اخبار الاقتصاد

جني أرباح يضغط على وول ستريت ويضرب أسهم الذكاء الاصطناعي الأميركية

شهدت الأسواق العالمية، وعلى رأسها وول ستريت، حالة من التراجع يوم الجمعة، بعد أن بدأ كبار المستثمرين في جني الأرباح من الارتفاعات الكبيرة التي حققتها أسهم شركات الذكاء الاصطناعي خلال الأشهر الأخيرة. هذا التراجع جاء بعد فترة من التفاؤل، وأثار مخاوف بشأن استدامة زخم الذكاء الاصطناعي في الأسواق المالية. كما ارتفعت عوائد السندات طويلة الأجل، مما يعكس تحولاً في معنويات المستثمرين.

تراجع أسهم الذكاء الاصطناعي يقود عمليات جني الأرباح

بدأت بوادر التراجع مع توقعات مبيعات مخيبة للآمال من شركة برودكوم، مما أدى إلى انخفاض سعر سهمها بنسبة 11%، وتأثير سلبي على الشركات المنافسة. هذا الانخفاض زاد من قلق المستثمرين بشأن الرهانات الكبيرة التي تم وضعها على قطاع الذكاء الاصطناعي، والذي كان مدفوعاً في البداية بالنتائج القوية لشركة أوراكل.

تفاقم هذا التراجع بعد تقارير عن تأجيل بعض مشروعات مراكز البيانات التابعة لأوراكل، بالإضافة إلى انخفاض أسهم الشركات المرتبطة بتطوير البنية التحتية اللازمة لتشغيل تطبيقات الذكاء الاصطناعي. يوم الخميس شهد بداية هذا التراجع، مدفوعاً بتوقعات زيادة الإنفاق الرأسمالي وتمديد الإطار الزمني لتحقيق العائدات.

أوراكل تؤجل مشروعات مراكز البيانات

أعلنت أوراكل عن تأجيل مواعيد إنجاز مراكز البيانات التي تطورها لصالح شركة OpenAI، مما أثار المزيد من الشكوك حول قدرة الشركات على مواكبة الطلب المتزايد على خدمات الذكاء الاصطناعي. هذا التأجيل يعكس التحديات اللوجستية والمالية التي تواجهها الشركات في بناء وتشغيل هذه المراكز الضخمة.

تأثير التراجع على المؤشرات الرئيسية

تأثرت المؤشرات الرئيسية في أسواق الأسهم بشكل ملحوظ بهذا التراجع. انخفض مؤشر ناسداك 100 بنسبة 1.9%، بينما تراجع مؤشر ستاندرد آند بورز 500 بنسبة 1.1%، بعد أن سجل إغلاقاً قياسياً في الجلسة السابقة. كما انخفض كل من مؤشر داو جونز الصناعي ومؤشر راسل 2000 من مستويات قياسية.

جني الأرباح بعد ارتفاعات قياسية

يرى خبراء المال أن عمليات جني الأرباح التي شهدتها الأسواق يوم الجمعة كانت متوقعة، بعد أن وصلت المؤشرات إلى مستويات قياسية. لويس نافيليه، كبير مسؤولي الاستثمار في نافيلييه آند أسوشيتس، صرح بأن “فقاعة الذكاء الاصطناعي تنكمش لكنها لا تنفجر”، مشيراً إلى أن المخاوف المتزايدة بشأن اتفاقيات OpenAI قد تعيق تحقيق المزيد من المكاسب.

مخاوف التضخم وتأثيرها على السندات

ألقى هذا التراجع بظلاله على التفاؤل الذي أثاره قرار الاحتياطي الفيدرالي بخفض أسعار الفائدة للمرة الثالثة على التوالي هذا الأسبوع. كما أضافت تصريحات متباينة من مسؤولي الفيدرالي إلى حالة عدم اليقين، حيث أبقوا على توقعاتهم بإجراء خفض واحد فقط في أسعار الفائدة بحلول عام 2026.

في الوقت نفسه، ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية لأجل 30 عاماً بمقدار 6 نقاط أساس إلى أعلى مستوى في ثلاثة أشهر، بعد أن أعربت بيث هاماك، رئيسة الاحتياطي الفيدرالي في كليفلاند، عن تفضيلها لأسعار فائدة أكثر تقييداً لمواصلة الضغط على التضخم، الذي لا يزال مرتفعاً.

نظرة مستقبلية: التنويع والاستعداد لتقلبات السوق

وسط هذه التقلبات، يرى خبراء أن التنويع عبر مختلف الأسواق والقطاعات أصبح عاملاً رئيسياً في قرارات الاستثمار. بعد أن قادت شركات التكنولوجيا العملاقة مكاسب الأسهم خلال معظم العام، يتجه المستثمرون الآن إلى البحث عن فرص في قطاعات أخرى.

مارك ويلسون من غولدمان ساكس كتب أن “التنويع هو الثمن الذي يجب سداده لإبقائك مستثمراً بالكامل في الأسهم”، مشيراً إلى وجود قصص استثمارية جذابة في كوريا واليابان والصين والأسواق الناشئة على نطاق أوسع. على الرغم من التراجع الحالي، لا يزال استراتيجيون في غولدمان ساكس يتوقعون تسجيل الأسهم مستويات قياسية جديدة العام المقبل، مدفوعين بالنمو الاقتصادي المتماسك والاعتماد الأوسع على الذكاء الاصطناعي.

يتوقعون وصول مؤشر ستاندرد آند بورز 500 إلى حوالي 7600 نقطة في العام المقبل، مما يشير إلى مكاسب تقارب 10% من المستويات الحالية. هذا التفاؤل يشاركه محللون آخرون ومديرو أصول في مؤسسات مثل مورغان ستانلي ودويتشه بنك و RBC Capital Markets.

بشكل عام، تشير التوقعات إلى أن سوق الأسهم سيظل متقلباً في المدى القصير، ولكن مع وجود فرص طويلة الأجل للمستثمرين الذين يتبنون استراتيجية تنويع حكيمة ويراقبون عن كثب تطورات قطاع الذكاء الاصطناعي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى