“سوفت بنك” تلاحق فرص الذكاء الاصطناعي بصفقة استحواذ جديدة

تدرس شركة “سوفت بنك غروب” (SoftBank Group) حاليًا سلسلة من عمليات الاستحواذ المحتملة، من بينها صفقة قد تغير قواعد اللعبة في قطاع مراكز البيانات: الاستحواذ على شركة “سويتش” (Switch). يأتي هذا التحرك في وقت يشهد فيه العالم طفرة هائلة في البنية التحتية الرقمية، مدفوعة بالنمو المتسارع في تطبيقات الذكاء الاصطناعي، وهو المجال الذي يسعى مؤسس “سوفت بنك”، الملياردير ماسايوشي سون، إلى تعزيز مكانة المجموعة فيه بشكل كبير.
“سوفت بنك” تتفحص “سويتش” و”ديجيتال بريدج”
وفقًا لمصادر مطلعة على الأمر، أجرت “سوفت بنك” محادثات أولية مع إدارة “سويتش”، وهي شركة متخصصة في تصميم وتشغيل مراكز البيانات، وتواصل حاليًا عملية الفحص النافي للجهالة (Due Diligence) لتقييم الشركة بشكل شامل. هذه الخطوة تأتي بالتزامن مع دراسة “سوفت بنك” لإمكانية الاستحواذ على شركة “ديجيتال بريدج غروب” (DigitalBridge Group)، وهي شركة استثمارية مدرجة في بورصة نيويورك ولها دور محوري في دعم “سويتش” من خلال استثمارات الملكية الخاصة.
الذكاء الاصطناعي محركًا لصفقات “سوفت بنك”
يعكس هذا الاهتمام المتزايد بقطاع مراكز البيانات رؤية ماسايوشي سون الطموحة للاستفادة من ثورة الذكاء الاصطناعي. فمع ارتفاع قيمة شركات مثل “إنفيديا” (Nvidia) لتصبح الأكبر في العالم، أصبح من الواضح أن البنية التحتية القوية والموثوقة هي عنصر أساسي لنجاح مشاريع الذكاء الاصطناعي. الاستحواذ على “سويتش”، المعروفة بتصميمها لمراكز بيانات موفرة للطاقة، سيمكن “سوفت بنك” من السيطرة على جزء حيوي من هذه البنية التحتية.
تقييمات الصفقة المحتملة
تشير التقديرات إلى أن مالكي “سويتش” يطمحون إلى تقييم الشركة بنحو 50 مليار دولار أمريكي، شاملاً الديون. وفي الوقت نفسه، يستعدون لطرح عام أولي (IPO) محتمل لأسهم الشركة في أوائل العام المقبل، مع توقعات بزيادة التقييم إلى حوالي 60 مليار دولار. أما بالنسبة لـ “ديجيتال بريدج”، فقد ارتفعت أسهمها بنحو 35% منذ بداية العام، مما يعكس الثقة المتزايدة في مستقبل الشركة.
تأثير محتمل على ميزانية “سوفت بنك”
يرى محللو “بلومبرغ إنتليجنس” (Bloomberg Intelligence) أن استحواذ “سوفت بنك” على “سويتش” سيؤدي إلى زيادة كبيرة في الميزانية المخصصة للاستثمار في البنية التحتية للذكاء الاصطناعي. على الرغم من أن مشروع “ستارغيت” (Stargate) الضخم، والذي تقدر قيمته بـ 500 مليار دولار، يمثل استثمارًا أكبر من حيث الإعلان، إلا أن الاحتياجات التمويلية الفعلية لـ “سوفت بنك” في هذا المشروع، مع الأخذ في الاعتبار حصتها البالغة 40%، تقارب 40 مليار دولار. من المرجح أن تنفق “سوفت بنك” مبلغًا أقل على “ستارغيت” نظرًا لمشاركتها الأقل نشاطًا من المتوقع.
استراتيجية “سوفت بنك” في عمليات الاستحواذ
تتبع “سوفت بنك” عادةً استراتيجية تحليل العديد من الصفقات المحتملة في مجال معين قبل اتخاذ قرار نهائي. وقد تقرر إجراء عدة صفقات في مجال محدد بهدف التوسع السريع. الاستحواذ على “سويتش” سيوفر لـ “سوفت بنك” محفظة كبيرة من مراكز البيانات مباشرةً، وهو أمر بالغ الأهمية في ظل الطلب المتزايد على القدرات الحاسوبية.
خلفية عن “ديجيتال بريدج” و”سويتش”
في عام 2022، استحوذ كونسورتيوم بقيادة “ديجيتال بريدج” و”آي إف إم إنفستورز” (IFM Investors) على “سويتش” في صفقة قيمتها 11 مليار دولار. “ديجيتال بريدج” هي واحدة من أكبر شركات الاستثمار المتخصصة في البنية التحتية الرقمية على مستوى العالم، حيث تدير أصولًا بقيمة 108 مليارات دولار. الاستحواذ على “ديجيتال بريدج” سيكسب “سوفت بنك” خبرة قيمة في جمع رأس المال الضخم وبناء علاقات قوية مع المستثمرين المهتمين بقطاع مراكز البيانات.
تطورات حديثة وتأثيرها على سهم “سوفت بنك”
على الرغم من عدم وجود اتفاق نهائي بشأن شروط الصفقة حتى الآن، إلا أن المحادثات جارية. من المتوقع أن تحتاج “سوفت بنك” إلى جمع تمويل كبير لإتمام عملية الاستحواذ على “سويتش”، والتي ستكون من بين أكبر الصفقات في تاريخ الشركة. تفاعل المستثمرون بشكل إيجابي مع هذه التطورات، حيث ارتفعت أسهم “سوفت بنك” بنحو الضعف منذ بداية العام.
في الأشهر الأخيرة، قامت “سوفت بنك” بعدة استثمارات استراتيجية في مجال الذكاء الاصطناعي، بما في ذلك الاستحواذ على “أمبير كومبيوتينغ” (Ampere Computing) مقابل 6.5 مليار دولار، والتعهد باستثمار 30 مليار دولار في “أوبن إيه آي” (OpenAI)، بالإضافة إلى شراء حصة في “إنتل” (Intel). ولتمويل هذه الاستثمارات، باعت “سوفت بنك” حصتها الكاملة في “إنفيديا” وزادت من القروض الهامشية بضمان أسهم “آرم هولدينغز” (Arm Holdings).
تُظهر هذه التحركات أن “سوفت بنك” ملتزمة بتعزيز مكانتها في قطاع التكنولوجيا المتنامي، وأنها ترى في الذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات فرصًا استثمارية واعدة. يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الجهود ستؤتي ثمارها وتساهم في تحقيق النمو المستدام لـ “سوفت بنك” في المستقبل.












