اخبار الاقتصاد

شحنة نفط من “روسنفت” تصل قبالة الصين بعد مناورات معقدة بسبب العقوبات

شهدت تجارة النفط الروسي تطورات جديدة مع وصول شحنة نفط روسي تابعة لشركة “روسنفت” الخاضعة للعقوبات الأمريكية إلى المياه الصينية، بعد رحلة طويلة ومعقدة مليئة بالتحركات غير الاعتيادية. هذه الواقعة تبرز التحديات المتزايدة التي تواجهها شركات النفط الروسية في تصدير منتجاتها، والجهود المبذولة لتجاوز العقوبات الغربية، بالإضافة إلى تأثير هذه التطورات على أسواق الطاقة العالمية. وتسلط هذه الحادثة الضوء على حالة عدم اليقين التي تخيم على قطاع النفط العالمي، وتحديداً فيما يتعلق بتوريد النفط الروسي إلى الدول الآسيوية.

رحلة متعرّجة لشحنة النفط الروسي إلى الصين

وصلت الناقلة “فورتس” إلى المياه الصينية قبالة ميناء ريزهاو، على الساحل الشرقي للصين، يوم الثلاثاء، وهي تحمل شحنة تقدر بحوالي 700 ألف برميل من النفط الخام. لكن هذه الرحلة لم تكن مباشرة؛ فقد بدأت الناقلة “أيلانا” في تحميل الشحنة من ميناء أوست-لوجا في بحر البلطيق في أواخر سبتمبر، ثم اتخذت مساراً عبر البحر الأبيض المتوسط وقناة السويس باتجاه الهند.

وبعد توقف قصير قبالة مومباي في أواخر أكتوبر، جرى نقل الشحنة إلى الناقلة “فورتس” في عرض البحر، في عملية نقل نادرة بين ناقلات النفط. وواصلت “فورتس” رحلتها، مع إشارة أولية إلى وجهتها كوتشي في جنوب الهند، قبل أن تغير مسارها إلى ميناء نينغبو في الصين، ثم إلى يوسو في كوريا الجنوبية، حيث جرى نقل جزء من الشحنة إلى ناقلة أخرى.

تأثير العقوبات الأمريكية على مسار الشحنة

تعتبر هذه الرحلة المتعرّجة مؤشراً واضحاً على تأثير العقوبات الأمريكية المفروضة على “روسنفت” وعلى قطاع النفط الروسي بشكل عام. حيث تحاول الشركات الروسية إيجاد طرق جديدة لتصدير النفط وتجنب الرقابة المتزايدة من قبل الولايات المتحدة. تأتي هذه العقوبات في محاولة لتقييد إيرادات الكرملين واستخدامها في تمويل الحرب في أوكرانيا. بدأ الأمر بفرض سقف للأسعار، ثم تطور إلى عقوبات مباشرة على الشركات الكبرى مثل روسنفت و لوك أويل.

يبلغ المعدل الطبيعي لوصول شحنة نفط من غرب روسيا إلى الصين حوالي شهرين. لكن شحنة “روسنفت” استغرقت ثلاثة أشهر، مما يشير إلى الصعوبات والتعقيدات التي واجهتها في الوصول إلى وجهتها. هذه الزيادة في المدة تعكس حالة عدم الاستقرار والتأثيرات السلبية للعقوبات على سلاسل الإمداد.

ميناء ريزهاو الصيني وتحديات الاستيراد

الوضع في ميناء ريزهاو الصيني يضيف طبقة أخرى من التعقيد. فوفقاً لبيانات تتبع السفن، فإن جميع أرصفة الاستيراد في الميناء، باستثناء رصيف واحد، مدرجة ضمن القائمة السوداء من قبل الولايات المتحدة بسبب تورطها في تجارة النفط الإيراني. هذا يعني أن تفريغ شحنة النفط الروسي في الميناء قد يكون محفوفاً بالمخاطر ويتعرض لتدقيق إضافي.

حتى الآن، لم يتضح ما إذا كانت ناقلة “فورتس” ستقوم بتفريغ الشحنة في ريزهاو. ولم ترد لا الشركة المالكة للناقلة “باسيفيك لوجيستك آند ماريتيام” ولا مديرة الناقلة “نورث ستار شيب مانجمنت” على طلبات التعليق. كما لم تتوفر معلومات اتصال بشركة “نوتيلياس فليت مانجمنت” التي تدير “أيلانا” أو مالكتها “ألفيدو تشارترينغ”.

تداعيات أوسع على تجارة النفط العالمية

إن وصول شحنة النفط الروسي إلى الصين، على الرغم من العقوبات، يوضح قدرة روسيا على إيجاد أسواق جديدة لمنتجاتها. كما يعكس الرغبة المتزايدة لدى بعض الدول، مثل الصين، في تنويع مصادر إمداداتها من الطاقة وتقليل اعتمادها على السوق الغربية. هذه التطورات قد تؤدي إلى إعادة تشكيل خريطة تجارة النفط العالمية.

أسعار النفط العالمية تراقب الوضع عن كثب، في انتظار تقارير جديدة قد تحدد مسار السوق. العقوبات الأمريكية على روسيا أثارت بالفعل مخاوف بشأن نقص الإمدادات وارتفاع الأسعار. بالإضافة إلى ذلك، فإن الضغوط على المشتريات الهندية بسبب العقوبات تساهم في زيادة الطلب على النفط الروسي من قبل الصين. ويمكن القول إن هذا السيناريو يخلق حالة من عدم اليقين في أسواق الطاقة، ويجعل من الصعب التنبؤ بمسار الأسعار على المدى القصير والمتوسط.

قطاع الطاقة الصيني يشهد حالياً تحولات كبيرة، مدفوعة بالعقوبات الغربية والجهود المبذولة لتعزيز الأمن الطاقي. إن زيادة واردات النفط الروسي إلى الصين قد تساهم في خفض تكاليف الطاقة بالنسبة للمستهلكين والشركات الصينية، لكنها قد تثير أيضاً انتقادات من الغرب. وبالتالي، فإن الصين تواجه تحدياً في تحقيق التوازن بين مصالحها الاقتصادية وعلاقاتها الدبلوماسية.

ختاماً، توضح هذه الحادثة مدى تعقيد اللعبة الجيوسياسية المحيطة بتجارة النفط الروسي. بينما تسعى الولايات المتحدة إلى تقييد إمدادات النفط الروسي، تحاول روسيا إيجاد طرق جديدة لتصدير منتجاتها. وتلعب الصين دوراً محورياً في هذا السيناريو، حيث تعتبر وجهة رئيسية للنفط الروسي. ومن المرجح أن نشهد المزيد من التطورات والتقلبات في أسواق الطاقة العالمية في الأشهر القادمة. يُنصح بمتابعة تطورات هذا الموضوع باستمرار لفهم تأثيرها المحتمل على الاقتصاد العالمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى