اخبار الاقتصاد

المركزي التركي يوسع محفظة السندات لدعم مرونة النقد

أعلن البنك المركزي التركي عن خطة طموحة لتوسيع محفظته من السندات الحكومية بحلول عام 2026، في خطوة تهدف إلى تعزيز استقراره المالي وقدرته على إدارة السيولة بالليرة التركية. تأتي هذه الخطوة في ظل تحديات اقتصادية متزايدة، بما في ذلك التضخم وتقلبات أسعار الصرف، وتسعى إلى دعم مرونة العمليات النقدية للبنك. هذه الخطة، التي تتضمن زيادة كبيرة في حجم حيازات السندات الحكومية، تثير تساؤلات حول تأثيرها على الاقتصاد التركي، وتعتبر جزءًا من جهود البنك المركزي لمواجهة هذه التحديات.

توسيع محفظة السندات الحكومية: خطة البنك المركزي لعام 2026

وفقًا لتقرير السياسة النقدية لعام 2026 الصادر عن البنك المركزي التركي، يهدف البنك إلى رفع قيمة حيازات السندات الحكومية إلى 450 مليار ليرة تركية، وهو ما يعادل تقريبًا 10.5 مليار دولار أمريكي. يمثل هذا زيادة كبيرة مقارنةً بالمبلغ الحالي البالغ 262.3 مليار ليرة تركية. تعتبر هذه الزيادة استراتيجية لتعزيز أدوات إدارة السيولة وتقليل الاعتماد على أدوات أخرى قد تكون أقل فعالية في ظل الظروف الحالية.

آلية عمليات السوق المفتوحة ودورها في الاستقرار المالي

سيتم تنفيذ هذا التوسع من خلال عمليات السوق المفتوحة (OMO)، والتي تسمح للبنك المركزي بشراء الأوراق المالية الحكومية من البنوك التجارية. تهدف هذه العمليات إلى توفير السيولة اللازمة في النظام المصرفي، وبالتالي دعم النمو الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك، تلعب عمليات السوق المفتوحة دورًا حاسمًا في منع اتساع الفجوة بين أسعار الفائدة في السوق وسعر الفائدة الأساسي الذي يحدده البنك المركزي.

السيطرة على السيولة ومنع التضخم

تُنفّذ مشتريات السندات الحكومية بشكل مباشر عندما يكون هناك نقص دائم في السيولة، وهو ما يساعد على تخفيف الضغوط على أسعار الفائدة والحفاظ على استقرار النظام المالي. من خلال التحكم في حجم السيولة المتاحة، يمكن للبنك المركزي التأثير على مستوى التضخم في الاقتصاد. هذه العملية تعتبر جزءًا أساسيًا من السياسة النقدية الحديثة.

أسباب زيادة محفظة السندات الحكومية

أضاف البنك المركزي التركي ما يقارب 124 مليار ليرة تركية من السندات الحكومية إلى محفظته خلال العام الحالي، وذلك في محاولة للتخفيف من أزمة السيولة التي واجهت الليرة التركية. وقد تفاقمت هذه الأزمة بعد توقيف المعارض البارز أكرم إمام أوغلو في مارس الماضي، مما أدى إلى زيادة حالة عدم اليقين في الأسواق. تعتبر هذه الزيادة في حيازات السندات الحكومية بمثابة إجراء استثنائي يهدف إلى استعادة الثقة في الليرة التركية ودعم الاستقرار المالي.

تحليل اقتصادي: هل هي تيسير كمي؟

يرى الخبير الاقتصادي هالوك بورومجكجي، مؤسس شركة “بورومجكجي ريسيرتش آند كونسلتينغ”، أن الحجم المتوقع لمحفظة عمليات السوق المفتوحة سيشكل حوالي 3% من الميزانية العمومية الأسبوعية للبنك المركزي، وهو ما يتماشى مع المتوسطات السابقة. ويؤكد بورومجكجي أن هذه الخطوة لا تعتبر “تيسيرًا كميًا” بالمعنى التقليدي، حيث أن التيسير الكمي يتضمن عادةً عمليات شراء أوسع نطاقًا وأكثر استهدافًا. ومع ذلك، فإن زيادة حيازات السندات الحكومية تعتبر خطوة مهمة نحو تعزيز قدرة البنك المركزي على إدارة السيولة ودعم الاقتصاد. السيولة هي عنصر أساسي في استقرار النظام المالي.

توقعات البنك المركزي لعام 2026

أكد البنك المركزي التركي في تقريره للسياسة النقدية لعام 2026 أنه سيواصل اتباع نظام سعر الصرف الحالي، وهو نظام يجمع بين العومية المدارة والتدخلات المحدودة في السوق. كما أكد البنك التزامه بمراقبة تطورات سعر الصرف عن كثب، واتخاذ الإجراءات اللازمة عند الحاجة. بالإضافة إلى ذلك، سيظل سعر إعادة الشراء لأجل أسبوع (الريبو) هو أداة السياسة النقدية الأساسية، وستعقد لجنة السياسة النقدية 8 اجتماعات لتحديد أسعار الفائدة خلال العام. سعر الفائدة هو أحد أهم الأدوات التي يستخدمها البنك المركزي للسيطرة على التضخم.

تأثيرات محتملة على الاقتصاد التركي

من المتوقع أن يكون لتوسيع محفظة السندات الحكومية تأثيرات إيجابية على الاقتصاد التركي، بما في ذلك زيادة السيولة في النظام المصرفي، ودعم الاستقرار المالي، وتقليل الضغوط على أسعار الفائدة. ومع ذلك، هناك أيضًا بعض المخاطر المحتملة، مثل زيادة الدين العام، وتفاقم التضخم إذا لم يتم إدارة السيولة بشكل فعال. الاستثمار الحكومي في السندات يمكن أن يحفز النمو الاقتصادي.

في الختام، تعتبر خطة البنك المركزي التركي لتوسيع محفظته من السندات الحكومية خطوة استراتيجية تهدف إلى تعزيز استقراره المالي وقدرته على إدارة السيولة بالليرة التركية. من خلال تنفيذ هذه الخطة بشكل فعال، يمكن للبنك المركزي المساهمة في تحقيق النمو الاقتصادي المستدام وتقليل المخاطر التي تواجه الاقتصاد التركي. ندعو القراء إلى متابعة تطورات هذه الخطة وتحليل تأثيراتها المحتملة على الاقتصاد التركي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى