اخبار الاقتصاد

المملكة المتحدة تتوصل لاتفاق تجارة حرة مع كوريا الجنوبية

أبرمت المملكة المتحدة اتفاقية تجارة حرة جديدة مع كوريا الجنوبية، وهي خطوة تعتبرها الحكومة البريطانية تعزيزاً كبيراً لصادراتها، بدءاً من السيارات الفاخرة وصولاً إلى المشروبات الروحية. يأتي هذا الاتفاق في وقت تسعى فيه بريطانيا لتنويع شراكاتها التجارية العالمية وتعزيز اقتصادها في ظل تحديات اقتصادية مستمرة. يهدف هذا الاتفاق إلى تسهيل التجارة بين البلدين، وتقديم فرص جديدة للشركات البريطانية في السوق الكورية الجنوبية، ودعم النمو الاقتصادي وخلق فرص العمل في المملكة المتحدة.

اتفاقية التجارة الحرة بين بريطانيا وكوريا الجنوبية: تفاصيل وأهداف

وقّع وزير التجارة البريطاني كريس براينت الاتفاق مع نظيره الكوري الجنوبي يو هان كو في لندن يوم الإثنين، ليضع حداً لمفاوضات استمرت لفترة من الوقت. هذا الاتفاق يكتسب أهمية خاصة لأنه يأتي قبل انتهاء العمل باتفاقية الرسوم الجمركية المنخفضة أو الصفرية التي كانت سارية بين البلدين منذ انضمام المملكة المتحدة إلى الاتحاد الأوروبي. يهدف الاتفاق الجديد إلى الحفاظ على هذه المزايا وتوسيعها، مما يضمن استمرار تدفق التجارة بين البلدين بسلاسة.

دعم الصادرات البريطانية وتعزيز النمو الاقتصادي

تتوقع وزارة التجارة البريطانية أن يزيد هذا الاتفاق من صادرات الخدمات البريطانية بنحو 400 مليون جنيه إسترليني (حوالي 536 مليون دولار). كما سيمنح الشركات البريطانية وصولاً أفضل إلى السوق المالية في كوريا الجنوبية، بالإضافة إلى تسهيل تصدير منتجات مثل سيارات “بنتلي” الفاخرة، ومشروب “غينيس” من شركة “دياجيو”، وسمك السلمون الاسكتلندي. أكد رئيس الوزراء كير ستارمر أن الاتفاق سيعزز الاقتصاد ويدعم الوظائف والنمو في جميع أنحاء البلاد، معتبراً إياه مكسباً كبيراً للأعمال البريطانية.

مكسب سياسي واقتصادي محدود في ظل تحديات اقتصادية

على الرغم من أهمية اتفاقية التجارة الحرة مع كوريا الجنوبية، إلا أنها تعتبر دفعة محدودة لرئيس الوزراء ستارمر الذي يواجه صعوبات في تحقيق نمو اقتصادي مستدام في المملكة المتحدة. فقد أظهرت البيانات الرسمية تراجع النمو في أكتوبر، مما يثير المخاوف من احتمال تسجيل أول انكماش فصلي منذ تولي “حزب العمال” السلطة في يوليو 2024.

ومع ذلك، يرى البعض أن الساحة الدولية كانت مسرحاً لبعض أبرز نجاحات ولاية ستارمر، بما في ذلك الحفاظ على علاقة مستقرة مع الولايات المتحدة والمساهمة في تنسيق الموقف الأوروبي إزاء الحرب في أوكرانيا.

تأثير محدود على الناتج المحلي الإجمالي

من غير المرجح أن يوفر اتفاق كوريا الجنوبية وحده دفعة كبيرة للناتج المحلي الإجمالي للمملكة المتحدة. فقد بلغت التجارة الإجمالية بين البلدين في السلع والخدمات 15.1 مليار جنيه إسترليني في العام المنتهي في يونيو 2025، مما يجعل كوريا الجنوبية الشريك التجاري الخامس والعشرين للمملكة المتحدة.

ومع ذلك، تسعى الحكومة البريطانية إلى تقديم الاتفاق كخطوة إضافية لتعزيز موقع بريطانيا التجاري بعد “بريكست”. فقد كان الترويج لعقد اتفاقات تجارة حرة مع دول خارج الاتحاد الأوروبي أحد أبرز وعود مؤيدي الخروج من الاتحاد، إلا أن عدداً محدوداً فقط من هذه الاتفاقات قد أُنجز حتى الآن، ولم يحقق أي منها القيمة المرجوة.

تفاصيل الاتفاقية وآفاق مستقبلية

في عام 2023، اتفقت بريطانيا وكوريا الجنوبية على تمديد اتفاق لمدة عامين أبقى الرسوم الجمركية منخفضة أو ألغى الرسوم على صادرات بريطانية بنحو ملياري جنيه إسترليني، ريثما يتم التفاوض على اتفاق أوسع. ويضمن الاتفاق الجديد دخولاً معفياً من الرسوم الجمركية إلى السوق الكورية في 98% من بنود التعرفة الجمركية، وهي الشروط نفسها التي يتمتع بها الاتحاد الأوروبي مع كوريا الجنوبية.

كما يحدّث الاتفاق ما يُعرف بقواعد المنشأ، مما يمنح المصنعين البريطانيين مرونة أكبر في استيراد المواد والمكونات من الخارج. على سبيل المثال، تم تخفيض النسبة المطلوبة من قيمة المنتج المصنوع في المملكة المتحدة من 55% إلى 25%. بالإضافة إلى ذلك، يسمح الاتفاق باستخدام العقود الإلكترونية وغيرها من التقنيات الرقمية، مما يجعل بيع المنتجات البريطانية في كوريا أسرع وأقل كلفة.

بالتوازي مع اتفاق كوريا الجنوبية، يواصل ستارمر مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي بشأن اتفاق للصحة العامة والزراعية، بهدف تقليل أعباء تجارة المنتجات الزراعية. كما أن اتفاق تجارة حرة بين المملكة المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي بات قريباً من الاكتمال، مما يعكس جهود بريطانيا لتنويع شراكاتها التجارية العالمية.

اتفاقية التجارة الحرة مع كوريا الجنوبية تمثل خطوة إيجابية نحو تعزيز العلاقات التجارية والاقتصادية بين البلدين، ولكنها ليست حلاً سحرياً للتحديات الاقتصادية التي تواجه المملكة المتحدة. يتطلب تحقيق نمو اقتصادي مستدام جهوداً متواصلة في مجالات متعددة، بما في ذلك الاستثمار في الابتكار وتعزيز الإنتاجية وتطوير المهارات.

اقرأ أيضاً: وزيرة الخزانة البريطانية في السعودية لتسريع محادثات التجارة مع الخليج

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى