ بتكريم مناسب في مصر. وأكدت أن هذا الإهمال كان سببًا رئيسيًا في شعور والدتها بالإحباط، بل وتجاوز ذلك إلى “القرف”، على حد وصفها. وأشارت إلى أن هذا الشعور السلبي كان من العوامل التي ساهمت في قرار والدتها بالاعتزال.

هذا الرأي أكده مجدي الجلاد، مضيفًا أن هند رستم لم تحصل على التكريم الذي تستحقه في بلدها. وتناولت بسنت موقفًا محددًا، حيث ردت عليها ناقدة فنية على حديثها عن الكتب المرسلة من أمريكا، قائلةً: “إيه الهطل اللي بتقوليه ده؟”. وأعربت بسنت عن استيائها الشديد من هذا الرد، مؤكدةً أن أعمال والدتها لا يمكن وصفها بـ “الهطل”، وأن الناقدة كان عليها أن تتحقق من قيمة هذه الكتب قبل إطلاق هذا الحكم.

أهمية التواجد والتفاعل مع الجمهور

أكدت بسنت رضا على أهمية التواجد والتفاعل مع الجمهور بالنسبة للفنان. وأوضحت أن والدتها كانت شخصية انطوائية، ولم تكن تحب التحدث عن أعمالها أو السعي وراء التقدير. وقالت: “هي ما كانتش بتكلم حد ولا تقول شوفتوا فيلمي، ما عندهاش الحتة دي، والفنان لازم يكون متواجد”.

هذا النقص في التواجد والتفاعل ربما ساهم في عدم حصول والدتها على التقدير الكافي في مصر. فالفنان الذي يتواصل مع جمهوره، ويشارك في الأنشطة الفنية والثقافية، يكون أكثر عرضة للحصول على التقدير والاحتفاء. ويثير هذا الأمر نقاشًا حول دور المؤسسات الفنية والثقافية في مصر في دعم الفنانين وتشجيعهم على التواجد والتفاعل مع الجمهور.

دروس مستفادة ومستقبل التكريم في مصر

تكشف قصة هند رستم وابنتها عن ضرورة إعادة النظر في معايير التكريم في مصر، والتركيز على تقدير الإبداع والابتكار، بغض النظر عن شخصية الفنان أو مدى تفاعله مع الجمهور. يجب أن تكون هناك مبادرات فعالة لتكريم الرواد الذين أسهموا في إثراء السينما العربية، وأن يتم ذلك بشكل يليق بمكانتهم الفنية وتاريخهم العريق.

بالإضافة إلى ذلك، يجب على المؤسسات الفنية والثقافية في مصر أن تلعب دورًا أكثر فاعلية في دعم الفنانين وتشجيعهم على التواجد والتفاعل مع الجمهور. يمكن تحقيق ذلك من خلال تنظيم فعاليات فنية وثقافية، وتقديم الدعم المادي والمعنوي للفنانين، وتوفير فرص للشباب الموهوبين لعرض أعمالهم. إن تكريم الفنانين ليس مجرد واجب أخلاقي، بل هو استثمار في مستقبل الإبداع والثقافة في مصر. كما أن الذاكرة الفنية للأجيال القادمة تتطلب الحفاظ على إرث هؤلاء الفنانين وتوثيقه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى