“تشاينا فانكي” الصينية تخوض اختبار تعثر جديداً في سوق السندات

تواجه شركة تشاينا فانكي (China Vanke)، إحدى كبرى شركات التطوير العقاري في الصين، تحديات متزايدة في سداد ديونها، مما يضعها في اختبار حقيقي لقدرتها على تجاوز الأزمة المالية الحالية. بعد أيام قليلة من الحصول على مهلة مؤقتة لسند محلي، يواصل مستثمرو سندات أخرى التصويت على طلب الشركة بتأجيل السداد، في ظل عبء ديون ضخم يستحق في الأشهر القادمة. هذه الأزمة تلقي الضوء على هشاشة الوضع المالي للعديد من الشركات العقارية الصينية، وتأثير ذلك على الاقتصاد ككل.
أزمة ديون تشاينا فانكي تتفاقم
يمتلك حاملو سندات بقيمة 3.7 مليار يوان (حوالي 526 مليون دولار) حتى الساعة الثالثة من مساء الخميس مهلة للاختيار من بين ستة مقترحات، كلها تهدف إلى تأجيل سداد الديون. إذا لم يتم إقرار أي من هذه المقترحات، فسيتعين على الشركة سداد قيمة السند في 28 ديسمبر أو خلال فترة سماح مدتها خمسة أيام عمل، وإلا فإن خطر التعثر عن السداد يلوح في الأفق. الوضع المالي لـتشاينا فانكي يزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، مما يثير قلق المستثمرين والمراقبين.
ضغوط الديون وتصنيف S&P
تشاينا فانكي ليست وحدها في مواجهة هذه التحديات، فهي أحدث مطور عقاري صيني كبير يصارع الديون. تتعرض الشركة لضغوط متزايدة بسبب التزاماتها المالية التي تقدر بحوالي 50 مليار دولار، في وقت يشهد فيه قطاع العقارات الصيني ركوداً غير مسبوق. هذا الركود يجعل من الصعب على الشركة بيع الأصول وتوليد السيولة اللازمة لسداد ديونها.
في وقت سابق، تمكنت الشركة من تأمين دعم لتمديد فترة السماح لسند بقيمة ملياري يوان، لكن مقترحها بتأجيل سداد أصل الدين لمدة 12 شهراً قوبل بالرفض. هذا يدل على أن الدائنين يراقبون الوضع عن كثب، ويترددون في الموافقة على تمديدات طويلة الأجل. وقد أدى ذلك إلى خفض وكالة “إس آند بي غلوبال ريتينغز” (S&P Global Ratings) لتصنيف الشركة الائتماني طويل الأجل إلى مستوى “التعثر الانتقائي”، معتبرة أن تمديد فترة السماح يعتبر إعادة هيكلة لديون متعثرة.
إعادة هيكلة ديون محتملة
تجري تشاينا فانكي، التي كانت في السابق أكبر مطور عقاري في الصين، مفاوضات مكثفة مع الدائنين في محاولة لتجنب التعثر. تواجه الشركة جدار استحقاقات ديون بقيمة 13.4 مليار يوان بحلول نهاية يونيو. إذا اضطرت الشركة إلى إعادة هيكلة ديونها، فستكون هذه الخطوة من بين أكبر عمليات إعادة الهيكلة في تاريخ الصين، وستؤثر بشكل كبير على المستثمرين والدائنين.
على الرغم من التحديات، تمتلك تشاينا فانكي أصولاً كبيرة تقدر بحوالي 160 مليار دولار أمريكي، وتوظف أكثر من 125 ألف موظف. هذه الأصول قد تساعدها في التفاوض مع الدائنين وإيجاد حلول للأزمة. القطاع العقاري الصيني يراقب عن كثب تطورات الوضع في الشركة.
خيارات تمديد السداد المطروحة
تشمل خيارات التصويت المطروحة مقترحاً بتمديد فترة السماح إلى 30 يوم تداول، وهو مشابه لما تم إقراره في السند السابق. كما تتضمن الخيارات الأخرى المقترح الأصلي بتمديد سداد أصل الدين والفوائد لمدة 12 شهراً، بالإضافة إلى خطط أكثر سخاءً تتضمن تقديم ضمانات ائتمانية إضافية أو إدراج بند التعثر المتبادل في السند. هذه الخيارات تهدف إلى إيجاد حل وسط يرضي جميع الأطراف.
التمويل العقاري في الصين يمر بمرحلة حساسة، وأزمة تشاينا فانكي قد تؤثر على ثقة المستثمرين في القطاع.
تطورات أخرى وتأثيرها على الشركة
في السابق، كانت تشاينا فانكي تحظى بدعم كبير من أكبر مساهميها، وهي شركة “شينزين مترو غروب” (Shenzhen Metro Group) المملوكة للدولة. لكن هذا الدعم أصبح موضع شك خلال الأشهر الماضية، بعدما ألمحت الشركة المشغلة لمترو الأنفاق إلى نيتها تشديد شروط الإقراض. هذا التحول أدى إلى موجة بيع حادة في أوراق تشاينا فانكي المالية، مما فاقم من أزمتها.
بالإضافة إلى ذلك، تواصل شركتا “هوليهان لوكي” (Houlihan Lokey) و”بي جيه تي بارتنرز” (PJT Partners) تقديم الاستشارات لعدد من حاملي السندات الخارجية للشركة، وهو ما يشير إلى احتمال تشكيل لجان خاصة لتمثيل حاملي السندات في مفاوضات إعادة الهيكلة.
تداعيات أزمة تشاينا فانكي على الاقتصاد الصيني
تسلط أزمة ديون تشاينا فانكي الضوء على التحديات التي تواجهها الحكومة الصينية في سعيها إلى إنعاش الاقتصاد. ولطالما سعت الحكومة إلى تحقيق توازن بين استقرار سوق العقارات وتجنب عمليات الإنقاذ المباشرة للشركات. وفي محاولة لتحفيز المبيعات، خفضت مدينة بكين قواعد شراء المنازل لغير المقيمين.
قد يؤدي أي تعثر محتمل لـتشاينا فانكي إلى تداعيات متسلسلة تطال سندات الشركة وقروضها، عبر تفعيل بنود التعثر المتبادل. وفقاً لـ”باركليز” (Barclays)، فإن حوالي 45% من إجمالي ديون الشركة، البالغة قرابة 50 مليار دولار، غير مضمونة، مما يجعلها أكثر عرضة للمخاطر في حال اتجاهها إلى إعادة الهيكلة. الاستثمار في العقارات الصينية أصبح أكثر خطورة في ظل هذه الظروف.
في الختام، تواجه تشاينا فانكي تحديات كبيرة في سداد ديونها، وتعتمد على المفاوضات مع الدائنين وتمديد فترات السداد لتجنب التعثر. أزمة الشركة تلقي الضوء على المخاطر التي تواجه قطاع العقارات الصيني، وتأثير ذلك على الاقتصاد ككل. من الضروري متابعة تطورات الوضع عن كثب، وتحليل الخيارات المتاحة للشركة والدائنين.












