سوريا تبحث مع “البنك الدولي” إطلاق مشاريع في قطاع الكهرباء

تواجه سوريا تحديات كبيرة في قطاع الكهرباء، وتسعى الحكومة جاهدة لإيجاد حلول مستدامة لتلبية احتياجات المواطنين المتزايدة. في هذا الإطار، أجرت الحكومة السورية مباحثات مثمرة مع وفد من “البنك الدولي” حول إمكانية إطلاق مشاريع جديدة في قطاع الكهرباء، بالإضافة إلى استكشاف برامج الدعم التي يمكن للبنك تقديمها. تهدف هذه الجهود إلى توسيع التعاون ودعم برامج البنية التحتية الحيوية خلال المرحلة المقبلة، وهو ما يمثل خطوة هامة نحو استعادة الاستقرار والنمو الاقتصادي في البلاد.
مباحثات الحكومة السورية مع البنك الدولي: دعم شامل لقطاع الكهرباء
عقد وزير المالية محمد يسر برنية اجتماعاً مع وفد البنك الدولي، حيث استعرض أولويات الدعم التي يمكن أن يقدمها البنك. ركزت المناقشات على تحديد القطاعات ذات الأهمية العاجلة، وآليات توفير التمويل والدعم الفني اللازمين. يهدف هذا التعاون إلى معالجة النقص الحاد في الطاقة الكهربائية الذي تعاني منه سوريا، وتحسين جودة وكفاءة الشبكة الكهربائية.
فرص إطلاق مشاريع جديدة وتعزيز قدرات الشبكة
ركز الطرفان بشكل خاص على دراسة فرص إطلاق مشاريع كهرباء جديدة تهدف إلى تعزيز قدرات الشبكة الحالية وتلبية الطلب المتزايد على الطاقة. يشمل ذلك استكشاف إمكانية بناء محطات توليد جديدة، وتحديث البنية التحتية القائمة، وتحسين كفاءة توزيع الطاقة. بالإضافة إلى ذلك، بحث الجانبان تقديم المساعدة الفنية في إدارة الديون والتمويل العام، بهدف دعم إصلاح القطاع المالي وتحسين كفاءة الإنفاق الحكومي.
من المتوقع أن يختتم وفد البنك الدولي زيارته بإعداد ورقة استراتيجية شاملة للتعاون بين الجانبين. ستحدد هذه الورقة إطار الدعم المستقبلي وبرامج العمل المشتركة، ومن المقرر إصدارها قبل نهاية العام الحالي. هذا التخطيط الاستراتيجي يضمن توجيه الدعم بشكل فعال نحو تحقيق الأهداف المرجوة في تطوير قطاع الطاقة.
أزمة الكهرباء في سوريا: تحديات وحلول
يعتبر قطاع الطاقة من أبرز التحديات التي تواجه سوريا، خاصة بعد سنوات الحرب والدمار. تفاقمت أزمة الكهرباء منذ عام 2016 بسبب خروج عدد كبير من محطات التوليد عن الخدمة، سواء بسبب الأضرار التي لحقت بها أو بسبب انعدام عمليات الصيانة الدورية. خلال الفترة الممتدة بين عامي 2023 و2024، شهدت البلاد تقنيناً حاداً في استخدام الكهرباء، حيث انخفضت مدة التغذية الكهربائية في بعض المناطق إلى أربع ساعات متقطعة فقط.
وتقدر قيمة مشروع إعادة تأهيل قطاع الطاقة في سوريا بنحو 7 مليارات دولار. تسعى دمشق جاهدة لتنفيذ هذا المشروع الطموح، بالتعاون مع شركاء دوليين مثل “سيمنز” و”جنرال إلكتريك”، كما ورد في تقارير سابقة. يهدف المشروع إلى استعادة قدرة توليد الكهرباء إلى مستويات كافية لتلبية احتياجات البلاد المتزايدة.
تحسينات ملحوظة في إنتاج الكهرباء
على الرغم من التحديات، شهدت سوريا تحسينات ملحوظة في إنتاج الطاقة الكهربائية بفضل عمليات الصيانة والمشاريع الجديدة. ارتفعت قدرة إنتاج الطاقة إلى نحو 2400 ميغاواط، مما انعكس إيجاباً على التغذية الكهربائية في عدد من المحافظات. ولأول مرة منذ عام 2011، تمكنت العاصمة دمشق من الحصول على تغذية كهربائية مستمرة على مدار 24 ساعة.
ومع ذلك، لا يزال الإنتاج الحالي أقل من ثلث احتياجات سوريا اليومية المقدرة بـ 8 غيغاواط. يشير مدير المؤسسة العامة لتوليد الكهرباء في سوريا، محمد فضيلة، إلى أن البلاد تحتاج إلى استثمارات كبيرة وجهود متواصلة لردم هذا الفجوة وتحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة. ويقدر المدير العام لمؤسسة نقل وتوزيع الكهرباء، خالد أبو دي، أن البلاد تحتاج إلى حوالي 5 سنوات لاستقرار التيار الكهربائي بشكل كامل.
نظرة مستقبلية وتعاون دولي
إن التعاون مع البنك الدولي يمثل فرصة هامة لسوريا لتسريع وتيرة إعادة تأهيل قطاع الكهرباء وتحقيق الاستقرار في إمدادات الطاقة. من خلال توفير التمويل والدعم الفني اللازمين، يمكن لسوريا تنفيذ مشاريع حيوية تساهم في تحسين جودة الحياة للمواطنين وتعزيز النمو الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك، فإن التعاون مع شركات عالمية متخصصة في مجال الطاقة، مثل “سيمنز” و”جنرال إلكتريك”، يمكن أن يساعد في نقل الخبرات والتكنولوجيا المتقدمة إلى سوريا.
من الضروري الاستمرار في جهود الصيانة والتحديث، بالإضافة إلى استكشاف مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية والرياح، لضمان استدامة قطاع الكهرباء في المستقبل. إن تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة يمثل هدفاً استراتيجياً لسوريا، ويتطلب تضافر الجهود من جميع الأطراف المعنية. تطوير قطاع الطاقة ليس مجرد ضرورة اقتصادية، بل هو أيضاً عنصر أساسي لتحقيق الاستقرار الاجتماعي والسياسي في البلاد.
لمعرفة المزيد عن جهود إعادة إعمار سوريا، يمكنك زيارة [رابط لمقال آخر عن إعادة الإعمار]. شاركنا رأيك حول أهمية دعم قطاع الكهرباء في سوريا في قسم التعليقات أدناه.












