السعودية تطلق خطة خماسية لمكافحة التصحر خلال “كوب 16”

تواصل المملكة العربية السعودية جهودها الريادية في مجال حماية البيئة ومواجهة التحديات المناخية، حيث أعلنت عن طرح خمس أدوات تنفيذية هامة لدعم جهود مكافحة التصحر عالمياً، وذلك على هامش مشاركتها في فعاليات مؤتمر المناخ (COP30) المنعقد حالياً في البرازيل. يأتي هذا الإعلان في سياق رئاسة السعودية لمؤتمر الأطراف السادس عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (UNCCD COP16)، مؤكدة التزامها القوي بتحقيق الاستدامة البيئية وتعزيز التعاون الدولي في هذا المجال الحيوي. هذه الأدوات الجديدة تهدف بشكل مباشر إلى معالجة التصحر وتخفيف آثاره المدمرة على المجتمعات والاقتصادات حول العالم.
أدوات تنفيذية مبتكرة لمكافحة التصحر
تستند الأدوات الخمس التي أطلقتها رئاسة السعودية إلى رؤية شاملة تهدف إلى تجاوز الجوانب التقليدية لمكافحة التصحر، والتركيز على الحلول العملية والمبتكرة التي تعالج الأسباب الجذرية لهذه المشكلة. وتشمل هذه الأدوات ما يلي:
منصة تعزيز التعاون المشترك (SCP)
تهدف هذه المنصة إلى توفير إطار عمل تفاعلي لتبادل المعرفة والخبرات وأفضل الممارسات بين مختلف الأطراف المعنية بمكافحة التصحر، بما في ذلك الحكومات والمنظمات الدولية والمجتمع المدني والقطاع الخاص. ستساهم المنصة في تسهيل التعاون المشترك وتنسيق الجهود، مما يزيد من فعالية التدخلات ويسرع وتيرة التقدم.
خطط تسريع تنفيذ الحلول (PAS)
تعتبر هذه الخطط بمثابة خارطة طريق مفصلة لتنفيذ مشاريع ومبادرات ملموسة على أرض الواقع. وستحدد الخطط الأهداف المحددة والمؤشرات القابلة للقياس والجداول الزمنية الواقعية، بالإضافة إلى تخصيص الموارد اللازمة لضمان نجاح التنفيذ. ستركز هذه الخطط على إيجاد حلول عملية لمواجهة التصحر في المناطق الأكثر تضرراً.
شراكة الرياض العالمية للقدرة على الصمود أمام الجفاف (RGDRP)
تمثل هذه الشراكة مبادرة طموحة تهدف إلى تعزيز القدرة على التكيف مع آثار الجفاف والتغيرات المناخية، من خلال تطوير وتنفيذ حلول مبتكرة في مجالات إدارة الموارد المائية والزراعة المستدامة والطاقة المتجددة. ستعمل الشراكة على حشد الاستثمارات وتعبئة الموارد لتمويل المشاريع ذات الأولوية، وبناء القدرات المحلية لضمان الاستدامة.
منتدى الأعمال من أجل الأرض (Business4Land)
يسعى هذا المنتدى إلى إشراك القطاع الخاص بشكل فعال في جهود مكافحة التصحر، من خلال توفير منصة للحوار والتعاون وتبادل الأفكار. سيساهم المنتدى في تعزيز الاستثمارات الخضراء وتشجيع الشركات على تبني ممارسات مستدامة تقلل من تأثيرها البيئي، وتساهم في استعادة الأراضي المتدهورة. تعتبر المشاركة الفعالة للقطاع الخاص عاملاً أساسياً في تحقيق نجاح مبادرات التصحر.
مبادرة البرازيل لتسريع استصلاح الأراضي (RAIZ)
تعتبر هذه المبادرة ثمرة تعاون وثيق بين المملكة العربية السعودية والبرازيل، وتهدف إلى تسريع وتيرة استصلاح الأراضي المتدهورة في البرازيل، من خلال تطبيق أحدث التقنيات وأفضل الممارسات. ستركز المبادرة على استعادة الغطاء النباتي وتحسين خصوبة التربة، وتوفير مصادر رزق مستدامة للمجتمعات المحلية.
أهمية التعاون الدولي في مواجهة التحديات البيئية
أكد أسامة فقيها، وكيل وزارة البيئة والمياه والزراعة للبيئة ومستشار معالي رئيس مؤتمر الأطراف، أن استمرار تدهور الأراضي يشكل تهديداً وجودياً للأمن الغذائي والمائي، ويؤثر سلباً على أهداف المناخ والتنوع البيولوجي. وأضاف أن تحقيق التعافي البيئي يتطلب تكاملاً بين الاتفاقيات الدولية وخطط التنفيذ الوطنية، وتعزيز التعاون بين جميع الأطراف المعنية. إن التصحر ليس تحدياً يواجه دولة واحدة، بل هو قضية عالمية تتطلب حلولاً جماعية.
بيان بيليم المشترك ودعوة إلى توحيد الجهود
خلال المؤتمر، تم عرض “بيان بيليم المشترك”، وهو أول بيان صادر عن مجتمع أجندة العمل، يهدف إلى دعم استعادة الأراضي وحماية النظم البيئية، وتحقيق أهداف أجندة 2030 للتنمية المستدامة. يعكس هذا البيان التزاماً قوياً من جانب المجتمع الدولي بمعالجة قضية تدهور الأراضي بشكل عاجل وفعال.
بالإضافة إلى ذلك، دعت رئاسات خمس اتفاقيات دولية، بما في ذلك “كوب 16” و “كوب 30″، إلى توحيد المسارات المناخية والبيئية ضمن خطة عمل منسقة، والاستفادة من زخم اتفاقيات ريو والمبادرات الحديثة مثل خطة عمل الرياض. هذا التناغم بين الاتفاقيات المختلفة من شأنه أن يضاعف الأثر الإيجابي للجهود المبذولة في مجال حماية البيئة.
السعودية ومستقبل تقييم حالة الأراضي عالمياً
تستعد المملكة العربية السعودية لتقديم أول تقييم عالمي لحالة الأراضي خلال مؤتمر الأطراف السابع عشر لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر (UNCCD COP17) العام المقبل في أولان باتور. سيوفر هذا التقييم رؤية شاملة حول الوضع الحالي للأراضي المتدهورة في جميع أنحاء العالم، ويحدد التحديات والفرص المتاحة لتحسين إدارتها وحمايتها. يعتبر هذا التقييم خطوة حاسمة نحو وضع استراتيجيات فعالة لمكافحة التصحر واستعادة الأراضي المتدهورة. أيضاً، سيعزز دور المملكة العربية السعودية كقائد عالمي في مجال الحفاظ على البيئة.
التصحر












