السندات الأوروبية تواجه اختباراً صعباً مع زيادة الاقتراض لتمويل أوكرانيا

يشهد سوق الدين الأوروبي تحولات كبيرة، حيث يواجه مستثمرو الدين المشترك للاتحاد الأوروبي مخاطر متزايدة مع توقعات بزيادة المعروض من السندات في السنوات القادمة. يأتي ذلك في ظل سعي المسؤولين في بروكسل إلى تأمين تمويل إضافي بقيمة 90 مليار يورو لدعم أوكرانيا خلال العامين المقبلين، وهو ما أثار ردود فعل متباينة في الأسواق المالية. وارتفعت عوائد السندات الأوروبية لأجل 30 عاماً بشكل ملحوظ مؤخراً، مما يعكس قلق المستثمرين بشأن هذه الزيادة المحتملة في المعروض.
تأثير خطط تمويل أوكرانيا على سوق الدين الأوروبي
أدى الاتفاق الأخير بين قادة الاتحاد الأوروبي بشأن إقراض أوكرانيا 90 مليار يورو إلى ارتفاع عوائد السندات الأوروبية طويلة الأجل. وارتفعت العوائد لأجل 30 عاماً تسع نقاط أساس لتصل إلى 4.14% يوم الجمعة الماضي، وهو أكبر ارتفاع بين جهات الإصدار في منطقة اليورو. يعكس هذا الارتفاع مخاوف المستثمرين بشأن زيادة المعروض من السندات الأوروبية، مما قد يؤدي إلى انخفاض أسعارها.
تحسن أداء ديون الاتحاد الأوروبي وتوقعات مستقبلية
على الرغم من هذه المخاطر، شهدت ديون الاتحاد الأوروبي أداءً قوياً نسبياً مقارنة بالديون الألمانية، حيث انخفضت علاوة الاقتراض من 85 نقطة أساس في وقت سابق من هذا العام إلى 60 نقطة حالياً. ويعزى هذا التحسن إلى زيادة السيولة في ديون الاتحاد الأوروبي وجهود مواءمة برنامج الاقتراض مع برامج الدول الأعضاء. ومع ذلك، يرى المحللون أن هذا الأداء قد يخضع للاختبار مع زيادة المعروض من السندات.
خيارات تمويل الاتحاد الأوروبي وتأثيرها على المستثمرين
لا يزال المسؤولون الأوروبيون يدرسون أفضل السبل لتمويل حزمة المساعدات لأوكرانيا. وتشمل الخيارات المتاحة إصدار المزيد من الدين المشترك، أو استخدام أذون الخزانة قصيرة الأجل، أو اللجوء إلى اتفاقيات إعادة الشراء. وقد صرح مسؤولون أوروبيون لمستثمرين عالميين أن لديهم القدرة على تلبية الاحتياجات التمويلية الإضافية من خلال مجموعة متنوعة من الأدوات.
التحول عن الأصول الروسية المجمدة
يمثل مقترح الدين المشترك للاتحاد الأوروبي تحولاً كبيراً عن الخطة الأولية التي كانت تعتمد على استخدام الأصول الروسية المجمدة في أوروبا لسداد القرض. بموجب الخطة الجديدة، لن تضطر أوكرانيا إلى سداد القرض إلا بعد أن تقوم روسيا بتعويضها عن الأضرار، في حين ستظل الأصول الروسية مجمدة داخل الاتحاد الأوروبي.
زيادة حدود الاقتراض والسندات الأوروبية
أعلن الاتحاد الأوروبي عن خطط لبيع 90 مليار يورو من السندات في النصف الأول من عام 2026، وهو نفس المبلغ الذي تم بيعه في العام الماضي. كما حدد هدفاً “إرشادياً” بـ 160 مليار يورو لعام 2026. ومع ذلك، تسمح الوثائق القانونية بإصدار سندات بحد أقصى 200 مليار يورو خلال العام نفسه، مقارنة بحد 170 مليار يورو في العام الحالي. بالإضافة إلى ذلك، تم رفع سقف الأذون من 60 مليار يورو في عام 2025 إلى 100 مليار يورو.
توقعات المحللين وتأثير زيادة المعروض
يرى كريستوف ريغر، رئيس أبحاث أسعار الفائدة والائتمان في “كومرتس بنك”، أن تفوق السندات الأوروبية “سيخضع للاختبار” بسبب زيادة المعروض. ويتوقع أن يتم تغطية أي احتياجات تمويل إضافية في البداية من خلال إصدار المزيد من الأذون. من ناحية أخرى، يشير لوكا كاتسولاني، المحلل في “يونيكريديت”، إلى أن زيادة المعروض قد تضغط على أسعار السندات الأوروبية، ولكنها قد تؤدي أيضاً إلى زيادة سيولتها، مما يجعلها أكثر جاذبية للمستثمرين.
الاتحاد الأوروبي كجهة إصدار دائمة للسندات
يتوقع ريغر أن أي زيادة في الاقتراض عبر الأذون لتمويل أوكرانيا سيتم إعادة تمويلها في سندات بمجرد انتهاء مرحلة التمويل الصافي لبرنامج “الجيل القادم للاتحاد الأوروبي” في نهاية عام 2026. ويعتقد أن ذلك سيرسخ مبدأ أن الاتحاد الأوروبي هو جهة إصدار دائمة للسندات لسنوات قادمة. ويوصي “كومرتس بنك” العملاء باستغلال أي انتكاسات في السندات الأوروبية نتيجة “عدم اليقين بشأن المعروض” لتعزيز مراكزهم الشرائية.
الخلاصة
إن زيادة المعروض من ديون الاتحاد الأوروبي، مدفوعة بخطط تمويل أوكرانيا، تمثل تحدياً للمستثمرين. ومع ذلك، فإن التحسن في أداء ديون الاتحاد الأوروبي، وزيادة السيولة، وتنوع أدوات التمويل المتاحة، قد تخفف من هذه المخاطر. من المهم للمستثمرين مراقبة تطورات السوق عن كثب وتقييم المخاطر والفرص بعناية. سندات الاتحاد الأوروبي قد تصبح جزءاً أساسياً من محافظ المستثمرين على المدى الطويل، خاصة مع ترسيخ دور الاتحاد الأوروبي كجهة إصدار دائمة للسندات. لمزيد من المعلومات حول الاستثمار في السندات، يرجى زيارة [رابط لمصدر معلومات إضافي].












