بتكوين تكبد الأفراد خسائر قاسية في 2025 رغم وعود ترمب

لم يكن خواكين موراليس يعتقد أن سعر بتكوين سيواصل الهبوط. فبعد أن بلغت أكبر عملة مشفرة مستوى قياسياً جديداً عند 126 ألف دولار، وهو ما راهن عليه الكثيرون مع إعادة انتخاب الرئيس السابق دونالد ترمب، توقع المحللون موجة صعود لسنوات. لكن الواقع أثبت خلاف ذلك، حيث يواجه المستثمرون عاماً مليئاً بالتقلبات وخيبات الأمل.
كيف زلزل تراجع أسعار العملات المشفرة آمال المستثمرين؟
الشاب خواكين موراليس البالغ من العمر 21 عاماً، والذي يدرس في جامعة “IE” في مدريد، هو أحد العديد من المستثمرين الذين وجدوا أنفسهم في موقف صعب. قرر موراليس شراء بتكوين خلال فترات الانخفاض في أوائل الخريف، ظناً منه أنها فرصة للاستفادة من التعافي المتوقع. ومع ذلك، مع كل مرة يشتري فيها، كان السعر يهوي أكثر.
“أمسكت بالسكين الساقطة نحو خمس مرات”، هكذا وصف موراليس تجربته هذا العام، معتبراً أن سوق العملات المشفرة كان “مخادعاً”. فهو ليس وحده من يشعر بالإحباط، حيث يواجه المتداولون الأفراد في جميع أنحاء العالم أوضاعاً مماثلة مع اقتراب نهاية العام.
تراجع في سعر بتكوين وتلاشي مليارات الدولارات
بدأ العام بآمال كبيرة مدفوعة بتخفيف القيود التنظيمية، وانخفاض أسعار الفائدة، واهتمام المؤسسات المالية الكبرى. ولكن، يبدو أن هذه العوامل لم تكن كافية لصد موجة الهبوط. فقد انخفض سعر بتكوين بنحو 10% مقارنة بديسمبر الماضي، مما أدى إلى تبخر ما يقرب من تريليون دولار من القيمة السوقية الإجمالية للعملات المشفرة.
ستيف سوسنيك، كبير الاستراتيجيين في “إنتراكتيف بروكرز”، يرى أن سهولة الوصول إلى الاستثمار في العملات المشفرة، بالتزامن مع أساليب تداول مشابهة لأسواق الأسهم، شجع المستثمرين على التهافت على شراء هذه الأصول. ويضيف: “الانهيار السريع في 10 أكتوبر كان بمثابة جرس إنذار.”
استراتيجيات متغيرة لمواجهة تقلبات سوق الكريبتو
هذا التراجع الحاد يجبر المتداولين على إعادة تقييم استراتيجياتهم استعداداً لمواجهة تحديات عام 2026. ويذكر البعض بأسوأ اللحظات التي مر بها السوق في عام 2022، بعد انهيار منصة “إف تي إكس” وما تلاه من “شتاء للعملات المشفرة”. ولكن، هناك من يرفض هذا التشاؤم، مؤكداً على أن العملات الرقمية أصبحت جزءاً لا يتجزأ من النظام المالي.
هناك اعتقاد بأن الصناديق المتداولة في البورصة (ETFs) تجعل الاستثمار في بتكوين أسهل وأكثر جاذبية للمستثمرين العاديين، وأن دخول المؤسسات الكبيرة يوفر قدرًا أكبر من الاستقرار. ومع ذلك، يرى الكثيرون أن إعادة الهيكلة والتركيز على المشاريع ذات القيمة الحقيقية أمر ضروري.
التركيز على العملات البديلة
على سبيل المثال، فيليب شيمكوفياتش، الشاب البالغ من العمر 28 عاماً من بوزنان في بولندا، يتجه نحو العملات البديلة. لقد راهن على رموز مثل “سينسي” و”DEAI”، ولكنه شهد تراجعاً في محفظته بنسبة 35% هذا العام. إلا أنه يصر على الاستمرار في الاستثمار في هذه الأصول الصغيرة، لأنه يعتقد أنها تتمتع بإمكانيات نمو أكبر وابتكار أكثر.
يؤكد شيمكوفياتش على أهمية تجاهل الضجيج الإعلامي والتركيز على المعلومات الدقيقة والمفيدة. “هناك الكثير من المعلومات المضللة على الإنترنت”، كما يقول، “ولذلك من المهم التركيز على المشاريع التي تقدم قيمة حقيقية وتستند إلى بنية تحتية قوية.”
الاستثمار طويل الأجل
على الجانب الآخر، يتبنى خوسيه إستيبان أرابالو، وهو مسؤول قروض من ولاية فلوريدا، نهجاً أكثر تحفظاً من خلال التركيز على الاستثمار طويل الأجل في بتكوين وتجنب العملات البديلة المتقلبة. بعد أن فاته الارتفاع الكبير في أكتوبر، قام بشراء ما قيمته 10 آلاف دولار من بتكوين في نوفمبر عندما انخفض السعر إلى حوالي 85 ألف دولار.
يؤمن أرابالو بأن بتكوين ستعاود الارتفاع خلال الأرباع الثلاثة القادمة، متجاوزةً 110 آلاف دولار. ويخطط للاحتفاظ باستثماره لفترة طويلة، معتبراً إياه بمثابة خطة تقاعد. فهو يخصص 80% من محفظته للعقارات، و15% للعملات المشفرة، و5% لحسابات التقاعد.
التحلي بالصبر والتكيف مع السوق
أما موراليس فيعتزم التحلي بمزيد من الصبر في العام المقبل، وتقبل التقلبات قصيرة الأجل. “لقد تعلمت مدى تقلب السوق”، كما يقول، “وهذا يجعلني أكثر حذراً في الاستجابة لكل حركة سعرية.”
باختصار، يواجه المستثمرون في بتكوين والعملات المشفرة بيئة مليئة بالتحديات، ويتطلب النجاح في هذه السوق المتغيرة التحلي بالصبر، وإعادة تقييم الاستراتيجيات، والتركيز على الأصول ذات القيمة الحقيقية، والتكيف مع التطورات السريعة. فهل ستشهد العملات المشفرة انتعاشاً في عام 2026 أم ستدخل في فترة أطول من الركود؟ الإجابة لا تزال غير واضحة، ولكن المستثمرين الأكثر حذراً واستعداداً هم الذين سيتمكنون من تجاوز هذه المرحلة بنجاح.












