النفط يستقر بعد انخفاض مع تقدم مفاوضات إنهاء حرب أوكرانيا

شهدت أسواق النفط العالمية تراجعاً ملحوظاً في الأسعار، حيث استقرت أسعار النفط الأمريكية قرب أدنى مستوى لها منذ عام 2021، مع تقييم المتعاملين لآفاق التوصل إلى حل للأزمة الأوكرانية. هذا التقييم يأتي في ظل مخاوف متزايدة بشأن فائض المعروض النفطي، وهو ما يضغط على الأسعار ويثير تساؤلات حول مستقبل السوق في الفترة القادمة. تشير التوقعات إلى أن أي انفراجة في الأزمة الأوكرانية قد تؤدي إلى زيادة في المعروض الروسي، مما يعمق من حالة الفائض.
تراجع أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها في سنوات
تداولت العقود الآجلة لخام “غرب تكساس” الوسيط (WTI) بالقرب من 57 دولاراً للبرميل، منهية بذلك يوم الإثنين عند أدنى سعر لها في أكثر من أربع سنوات. أما خام “برنت” فقد اقترب أيضاً من حاجز 60 دولاراً للبرميل، مما يعكس حالة القلق السائدة في السوق. هذا الانخفاض الحاد في أسعار النفط يأتي في وقت يشهد فيه العالم تباطؤاً اقتصادياً، الأمر الذي يؤثر سلباً على الطلب على الطاقة.
تصريحات ترمب تثير الأمل
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن التوصل إلى اتفاق لإنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا أصبح أقرب من أي وقت مضى، وذلك عقب سلسلة من المحادثات المكثفة مع كل من الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي وقادة أوروبيين. هذه التصريحات أثارت موجة من التفاؤل الحذر في الأسواق، حيث يرى البعض أن نهاية الصراع قد تؤدي إلى استقرار أسعار النفط.
فائض المعروض يضغط على الأسعار العالمية
تواجه أسعار النفط حالياً ضغوطاً كبيرة بسبب توقعات بزيادة الفائض العالمي في المعروض. يعود هذا الفائض جزئياً إلى عودة تحالف “أوبك+” لزيادة الإنتاج بعد فترة من التخفيضات، بالإضافة إلى زيادة الإمدادات من دول أخرى منتجة للنفط. هذه العوامل المتضافرة ساهمت في خلق حالة من عدم التوازن بين العرض والطلب.
الوضع يختلف قليلاً فيما يتعلق بالنفط الروسي، حيث استمر تدفق إمداداته إلى السوق العالمية بشكل ملحوظ منذ بداية الحرب في أوائل عام 2022، على الرغم من العقوبات المفروضة عليه. وفي حال تم التوصل إلى اتفاق سلام، يُتوقع أن يتم تخفيف هذه العقوبات، مما قد يؤدي إلى زيادة كبيرة في المعروض الروسي وبالتالي مزيد من الضغط على أسعار النفط.
محادثات جارية وتحفظات أمريكية
أكد مستشار الأمن القومي الأوكراني رستم أوميروف على تحقيق “تقدم حقيقي” في المحادثات التي جرت في برلين، حيث عقد الرئيس زيلينسكي وفريقه محادثات استمرت لمدة خمس ساعات. قاد الوفد الأمريكي المبعوث الخاص ستيف ويتكوف بالإضافة إلى جاريد كوشنر، صهر الرئيس ترامب.
ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير من الغموض حول ما إذا كانت هذه الجهود الجديدة ستنجح في تجاوز العقبات التي أعاقت المحادثات السابقة. الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لم يتراجع بعد عن مطالبه بالسيطرة على مساحات واسعة من الأراضي الأوكرانية، وهو ما يمثل تحدياً كبيراً أمام أي اتفاق سلام.
توقعات الأسعار المستقبلية ومؤشرات الفائض
يعرب روبرت ريني، رئيس أبحاث السلع في “ويستباك بانكينغ كورب”، عن شكوكه حول قرب التوصل إلى اتفاق سلام فعلي، على الرغم من التقدم الظاهري في المحادثات. ويتوقع ريني أن يتراوح سعر خام برنت بين 60 و 65 دولاراً للبرميل في الفترة القادمة، في ظل التقلبات المستمرة في السوق. سوق النفط بشكل عام يوحي بتقلبات كبيرة.
تظهر مؤشرات الفائض في المعروض بشكل متزايد على مستوى العالم، مما يزيد من الضغوط على أسعار النفط. تُظهر بعض المؤشرات الفنية في سوق النفط الأمريكي تزايد المعروض، بينما تشهد مناطق أخرى، مثل الشرق الأوسط، تراجعاً في الأسعار في الأسابيع الأخيرة. هذه التطورات تؤكد المخاوف بشأن حالة الركود المحتملة في سوق النفط.
بالإضافة إلى ذلك، أظهر تقرير سابق ضعف سوق النفط في منطقة الشرق الأوسط بالتزامن مع تصاعد المخاوف بشأن تخمة الإمدادات. هذا الوضع يتطلب متابعة دقيقة وتحليل مستمر للتطورات الجارية في الأسواق النفطية العالمية.
الخلاصة: يشهد سوق النفط حالة من عدم اليقين مع تراجع الأسعار واستمرار المخاوف بشأن فائض المعروض. على الرغم من الأمل الذي أثارته تصريحات الرئيس ترامب حول قرب التوصل إلى اتفاق سلام في أوكرانيا، إلا أن العقبات لا تزال قائمة. من المرجح أن تشهد أسعار النفط تقلبات كبيرة في الفترة القادمة، وأن يظل أداء السوق مرتبطاً بشكل وثيق بالتطورات الجيوسياسية والاقتصادية العالمية. لذا، يفضل متابعة التحليلات المتخصصة والتقارير الدورية لفهم أعمق لاتجاهات السوق واتخاذ قرارات مستنيرة.












