مصر وقطر تنشدان اتفاقية تجارة حرة وتكثفان الاستثمارات

تشهد العلاقات الاقتصادية بين مصر وقطر دفعة قوية، حيث تتجه الدولتان نحو توقيع اتفاقية التجارة الحرة، وذلك بهدف تعزيز التعاون المشترك وزيادة حجم التبادل التجاري والاستثماري بينهما. يأتي هذا التطور في ظل تزايد الاهتمام القطري بالسوق المصرية، وتوقيع صفقات استثمارية ضخمة، مما يعكس الثقة المتنامية في الاقتصاد المصري وقدرته على النمو والازدهار. وتعد هذه الخطوة بمثابة نقطة تحول في مسار العلاقات الثنائية، وستفتح آفاقًا جديدة للشركات والمستثمرين من كلا البلدين.
زيادة ملحوظة في حجم التبادل التجاري
أظهرت الأرقام الرسمية نموًا ملحوظًا في حجم التبادل التجاري بين مصر وقطر في الفترة الأخيرة. فقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 221 مليون دولار العام الماضي، بزيادة سنوية تبلغ 54%. وتوقع المسؤولون القطريون والمصريون استمرار هذا النمو بوتيرة أسرع بعد توقيع اتفاقية التجارة الحرة، والتي ستزيل العديد من الحواجز التجارية وتسهل حركة السلع والخدمات بين البلدين. كما أشار وزير الاستثمار والتجارة الخارجية المصري، حسن الخطيب، إلى أن التبادل التجاري ارتفع من 80 مليون دولار في عام 2023 إلى 143 مليون دولار خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2025، أي بنمو يقارب 80%.
استثمارات قطرية ضخمة في مصر
تأتي الجهود المبذولة لتوقيع اتفاقية التجارة الحرة بالتزامن مع تدفق الاستثمارات القطرية إلى مصر. فقد أعلنت شركة “الديار” القطرية، الذراع العقارية لجهاز قطر للاستثمار، عن استثمار 29.7 مليار دولار في تطوير مشروع سياحي ضخم على الساحل الشمالي لمصر. يهدف هذا المشروع، الذي يحمل اسم “علم الروم”، إلى أن يكون وجهة سياحية عالمية المستوى، وأن يعزز جاذبية المنطقة للاستثمارات الخليجية والعربية.
مشروع “علم الروم” وتأثيره على الاستثمار
من المتوقع أن يساهم مشروع “علم الروم” في خلق آلاف من فرص العمل، وتحقيق عائد اقتصادي كبير لمصر. كما ستتولى شركات مقاولات مصرية وموردون محليون النصيب الأكبر في أعمال المشروع، مما يدعم الصناعة المحلية ويوفر فرصًا للنمو والتطور. بالإضافة إلى ذلك، فإن المشروع سيشمل العديد من الفنادق والمولات والمشاريع الاجتماعية، مما سيساهم في تنويع الاقتصاد المصري وتعزيز قطاع السياحة.
وبالإضافة إلى صفقة “علم الروم”، تبلغ الاستثمارات القطرية الحالية في السوق المصرية حوالي 5.7 مليار دولار. وتشمل هذه الاستثمارات قطاعات متنوعة، مثل العقارات والطاقة والبنوك والسياحة.
مجالات التعاون المقترحة
تتطلع مصر وقطر إلى توسيع نطاق التعاون المشترك ليشمل المزيد من القطاعات. فقد تم بحث إمكانية إطلاق مشروعات تكاملية بين البلدين في مجالات مثل الألومنيوم وصناعة السيارات والمنسوجات. كما تم طرح فرص استثمارية في مجال إنشاء الفنادق السياحية، والإنتاج الزراعي والدواجن، وتصنيع رؤوس الآبار. وتسعى مصر إلى جذب المزيد من الاستثمارات القطرية في قطاع الطاقة المتجددة، وخاصة في مجال إنتاج الوقود المستدام للطائرات.
فرص استثمارية واعدة
تتضمن الفرص الاستثمارية المطروحة إنشاء مصنع لإنتاج الوقود المستدام للطائرات من زيوت الطعام المستعملة باستثمارات تقدر بـ 200 مليون دولار في منطقة قناة السويس. كما توجد دراسة لفرصة استثمارية بقيمة 400 مليون دولار في مجال الإنتاج الزراعي والدواجن. بالإضافة إلى ذلك، هناك خطط لإنشاء مصنع لتصنيع رؤوس الآبار على غرار مصنع “دلتا كوربوريشن” في الدمام السعودية، بتكلفة استثمارية تقدر بـ 500 مليون دولار.
تكامل القطاعات الخاصة
لا يقتصر التعاون بين مصر وقطر على مستوى الحكومات والشركات الكبرى، بل يمتد ليشمل القطاعات الخاصة أيضًا. فقد أعلنت شركة السويدي إلكتريك عن تخصيص 250 مليون ريال قطري (67 مليون دولار) لإنشاء مصانع لإنتاج قضبان النحاس وقضبان الألمنيوم ومحولات توزيع الطاقة في قطر، مع توقعات بتوسيع هذه الاستثمارات لتشمل مصر في المستقبل. ويوجد في قطر أكثر من 5000 شركة مشتركة مصرية قطرية، بالإضافة إلى أكثر من 1000 شركة باستثمار أجنبي قطري 100%.
المنطقة الصناعية في العلمين
جددت مصر عرضها لقطر لإقامة منطقة صناعية تعمل بنظام المطور الصناعي في مدينة العلمين، وبالقرب من مشروع “علم الروم”. تهدف هذه المنطقة إلى جذب المزيد من الاستثمارات القطرية في القطاعات الصناعية المختلفة، وتوفير بيئة استثمارية جاذبة للشركات القطرية. كما تدرس شركة “جست ريل استايت” الفرص الاستثمارية في إدارة الموانئ والمطارات المصرية، وتخطط للاستثمار بالتعاون مع “الديار” في مشاريع “علم الروم”.
في الختام، فإن التوجه المصري القطري نحو تعزيز التجارة والاستثمار يمثل خطوة إيجابية نحو بناء شراكة استراتيجية قوية بين البلدين. ومن المتوقع أن يؤدي توقيع اتفاقية التجارة الحرة إلى زيادة كبيرة في حجم التبادل التجاري والاستثماري، وتحقيق فوائد اقتصادية متبادلة لكلا البلدين. كما أن الاستثمارات القطرية الضخمة في مصر ستساهم في دعم الاقتصاد المصري وتعزيز النمو والازدهار.












