“باريك” تدرس طرح أصول الذهب في أميركا الشمالية وسط اضطرابات داخلية

تدرس شركة “باريك للتعدين” (Barrick Mining)، إحدى أكبر شركات تعدين الذهب في العالم، خطوة استراتيجية تتمثل في طرح أولي لأصولها من الذهب في أمريكا الشمالية. يأتي هذا التحرك في ظل فترة مضطربة تشهدها الشركة الكندية، حيث تواجه تحديات تشغيلية في بعض مناجمها، بالإضافة إلى تغييرات إدارية متلاحقة. يهدف هذا الطرح إلى تعزيز قيمة المساهمين والاستفادة من الأداء القوي لأصولها في المنطقة، خاصةً مع ارتفاع أسعار الذهب عالمياً. هذا القرار يمثل تحولاً محتملاً في هيكل الشركة، ويثير تساؤلات حول مستقبلها واستراتيجيتها في السوق.
طرح أولي لأصول “باريك للتعدين” في أمريكا الشمالية: ما الذي يدفع هذا القرار؟
أعلنت “باريك للتعدين” في بيان رسمي يوم الاثنين الماضي، أن مجلس إدارتها قد منح الضوء الأخضر لقيادتها لاستكشاف إمكانية بيع حصة أقلية صغيرة في وحدة أعمالها التي ترتكز على مصالحها في مشروع مشترك بولاية نيفادا، بالإضافة إلى منجم “بويبلو بييخو” (Pueblo Viejo) الواقع في جمهورية الدومينيكان. وقد لاقى هذا الإعلان استجابة إيجابية من السوق، حيث ارتفعت أسهم الشركة بنسبة ملحوظة بلغت 4.6% لتصل إلى 43.25 دولارًا أمريكيًا قبل بدء التداولات الرسمية. يعكس هذا الارتفاع ثقة المستثمرين في الخطوة المحتملة، وتوقعهم بتحقيق عوائد مجدية.
الاضطرابات الداخلية وتأثيرها على القرار
لم يأتِ هذا الإعلان في فراغ، بل جاء في أعقاب سلسلة من التحديات التي واجهتها “باريك للتعدين”. فقد استحوذت شركة “إليوت لإدارة الاستثمارات” (Elliott Investment Management) على حصة كبيرة في الشركة، بعد أن شهدت “باريك” ارتفاعًا في التكاليف التشغيلية في أمريكا الشمالية، وفقدان السيطرة على منجم استراتيجي في مالي لصالح المجلس العسكري. بالإضافة إلى ذلك، شهدت الشركة استقالة مفاجئة لرئيسها التنفيذي مارك بريستو في سبتمبر الماضي. هذه العوامل مجتمعة ضاعفت الضغوط على الشركة لاتخاذ إجراءات تصحيحية لتحسين أدائها المالي والتشغيلي.
تغييرات إدارية وتحسين الأداء التشغيلي
في محاولة لمعالجة هذه التحديات، بدأ الرئيس التنفيذي المؤقت مارك هيل في تنفيذ سلسلة من التغييرات، بما في ذلك إعادة هيكلة الإدارة وتبني نموذج تشغيلي إقليمي جديد. تهدف هذه التغييرات إلى تحسين أداء الشركة، التي تخلفت عن منافسيها في قطاع تعدين الذهب، خاصةً في ظل الارتفاع المستمر في أسعار الذهب. وكانت تقارير قد أشارت في أكتوبر الماضي إلى أن شركة “نيوماونت” (Newmont) تدرس إمكانية الاستحواذ على أصول “باريك” القيّمة في نيفادا، مما يعكس الاهتمام المتزايد بأصول الشركة في المنطقة.
تفاصيل الطرح الأولي المتوقعة
من المتوقع أن تحتفظ “باريك للتعدين” بحصة الأغلبية في الشركة الجديدة التي سيتم إنشاؤها بعد الطرح العام الأولي. ستضم هذه الشركة مشروع “فورمايل” (Fourmile) لاكتشاف الذهب في نيفادا، والذي تملكه “باريك” بالكامل. وتعتبر هذه الخطوة بمثابة فصل لأصول الشركة في أمريكا الشمالية، مما يسمح لها بالتركيز على تطوير مشاريع أخرى في مناطق مختلفة حول العالم. وتواصل الإدارة حاليًا دراسة هذا الخيار حتى أوائل عام 2026، على أن تقدم تحديثًا للسوق بشأن التقدم المحرز في فبراير المقبل. ومن الجدير بالذكر أن أي قرار نهائي بشأن الطرح الأولي سيخضع لموافقة مجلس الإدارة.
تحديات تواجه “باريك للتعدين” خارج أمريكا الشمالية
على الرغم من الأداء الجيد لأصولها في أمريكا الشمالية، إلا أن “باريك للتعدين” واجهت ضغوطًا على أسهمها خلال السنوات الأخيرة بسبب التحديات التشغيلية التي تعترضها في باكستان ومالي وبابوا غينيا الجديدة. وتواصل الشركة مواجهة اضطرابات في هذه الأسواق، مما يؤثر سلبًا على إنتاجها وتكاليفها. ومع ذلك، استفادت أصولها في أمريكا الشمالية من التوسعات الحديثة والبيئات التنظيمية الأكثر أمانًا، على الرغم من ارتفاع التكاليف ووقوع بعض الحوادث المؤسفة.
أداء أسهم “باريك للتعدين” مقارنة بالمنافسين
تشير بيانات جمعتها “بلومبرغ” إلى أن أسهم “باريك للتعدين” سجلت عائدًا سنويًا بنسبة 15% خلال السنوات الخمس الماضية، وهو ما يمثل تقريبًا نصف متوسط العائد في مجموعة الشركات النظيرة. يعكس هذا الأداء المتواضع التحديات التي واجهتها الشركة، والحاجة إلى اتخاذ إجراءات لتحسين أدائها المالي والتشغيلي. ويعتبر الطرح الأولي لأصولها في أمريكا الشمالية خطوة مهمة في هذا الاتجاه، حيث يهدف إلى تعزيز قيمة المساهمين وتحسين مكانة الشركة في السوق. الاستثمار في الذهب يعتبر خياراً جذاباً للعديد من المستثمرين، و”باريك للتعدين” تسعى للاستفادة من هذا الاهتمام المتزايد.
في الختام، يمثل الطرح الأولي المحتمل لأصول “باريك للتعدين” في أمريكا الشمالية خطوة استراتيجية تهدف إلى معالجة التحديات الداخلية، والاستفادة من الأداء القوي لأصولها في المنطقة. ومع ذلك، لا تزال الشركة تواجه تحديات في مناطق أخرى حول العالم، وتحتاج إلى مواصلة جهودها لتحسين أدائها المالي والتشغيلي. من المتوقع أن يكون لهذا القرار تأثير كبير على مستقبل الشركة، وعلى قطاع تعدين الذهب بشكل عام. ننتظر بفارغ الصبر التحديثات القادمة من “باريك للتعدين” بشأن هذا الطرح الأولي، وتأثيره على أداء أسهمها في السوق.












