مصر تدرس حماية صناعة الأتوبيسات المحلية وسط طفرة في المبيعات

تولي الحكومة المصرية اهتماماً كبيراً بتطوير وتعزيز قطاع صناعة الأتوبيسات المحلي، وذلك في إطار رؤيتها لتقليل الاعتماد على الواردات وتحقيق الاكتفاء الذاتي. فقد كشفت مصادر عن دراسة شاملة يجري إعدادها لحماية هذه الصناعة، بالتزامن مع خطوات فعّالة لتطوير التشريعات المنظمة للقطاع. هذه الجهود تأتي مدفوعة بنمو ملحوظ في مبيعات الأتوبيسات المجمعة محلياً، مما يعكس إمكانات كبيرة لهذا القطاع الحيوي في دعم الاقتصاد الوطني. وتستهدف الدراسة بشكل رئيسي رفع القدرة التنافسية لـ صناعة الأتوبيسات المصرية في السوقين المحلي والإقليمي.
الدراسة الحكومية لحماية صناعة الأتوبيسات: دوافع وأهداف
وفقًا لتصريحات ثلاثة أشخاص مُطلعين على الموضوع، فإن الحكومة تدرس بعناية الإجراءات اللازمة لحماية صناعة الأتوبيسات من المنافسة غير العادلة، خاصةً من الواردات. وتأتي هذه الخطوة استجابةً لنمو قطاع تجميع الأتوبيسات محلياً، حيث سجلت مبيعات الأشهر العشرة الأولى من العام الحالي قفزة بنسبة 59%، لتصل إلى 8.9 ألف أتوبيس، منها أكثر من 7 آلاف أتوبيس تم تصنيعها داخل مصر بنسبة نمو سنوية تبلغ 73.7%.
الهدف الرئيسي من هذه الدراسة هو توفير بيئة مواتية لنمو واستدامة المصنعين المحليين، بالإضافة إلى دعم سلاسل التوريد الخاصة بهم. ويشمل ذلك النظر في مقترحات مختلفة، مثل إعفاء المكونات المحلية من الرسوم الجمركية، مما سيساعد على خفض تكاليف الإنتاج وزيادة القدرة التنافسية للشركات المصرية.
لجنة لتطوير التشريعات المنظمة
تزامناً مع إعداد الدراسة، قامت الحكومة بتشكيل لجنة متخصصة مهمتها وضع وضبط التشريعات المنظمة لقطاع تصنيع الأتوبيسات. تهدف هذه اللجنة إلى تحديث القوانين واللوائح لتتواكب مع التطورات في الصناعة، وتوفير إطار قانوني واضح ومستقر يجذب الاستثمارات ويدعم النمو.
وحدة مركزية لتسهيل إجراءات الشركات و برنامج حوافز إنتاج السيارات
في خطوة موازية، أنشأت مصر وحدة مركزية لتسهيل الإجراءات الخاصة بشركات صناعة السيارات والأتوبيسات. تهدف هذه الوحدة إلى تبسيط العمليات الإدارية، وتقليل البيروقراطية، وتقديم الدعم اللازم للشركات لتسهيل ممارسة أعمالها. وهذا يتماشى مع الجهود الحكومية الرامية إلى تحسين مناخ الاستثمار وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
بالإضافة إلى ذلك، وافق مجلس الوزراء المصري في مايو الماضي على برنامج حوافز إنتاج السيارات الجديدة ضمن الاستراتيجية الوطنية لصناعة السيارات. يسعى هذا البرنامج إلى زيادة القيمة المضافة المحلية لتصل إلى 60%، وزيادة المكون الصناعي المحلي المستهدف إلى أكثر من 35%، وزيادة الإنتاج السنوي إلى 100 ألف سيارة. وهذا يعزز بشكل كبير فرص نمو قطاع صناعة الأتوبيسات المصرية.
مقترحات لدعم الصناعة المحلية
يرى مسؤولون في شركات تصنيع الأتوبيسات أن إعفاء المكونات المحلية من الرسوم الجمركية أمر ضروري لدعم القدرة التنافسية. كما طالبوا بفرض رسوم جمركية على الأتوبيسات المستوردة، وخاصةً تلك التي لا تلبي المعايير البيئية أو الصناعية المحلية، وذلك لتشجيع الصناعة المصرية، وبشكل خاص الأتوبيسات الكهربائية.
يوجد حاليًا حوالي 4 شركات لتصنيع الأتوبيسات في مصر، بما في ذلك MCV والنصر للسيارات. وتتوقع الجهات المعنية انضمام المزيد من الشركات مع بدء الإعلان عن الحوافز المقدمة للمصنعين.
مستقبل واعد وتوسع في الإنتاج
يأتي التوسع في إنتاج الأتوبيسات محلياً متماشياً مع استراتيجية الدولة لتعميق الصناعة الوطنية وتقليل الاعتماد على الواردات. بالإضافة إلى ذلك، فإنه يدعم التوجه نحو التحول للطاقة النظيفة من خلال التوسع في تصنيع الأتوبيسات العاملة بالغاز الطبيعي والكهرباء.
وفي ظل الطلب المتزايد على وسائل النقل الجماعي في السوق المحلية، فإن الإنتاج المحلي من الأتوبيسات يمثل بديلاً أقل تكلفة وأكثر ملاءمة للاحتياجات المحلية. ومع ذلك، أظهرت بيانات مجلس معلومات سوق السيارات (أميك) انخفاضاً طفيفاً في مبيعات الأتوبيسات في عام 2024، حيث بلغت 7.3 ألف وحدة مقابل 8.4 ألف أتوبيس في نفس الفترة من عام 2023، بنسبة انخفاض سنوية بلغت 12.7%.
على الرغم من هذا الانخفاض المؤقت، لا يزال مستقبل صناعة الأتوبيسات في مصر واعداً، خاصةً مع الدعم الحكومي المتزايد والفرص المتاحة لنمو الإنتاج والتوسع في الأسواق الإقليمية. ويتوقع أن تسهم هذه الجهود في تحقيق طفرة نوعية في قطاع النقل المصري، وتعزيز مكانة مصر كمركز إقليمي لتصنيع و تجميع الأتوبيسات.











