اخبار الاقتصاد

اليابان تخطط لميزانية قياسية بـ122 تريليون ين لمواجهة التضخم

تستعد الحكومة اليابانية بقيادة رئيسة الوزراء ساناي تاكايشي للإعلان عن ميزانية عامة أولية قياسية للسنة المالية الجديدة التي تبدأ في أبريل، في خطوة تعكس التحديات الاقتصادية المتزايدة التي تواجه البلاد، بما في ذلك التضخم وارتفاع تكاليف الضمان الاجتماعي. وتأتي هذه الميزانية الضخمة في وقت تسعى فيه اليابان إلى تعزيز نموها الاقتصادي مع الحفاظ على استقرارها المالي، مما يجعلها محور اهتمام اقتصادي كبير. وتعتبر هذه الميزانية، التي تبلغ قيمتها 122.3 تريليون ين (حوالي 786 مليار دولار)، الأكبر على الإطلاق في تاريخ اليابان.

ميزانية قياسية لمواجهة التحديات الاقتصادية

أعلنت رئيسة الوزراء تاكايشي يوم الخميس أن الميزانية المقترحة للسنة المالية 2026 تبلغ حوالي 122.3 تريليون ين، بزيادة قدرها 6.3% عن الميزانية الحالية البالغة 115.2 تريليون ين. هذا الارتفاع الكبير يعكس التزام الحكومة بمعالجة القضايا الملحة مثل ارتفاع معدلات التضخم، وتلبية الاحتياجات المتزايدة لكبار السن، وتعزيز القدرات الدفاعية للبلاد. وتعتبر هذه الزيادة في الإنفاق بوتيرة أسرع من معدل التضخم إشارة واضحة إلى أن الحكومة لا تهدف فقط إلى الحفاظ على الوضع الراهن، بل إلى اتخاذ خطوات استباقية لتحفيز الاقتصاد.

تمويل الميزانية: بين السندات والإيرادات الضريبية

لتمويل هذه الميزانية الطموحة، تخطط الحكومة لإصدار سندات حكومية جديدة بقيمة 29.6 تريليون ين. ومع ذلك، تسعى تاكايشي إلى تقليل الاعتماد على الديون، حيث من المتوقع أن تنخفض نسبة تمويل الميزانية من خلال إصدار السندات إلى 24.2% مقارنة بـ 24.9% في السنة المالية الحالية. بالإضافة إلى ذلك، تتوقع الحكومة تحقيق إيرادات ضريبية قدرها 83.7 تريليون ين في العام المقبل، مما سيساهم بشكل كبير في تغطية النفقات.

توازن بين النمو والاستدامة المالية

أكدت رئيسة الوزراء تاكايشي على أهمية تحقيق التوازن بين تعزيز النمو الاقتصادي وضمان الاستدامة المالية. وصرحت في ختام اجتماع مع الأحزاب الحاكمة وأعضاء الحكومة: “أعتقد أن هذه الميزانية تحقق توازناً بين تعزيز الاقتصاد وضمان الاستدامة المالية”. هذا التوازن ضروري بشكل خاص في اليابان، التي تواجه تحديات ديموغرافية كبيرة، بما في ذلك شيخوخة السكان وانخفاض معدل المواليد. إن إدارة هذه التحديات تتطلب تخطيطاً مالياً دقيقاً واستثمارات استراتيجية.

ارتفاع تكاليف الضمان الاجتماعي

يشهد الإنفاق على الضمان الاجتماعي زيادة كبيرة، حيث من المتوقع أن يرتفع إلى 39.1 تريليون ين من 38.3 تريليون ين في السنة المالية الحالية. يعزى هذا الارتفاع إلى الزيادة المستمرة في عدد كبار السن، مما يزيد من الطلب على خدمات الرعاية الصحية والمعاشات التقاعدية. وتعتبر هذه الزيادة في الإنفاق جزءاً لا يتجزأ من جهود الحكومة لضمان رفاهية مواطنيها.

تعزيز الإنفاق الدفاعي

بالتوازي مع ذلك، تشهد الميزانية زيادة ملحوظة في الإنفاق الدفاعي، مما يعكس التوترات الجيوسياسية المتصاعدة في المنطقة. هذا الارتفاع في الإنفاق الدفاعي يأتي في أعقاب إطلاق الحكومة أكبر حزمة اقتصادية منذ رفع قيود الجائحة، والتي تهدف إلى تعزيز الدفاع وتخفيف آثار ارتفاع الأسعار. وتشير هذه الخطوة إلى أن الحكومة اليابانية تأخذ الأمن القومي على محمل الجد.

تكاليف خدمة الدين وتأثير التضخم

من الجدير بالذكر أن الميزانية تتضمن أيضاً تكاليف خدمة الدين، والتي تشهد ارتفاعاً ملحوظاً مع ارتفاع عوائد الفائدة. تخطط وزارة المالية لتحديد معدل الفائدة المؤقت المستخدم لحساب تكلفة خدمة الدين للسنة المالية المقبلة عند 3%، وهو أعلى مستوى منذ عام 1997. هذا الارتفاع في تكاليف خدمة الدين يمثل تحدياً إضافياً للحكومة، ويتطلب إدارة دقيقة للموارد المالية. الميزانية العامة تأتي في ظل استمرار التضخم في اليابان، حيث ظل مؤشر أسعار المستهلك عند 2% أو أعلى لأكثر من ثلاث سنوات، مما أدى إلى زيادة التكاليف على الأفراد والشركات.

الإنفاق الحكومي المقترح يهدف إلى تخفيف هذه الضغوط التضخمية وتحفيز النمو الاقتصادي. السياسة المالية التي تتبعها الحكومة تعكس التزامها بدعم الاقتصاد الياباني في مواجهة هذه التحديات.

في الختام، تمثل الميزانية العامة المقترحة لليابان للسنة المالية 2026 خطوة جريئة نحو مواجهة التحديات الاقتصادية المتزايدة. من خلال زيادة الإنفاق على الضمان الاجتماعي والدفاع، وتقليل الاعتماد على الديون، تسعى الحكومة إلى تحقيق التوازن بين تعزيز النمو الاقتصادي وضمان الاستدامة المالية. هذه الميزانية ليست مجرد مجموعة من الأرقام، بل هي انعكاس لرؤية الحكومة لمستقبل اليابان والتزامها برفاهية مواطنيها. نتوقع أن تثير هذه الميزانية نقاشاً واسعاً حول الأولويات الاقتصادية والمالية لليابان في السنوات القادمة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى