اخبار الاقتصاد

بدء تشغيل حقل “تندرارا” المغربي.. وتدفق الغاز المسال أوائل 2026

يمثل دخول حقل “تندرارا” إلى المرحلة الأولى من التشغيل علامة فارقة في قطاع الطاقة بالمغرب، حيث يتجه البلد نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي وتقليل الاعتماد على الاستيراد. أعلنت شركة “ساوند إنرجي” البريطانية عن هذا الإنجاز الهام، الذي يمهد الطريق لإنتاج الغاز الطبيعي المسال (LNG) لأول مرة في تاريخ المغرب خلال النصف الأول من العام المقبل. هذا المشروع الضخم، الذي يعتبر الأكبر من نوعه في المغرب، يحمل في طياته وعودًا بتعزيز الأمن الطاقي للبلاد ودعم التنمية الاقتصادية.

حقل تندرارا: بداية حقبة جديدة في إنتاج الغاز المغربي

بدأ الغاز بالتدفق من حقل “تندرارا” الواقع في شرق المملكة إلى نظام التجميع، وذلك في خطوة أولى نحو الإنتاج التجاري المتوقع في الأشهر القليلة القادمة. هذه المرحلة الأولية لا تهدف إلى الإنتاج الفعلي للغاز المسال، بل إلى اختبار عمل مرافق المعالجة والتأكد من سلامة النظام وخلوه من أي تسريبات. يأتي هذا الإعلان ليؤكد التقدم المطرد الذي يحرزه المشروع، والذي طال انتظاره لتحقيق أهداف المغرب الطاقية.

شراكة مغربية بريطانية لقيادة المشروع

يشغل حقل “تندرارا” شركة “منا إنرجي” (Mana Energy)، وهي شركة مملوكة لمجموعة “مناجم” المغربية، التي تمتلك حصة الأغلبية البالغة 55%. تأتي شركة “ساوند إنرجي” البريطانية في المرتبة الثانية بحصة 20%، بينما يمتلك المكتب الوطني للهيدروكاربونات والمعادن (ONHYM) التابع للحكومة المغربية النسبة المتبقية. هذه الشراكة تعكس التزام المغرب بتطوير قطاع الطاقة بالتعاون مع الشركات الدولية المتخصصة.

اتفاقية توريد الغاز المسال لأفريقيا غاز

من المنتظر أن يتم تسليم الغاز المسال المنتج في وحدة التسييل القريبة من حقل “تندرارا” إلى شركة “أفريقيا غاز” (Afriquia Gaz)، وهي من أبرز شركات توزيع المحروقات في المغرب. تتضمن الاتفاقية توريد 100 مليون متر مكعب سنويًا، أي ما يعادل حوالي 10 ملايين قدم مكعب قياسي يوميًا، بسعر يتراوح بين 6 و 8.3 دولار لكل مليون وحدة حرارية بريطانية. هذه الاتفاقية تضمن سوقًا ثابتة للغاز المنتج وتساهم في تلبية الطلب المحلي المتزايد.

تأثير حقل تندرارا على الاقتصاد المغربي

تؤكد شركة “ساوند إنرجي” أن بدء الإنتاج التجاري من حقل “تندرارا” سيحولها إلى شركة مدرة للدخل، مما يعزز من قدرتها على الاستثمار في مشاريع أخرى. الأهم من ذلك، أن هذا المشروع سيمهد الطريق لاتخاذ قرار الاستثمار النهائي للمرحلة الثانية من تطوير الحقل، والتي تهدف إلى زيادة الإنتاج بشكل كبير. هذا سيؤدي إلى خلق فرص عمل جديدة وتحفيز النمو الاقتصادي في المناطق المحيطة بالحقل.

المغرب وتحديات استهلاك الغاز الطبيعي

حاليًا، ينتج المغرب أقل من 100 مليون متر مكعب سنويًا من الغاز الطبيعي من حقول صغيرة غرب البلاد، وهي كمية غير كافية لتلبية احتياجاته المتزايدة. لذلك، يستورد المغرب حوالي مليار متر مكعب سنويًا من الغاز من خلال أنبوب الغاز المغاربي الأوروبي. يهدف تطوير حقل “تندرارا” إلى تقليل هذه الاعتمادية على الاستيراد وتعزيز الأمن الطاقي للبلاد. بالإضافة إلى ذلك، يخطط المغرب لزيادة استهلاك الغاز الطبيعي من 1.2 مليار متر مكعب حاليًا إلى 12 مليار متر مكعب بحلول عام 2030، مع تخصيص الجزء الأكبر من هذه الزيادة لمحطات توليد الكهرباء.

خطط مستقبلية لتوسيع شبكة الغاز في المغرب

بالتوازي مع تطوير حقل “تندرارا”، يخطط المغرب لإنشاء خط أنابيب جديد باستثمار 400 مليون دولار، يمتد على مسافة 120 كيلومترًا، لربط الحقل بأنبوب الغاز المغاربي الأوروبي. وفي مرحلة لاحقة، سيتم تمديد هذا الخط ليصل إلى مواقع الاستهلاك المختلفة. كما يدرس المغرب إمكانية ربط هذا الخط بمشروع خط أنابيب ضخم يمتد عبر 11 دولة أفريقية ليصل إلى نيجيريا. بالإضافة إلى ذلك، تسعى المملكة لتطوير وحدة تخزين وإعادة تغويز عائمة في ميناء “الناظور غرب المتوسط” لزيادة قدرتها على استيراد الغاز المسال.

الغاز الطبيعي كوقود انتقالي في المغرب

يعتبر الغاز الطبيعي وقودًا انتقاليًا هامًا في استراتيجية المغرب للطاقة، حيث يساهم في تقليل الاعتماد على الفحم في إنتاج الكهرباء. يستخدم الغاز الطبيعي أيضًا في عمليات تجفيف الفوسفات، وهو أحد أبرز القطاعات الصناعية في المملكة، بالإضافة إلى صناعة السيراميك والحديد. إن تطوير حقل “تندرارا” والخطط المستقبلية لتوسيع شبكة الغاز ستساهم بشكل كبير في تحقيق أهداف المغرب الطاقية وتعزيز التنمية المستدامة. الاستثمار في هذا القطاع الحيوي يعكس رؤية المغرب الطموحة نحو مستقبل طاقي أكثر أمانًا واستدامة، ويعزز مكانته كمركز إقليمي للطاقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى