ترمب يتحدث مع بوتين قبيل لقائه مع زيلينسكي

في تطورات متسارعة للأحداث المتعلقة بالأزمة الأوكرانية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب عن مكالمة هاتفية “جيدة ومثمرة جداً” مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين. يأتي هذا الإعلان قبيل لقاء مرتقب يجمع ترمب بالرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في نهاية هذا الأسبوع، في إطار جهود دبلوماسية مكثفة تهدف إلى إيجاد حل سلمي للصراع الدائر. هذه التطورات تضع الضوء على مساعي ترمب لإعادة التفاوض بشأن مستقبل أوكرانيا، وتثير تساؤلات حول التوازنات الجديدة التي قد تشكل في المنطقة.
مكالمة ترمب-بوتين وتوقعات اللقاء مع زيلينسكي
أكد المتحدث باسم الكرملين، ديمتري بيسكوف، وقوع المكالمة الهاتفية بين الرئيسين ترمب وبوتين، وفقًا لما ذكرته وكالة “إنترفكس” الروسية. لم يتم الكشف عن تفاصيل المحادثة بشكل كامل، لكن وصفها ترمب بأنها “جيدة ومثمرة جداً” يشير إلى وجود نقاش بناء حول الأزمة. من المقرر أن يلتقي ترمب وزيلينسكي بعد ظهر الأحد في منتجع “مارالاغو” التابع لترمب في ولاية فلوريدا. يُنظر إلى هذا اللقاء على أنه فرصة حاسمة للدفع باتجاه اتفاق سلام ينهي الحرب المستمرة منذ سنوات، والتي أثرت بشكل كبير على الأمن الإقليمي والعالمي.
تنسيق أوكراني وغربي قبيل القمة
قبل اجتماعه مع ترمب، سعى زيلينسكي إلى تعزيز الدعم والتنسيق مع الحلفاء الغربيين. التقى زيلينسكي برئيس الوزراء الكندي مارك كارني في مدينة هاليفاكس بمقاطعة نوفا سكوشا، حيث ناقشا آخر المستجدات في الأزمة الأوكرانية وسبل تعزيز التعاون الثنائي. بالإضافة إلى ذلك، أجرى زيلينسكي سلسلة من الاتصالات الهاتفية مع قادة أوروبيين، بما في ذلك الأمين العام لحلف الناتو مارك روته، بهدف تنسيق المواقف قبل اللقاء مع ترمب. هذه التحركات تعكس حرص أوكرانيا على الحصول على دعم قوي من الغرب في المفاوضات القادمة، وضمان أن أي اتفاق سلام يتم التوصل إليه يحترم سيادتها ووحدة أراضيها.
الضغط الأمريكي على أوكرانيا
في المقابل، يبدو أن إدارة ترمب تمارس ضغوطًا متزايدة على أوكرانيا لتقديم تنازلات في المفاوضات. وقد لوح ترمب بعروض تعاون اقتصادي محتملة مع روسيا، في محاولة لتحفيز موسكو على الانخراط في عملية سلام جادة. ومع ذلك، يصر زيلينسكي على استعداده لوقف إطلاق نار مؤقت يمهد الطريق لإطلاق مفاوضات سلام حقيقية، لكنه يؤكد في الوقت نفسه على رفضه لأي تنازلات تتعارض مع مصالح أوكرانيا الأساسية. بينما يواصل بوتين رفض دعوات ترمب لهدنة شاملة، مشروطًا التوصل أولاً إلى اتفاق شامل يضمن مصالح روسيا الأمنية.
تصعيد روسي للقصف مع اقتراب اللقاءات
مع اقتراب اللقاءات الدبلوماسية، كثفت روسيا من قصفها لأهداف في أوكرانيا. وصف وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أوروبا بأنها “العقبة الرئيسية أمام السلام”، متهماً القادة الأوروبيين، إلى جانب أوكرانيا، بعدم إبداء أي استعداد حقيقي للحوار البناء. وقد شنت القوات الروسية مئات الهجمات بالطائرات المسيّرة والصواريخ على العاصمة كييف، بالإضافة إلى ضربة واسعة النطاق على مدينة خيرسون جنوب شرق البلاد. أدت هذه الهجمات إلى أضرار جسيمة بالبنية التحتية للطاقة، وتسببت في انقطاع الكهرباء في أجزاء كبيرة من العاصمة، حيث تعمل فرق الطوارئ على قدم وساق لإصلاح الأضرار وتوفير الخدمات الأساسية للمواطنين.
هذا التصعيد في القصف يثير مخاوف بشأن نوايا روسيا الحقيقية، ويضع تحديات إضافية أمام الجهود الدبلوماسية التي يبذلها ترمب. فهل تسعى روسيا إلى إضعاف موقف أوكرانيا قبل المفاوضات، أم أنها تحاول إرسال رسالة قوية إلى الغرب؟ هذه الأسئلة تبقى بلا إجابة حتى الآن، لكنها تؤكد على أهمية الحذر والواقعية في التعامل مع الأزمة.
آفاق السلام والتحديات المستقبلية
إن لقاء ترمب وزيلينسكي يمثل نقطة تحول محتملة في الأزمة الأوكرانية. ومع ذلك، فإن التوصل إلى اتفاق سلام شامل لن يكون مهمة سهلة. هناك العديد من التحديات التي يجب التغلب عليها، بما في ذلك الخلافات العميقة حول وضع الأراضي المتنازع عليها، وضمانات الأمن المستقبلية، ومسألة التعويضات عن الأضرار التي لحقت بأوكرانيا. بالإضافة إلى ذلك، فإن موقف روسيا المتصلب، وتصعيدها المستمر للقصف، يمثل عقبة كبيرة أمام أي تقدم نحو السلام. الوضع في أوكرانيا يتطلب جهودًا دبلوماسية مكثفة، وتنازلات من جميع الأطراف، وإرادة سياسية حقيقية لإنهاء الصراع.
المفاوضات الروسية الأوكرانية، وإن بدت بعيدة المنال في الوقت الحالي، تظل السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم في المنطقة. الأزمة الأوكرانية تستمر في التأثير على الاقتصاد العالمي، وعلى الأمن الإقليمي، مما يجعل من الضروري إيجاد حل سلمي في أقرب وقت ممكن. نتوقع أن تشهد الأيام القادمة تطورات حاسمة، وأن يكون لقاء ترمب وزيلينسكي بمثابة اختبار حقيقي لمدى جدية الأطراف المعنية في تحقيق السلام.
ندعو القراء إلى متابعة التطورات المتعلقة بهذا الموضوع، والتعبير عن آرائهم ومقترحاتهم حول سبل حل الأزمة الأوكرانية. يمكنكم أيضًا قراءة مقالاتنا الأخرى حول السياسة الخارجية الأمريكية والعلاقات الدولية للحصول على فهم أعمق للقضايا التي تشكل عالمنا اليوم.












