وزير مالية لبنان: بدأنا تحقيق فائض بالليرة.. ولا نية لفرض مزيد من الضرائب

يشهد لبنان تطورات إيجابية على الصعيد المالي، حيث أعلن وزير المالية ياسين جابر عن استقرار الوضع المالي للحكومة وبدء تحقيق فائض بالليرة اللبنانية في ميزانية الدولة. هذه الخطوة الهامة تأتي في وقت حاسم، وتُبشر بتسهيل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وهو ما يمثل أملًا كبيرًا في انتشال لبنان من أزمته الاقتصادية الحادة. هذا المقال يستعرض تفاصيل هذا الإعلان، والتحديات التي لا تزال تواجه لبنان في مساعيه للحصول على دعم صندوق النقد، مع التركيز على أهمية الإصلاحات المطلوبة وحماية أموال المودعين.
استقرار مالي وفائض في الميزانية: نقطة تحول في المفاوضات مع صندوق النقد
أكد وزير المالية اللبناني، ياسين جابر، أن الوضع المالي للحكومة يشهد استقرارًا ملحوظًا، مشيرًا إلى تحقيق فائض أولي في ميزانية الدولة بالليرة اللبنانية. هذا الفائض، الذي قد يتجاوز 1.7% من الناتج المحلي، يمثل إنجازًا هامًا يعكس جهود الوزارة في ترشيد الإنفاق ومكافحة التهرب الضريبي. هذا التحسن المالي سيساهم بشكل كبير في تعزيز موقف لبنان التفاوضي مع صندوق النقد الدولي، ويزيد من فرص التوصل إلى اتفاق بشأن برنامج دعم اقتصادي شامل.
مطالب صندوق النقد والرفض اللبناني لزيادة الضرائب
على الرغم من التطورات الإيجابية، لا تزال المفاوضات مع صندوق النقد الدولي تواجه بعض العقبات. فقد طلب الصندوق فرض مزيد من الضرائب كشرط للحصول على الدعم المالي. ومع ذلك، أصر وزير جابر على أن الوزارة لا تنوي اللجوء إلى زيادة الضرائب في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها لبنان. بدلاً من ذلك، تركز الوزارة على تنفيذ الإصلاحات الهيكلية وتحسين تحصيل الضرائب القائمة لزيادة الإيرادات الحكومية.
برنامج الإصلاحات المطلوبة: قانون إعادة هيكلة المصارف والفجوة المالية
للوصول إلى اتفاق نهائي مع صندوق النقد الدولي، يتعين على لبنان تنفيذ سلسلة من الإصلاحات الهيكلية الحاسمة. تشمل هذه الإصلاحات إقرار قانون إعادة هيكلة المصارف، ومعالجة الفجوة المالية الضخمة التي تقدر بحوالي 70 مليار دولار. هذه الإصلاحات تهدف إلى إعادة الثقة بالنظام المصرفي، وتحقيق الاستدامة المالية، ووضع لبنان على مسار النمو الاقتصادي المستدام. الوصول إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي سيمنح لبنان دعمًا ماليًا بحجم 3 مليارات دولار، وهو ما يعتبر ضروريًا لإنقاذ الاقتصاد اللبناني.
أهمية الإصلاحات ومكافحة التهرب الضريبي
أكد وزير المالية في مقابلته مع “الشرق”، أنه لا توجد أي خطة لزيادة الضرائب أو الاستدانة العشوائية لتغطية عجز الموازنة. ويرى أن السبيل الوحيد لزيادة الموارد الحكومية هو من خلال الإصلاحات الشاملة ومكافحة التهرب الضريبي. وقد أثمرت هذه الجهود بالفعل عن تحقيق فائض أولي في الموازنة، مما يعزز الثقة بقدرة لبنان على إدارة موارده المالية بشكل أفضل.
حماية أموال المودعين: شرط أساسي لدعم صندوق النقد
يمثل الحفاظ على أموال المودعين خطوة أساسية في جهود كسر الجمود المرتبط بالإصلاحات المطلوبة للحصول على تمويل جديد من صندوق النقد الدولي. لقد فقدت العملة اللبنانية معظم قيمتها منذ عام 2019، وشُطبت مليارات الدولارات من الودائع. لذلك، فإن استعادة ثقة المودعين وإعادة أموالهم تعتبر أولوية قصوى. ومع ذلك، يواجه المسؤولون تحديات كبيرة في التوصل إلى اتفاق بشأن كيفية توزيع الخسائر، حيث ترفض البنوك المحلية تحمل الجزء الأكبر منها أو القبول بعمليات دمج قسري.
رؤية وزير المالية للإصلاحات المطلوبة
أشار وزير جابر في مقابلة سابقة مع “الشرق” إلى أن الإصلاحات المطلوبة لا ينبغي التعامل معها على أنها إجراءات مفروضة، بل كفرصة للاستفادة من خبرة صندوق النقد ومعاييره الدولية في تنفيذها. ويرى أن هذه الإصلاحات ضرورية لتحقيق الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي المستدام في لبنان. الوضع المالي في لبنان يتطلب معالجة شاملة، والتعاون مع المؤسسات الدولية مثل صندوق النقد هو خطوة حاسمة في هذا الاتجاه.
الأزمة اللبنانية منذ 2019: انهيار مالي وتحديات مستمرة
يخوض لبنان سلسلة من الأزمات منذ عام 2019، بدأت بانهيار مالي أدى إلى فقدان العملة الوطنية قيمتها وشطب مليارات الدولارات من الودائع. وقد أدى ذلك إلى تدهور الأوضاع المعيشية وتفاقم الأزمة الإنسانية. إن معالجة هذه الأزمة تتطلب إصلاحات هيكلية شاملة، ودعمًا ماليًا من المجتمع الدولي، وإعادة بناء الثقة بالنظام المصرفي والاقتصاد اللبناني. الوضع الاقتصادي في لبنان يحتاج إلى حلول جذرية لضمان مستقبل أفضل للأجيال القادمة.
في الختام، يمثل إعلان وزير المالية اللبناني عن استقرار الوضع المالي وتحقيق فائض في الميزانية خطوة إيجابية نحو التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات كبيرة تواجه لبنان، بما في ذلك تنفيذ الإصلاحات الهيكلية وحماية أموال المودعين. يتطلب تجاوز هذه التحديات إرادة سياسية قوية، وتعاونًا بين جميع الأطراف المعنية، والتزامًا بتنفيذ الإصلاحات اللازمة لتحقيق الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي المستدام. تابعوا آخر التطورات حول الوضع المالي في لبنان ومفاوضات صندوق النقد لمعرفة المزيد حول مستقبل الاقتصاد اللبناني.












