اخبار الاقتصاد

نشاط المصانع الأميركية ينكمش بأكبر وتيرة في أربعة أشهر

شهد قطاع الصناعة في الولايات المتحدة تباطؤًا ملحوظًا في شهر نوفمبر، مسجلًا أكبر انكماش في أربعة أشهر، وذلك في ظل ضعف الطلبيات وارتفاع تكاليف الإنتاج. هذه التطورات تشير إلى استمرار التحديات التي تواجه الشركات الصناعية في تجاوز فترة الركود التي تطول. وتأتي هذه النتائج لتُلقي بظلالها على آفاق النمو الاقتصادي الأمريكي، وتزيد من المخاوف بشأن مستقبل القطاع الصناعي و تأثيره على الاقتصاد بشكل عام. هذا التباطؤ في النشاط الصناعي يثير تساؤلات حول مدى قدرة الاقتصاد الأمريكي على الحفاظ على زخمه في ظل هذه الظروف.

انكماش النشاط الصناعي الأمريكي في نوفمبر

أظهر مؤشر إدارة التوريد (ISM) لشهر نوفمبر تراجعًا في نشاط المصانع، حيث انخفض بمقدار 0.5 نقطة، ليسجل 48.2. و يستمر المؤشر في البقاء دون مستوى 50 نقطة، وهو الخط الفاصل بين التوسع والانكماش، للشهر التاسع على التوالي. هذا يشير إلى أن القطاع الصناعي الأمريكي لا يزال يعاني، ولم يشهد بعد انتعاشًا قويًا ومستدامًا. يعتبر هذا الانكماش المستمر بمثابة إشارة تحذيرية للاقتصاد الأمريكي، حيث أن القطاع الصناعي يمثل جزءًا هامًا من الناتج المحلي الإجمالي و فرص العمل.

أسباب التراجع في النشاط الصناعي

تشير البيانات إلى أن عدم اليقين المرتبط بالسياسات التجارية، وبالأخص الرسوم الجمركية، يلعب دورًا كبيرًا في هذا التباطؤ. بالإضافة إلى ذلك، ارتفعت تكاليف الإنتاج بشكل ملحوظ، مما أثر سلبًا على قدرة الشركات على المنافسة. الطلب على المنتجات الصناعية أيضًا يشهد ضعفًا ملحوظًا، حيث انكمشت الطلبيات بأسرع وتيرة منذ شهر يوليو. و تراجع حجم الأعمال المتراكمة لدى المصانع للشهر السابع على التوالي. كل هذه العوامل مجتمعة تؤدي إلى الضغط على الشركات الصناعية وتقليل قدرتها على التوسع والنمو.

الرسوم الجمركية وتأثيرها على الشركات كانت محور تركيز العديد من المشاركين في المسح. العديد منهم أشاروا إلى أن عدم اليقين بشأن هذه الرسوم يدفع العملاء إلى تأجيل طلباتهم لحين وضوح الرؤية بشأن التكلفة النهائية للمنتجات. هذا بدوره يؤدي إلى نقص في الطلبيات و تباطؤ في الإنتاج.

تداعيات انكماش النشاط الصناعي على التوظيف

أدى ضعف الطلب إلى انخفاض حاد في التوظيف الصناعي. كشف المسح عن أن حوالي 25٪ من الشركات أبلغت عن تخفيضات في عدد الموظفين، وهي أعلى نسبة منذ منتصف عام 2020. هذا يشير إلى أن الشركات تتخذ إجراءات صارمة للسيطرة على التكاليف في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة. انخفاض التوظيف في القطاع الصناعي له تأثير سلبي على الاقتصاد بشكل عام، حيث يؤدي إلى انخفاض الإنفاق الاستهلاكي و زيادة معدلات البطالة. وتعتبر هذه النسبة المرتفعة من التخفيضات في التوظيف مؤشرًا مقلقًا على مستقبل سوق العمل في الولايات المتحدة.

لمحة عن بعض القطاعات الفرعية

على الرغم من الانكماش العام، شهد بعض القطاعات الفرعية تحسنًا طفيفًا. فقد ارتفع مؤشر الإنتاج، مسجلاً أسرع وتيرة توسع في أربعة أشهر. ومع ذلك، يظل الإنتاج متقلبًا على مدار العام. و تجدر الإشارة إلى أن 11 قطاعًا صناعيًا مختلفًا شهدت انكماشًا في شهر نوفمبر، بما في ذلك الملابس و المنتجات الخشبية و الورقية والمنسوجات. في المقابل، تمكنت أربعة قطاعات فقط من تحقيق النمو، وهو أدنى مستوى منذ عام كامل. هذا التوزيع غير المتكافئ يؤكد أن التحديات التي تواجه القطاع الصناعي ليست موحدة، وأن بعض القطاعات تتأثر بشكل أكبر من غيرها.

تعليقات من داخل الصناعة

ركزت تعليقات الشركات المشاركة في المسح على عدة نقاط رئيسية. شركات الآلات أشارت إلى أن الطلبيات الجديدة كانت ضمن التوقعات، لكنها لاحظت زيادة في طلبات العملاء للحصول على الطلبيات في وقت أقرب، مما يعزى إلى تأخر عمليات الشحن. معدات النقل، من جهتها، بدأت في تطبيق تغييرات دائمة بسبب الرسوم الجمركية، بما في ذلك خفض عدد الموظفين وتطوير عمليات التصنيع الخارجية. و عبرت شركات المنتجات الكيميائية عن استمرار الضغط على الطلب بسبب الرسوم الجمركية وعدم اليقين الاقتصادي. شركات المنتجات المعدنية المصنعة اضطرت إلى تقليص عدد المورّدين بسبب تقلب أسعار المواد الخام. أما شركات المنتجات الإلكترونية والحاسوبية، فقد أشارت إلى أن أسعار التوريد الخارجية لا تزال أقل تكلفة من الإنتاج المحلي. وأخيرًا، شركات معدات الكهرباء والأجهزة والمكونات و المنتجات الخشبية أبدت ارتباكًا بسبب السياسات التجارية وتراجع الطلب المحلي و الخارجي.

أظهر المسح أيضًا تحسنًا في أوقات تسليم المواد من الموردين، حيث تسارعت للمرة الأولى في أربعة أشهر. كما استمرت مخزونات المنتجين والعملاء في الانخفاض، ولكن بوتيرة أبطأ مما كانت عليه في الشهر السابق. هذه التطورات تقدم بعض الإشارات الإيجابية، ولكنها لا تكفي لتعويض الأثر السلبي للانكماش العام في النشاط الصناعي.

الخلاصة و التوقعات المستقبلية

باختصار، يشير انكماش النشاط الصناعي في الولايات المتحدة خلال شهر نوفمبر إلى أن القطاع لا يزال يواجه تحديات كبيرة. ضعف الطلب، وارتفاع تكاليف الإنتاج، و عدم اليقين بشأن السياسات التجارية (مثل الرسوم الجمركية) كلها عوامل تساهم في هذا التباطؤ. و من المهم متابعة تطورات هذه الأوضاع، و تحليل البيانات الاقتصادية بشكل مستمر، لتقييم المخاطر المحتملة و اتخاذ الإجراءات المناسبة. و حتى يحين وقت وضوح الرؤية بشأن السياسات التجارية و تحسن الظروف الاقتصادية، فمن المرجح أن يستمر القطاع الصناعي في مواجهة صعوبات.

هل تعتقد أن الحكومة الأمريكية ستتخذ إجراءات جديدة لدعم القطاع الصناعي؟ شارك برأيك في التعليقات أدناه!

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى