اخبار الاقتصاد

الجنيه الإسترليني يتجه للتراجع إذا ما بالغت بريطانيا في فرض الضرائب

يطالع المستثمرون والخبراء الاقتصاديون تحذيرات متزايدة بشأن مستقبل الجنيه الإسترليني، حيث يرى مدير صناديق التحوط ستيفن جين أن المملكة المتحدة تقترب من نقطة حرجة قد تجعل الزيادات الضريبية غير قادرة على تعزيز الإيرادات الحكومية، بل وقد تؤدي إلى نتائج عكسية. هذا التقييم السلبي يأتي في ظل تحديات اقتصادية متعددة تواجهها بريطانيا، بما في ذلك تداعيات الخروج من الاتحاد الأوروبي وارتفاع الديون.

توقعات بانخفاض قيمة الجنيه الإسترليني

يتوقع ستيفن جين، الرئيس التنفيذي لشركة “يوريزون إس إل جي كابيتال” ومقرها لندن، أن يشهد الجنيه الإسترليني انخفاضاً أمام العملات الرئيسية مثل اليورو والين والفرنك السويسري. ويستند هذا التوقع إلى قناعته بأن المزيد من الضغوط الضريبية على الأفراد والشركات الأكثر إنتاجية قد يدفعهم إلى البحث عن بدائل خارج المملكة المتحدة، مما يقلل من القاعدة الضريبية وبالتالي من الإيرادات الحكومية.

على الرغم من الارتفاع المؤقت الذي شهده الجنيه الإسترليني عقب إعلان وزيرة المالية رايتشل ريفز عن حزمة زيادات ضريبية، إلا أن المؤشرات طويلة الأجل تشير إلى اتجاه هبوطي. فقد انخفض المؤشر الذي يرصد أداء الجنيه مقابل سلة من العملات الرئيسية بنسبة 20% خلال العقد الماضي، ويعزى جزء كبير من هذا الانخفاض إلى تبعات التصويت على الخروج من الاتحاد الأوروبي في عام 2016.

نظرية لافر و”نقطة التحول” الضريبية

يعتمد جين في تحليله على نظرية “منحنى لافر” التي طورها الاقتصادي آرثر لافر في ثمانينيات القرن الماضي. تفترض هذه النظرية أن هناك مستوى معيناً من الضرائب، إذا تم تجاوزه، فإنه يؤدي إلى انخفاض الإيرادات الحكومية، حيث يقلل من حوافز الأفراد للعمل والادخار والاستثمار.

يشير جين إلى أن المملكة المتحدة تقترب من هذه “نقطة التحول“، مستدلاً بمغادرة عدد من الأثرياء البريطانيين للبلاد في الفترة الأخيرة. وقد أكد لافر نفسه على هذا الرأي في مقابلة حديثة، محذراً من أن زيادة الضرائب قد تؤدي إلى نتائج عكسية على الاقتصاد البريطاني.

نزوح القاعدة الضريبية وتأثيره على الاقتصاد

يحذر جين من أن “نزوح القاعدة الضريبية” قد يؤدي إلى أخطاء فادحة في التقديرات المالية للحكومة. ويوضح أنه إذا اختفت الشريحة الأكثر ثراءً من دافعي الضرائب، فإن الافتراضات التي بنيت عليها الميزانية الحالية ستصبح خاطئة. ويدعو إلى الانتظار لرؤية كيف ستتطور الأمور خلال السنتين أو الثلاث سنوات القادمة لتقييم الأثر الحقيقي للزيادات الضريبية.

الجدل حول نظرية لافر

على الرغم من أهمية نظرية لافر، إلا أنها تظل محل جدل بين الاقتصاديين. فالتطبيق العملي لهذه النظرية في تحديد السياسات الضريبية أمر معقد، نظراً لوجود عوامل متعددة تؤثر في الإيرادات الحكومية والإنفاق العام.

لدى الخبيرة الاقتصادية آنا أندرادي من بلومبرغ إيكونوميكس تحفظات بشأن الاستناد إلى هذه النظرية لتفسير الوضع الحالي في بريطانيا، مشيرة إلى أن العوامل الاقتصادية الأخرى قد تكون لها تأثيرات أكبر. ومع ذلك، يظل تحذير جين حول “الضرائب المفرطة” بمثابة ناقوس خطر للمستثمرين وصناع القرار.

توقعات بمزيد من الزيادات الضريبية

يتوقع ستيفن جين أن تفرض الحكومة البريطانية المزيد من الزيادات الضريبية في السنوات المقبلة، وذلك في ظل الضغوط الاقتصادية المتزايدة والحاجة إلى تمويل الإنفاق العام. وقد صرحت وزيرة المالية رايتشل ريفز بأنها لا تستبعد فرض ضرائب إضافية قبل موعد الانتخابات القادمة.

ويعتقد جين أن السوق قد تتفاعل بشكل سلبي مع المزيد من الزيادات الضريبية، خاصة إذا تبين أنها غير فعالة في تحقيق الأهداف الإيرادية المنشودة. في المقابل، يرى مستقبلًا أكثر إشراقًا لعملات مثل الفرنك السويسري بالإضافة إلى الأصول مثل الذهب والعملات المشفرة.

في الختام، تبدو الآفاق المستقبلية لالجنيه الإسترليني غير واعدة في ظل المخاوف المتزايدة بشأن السياسات الضريبية البريطانية. يجب على المستثمرين مراقبة الوضع عن كثب وتقييم المخاطر المحتملة قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية. هل ستتمكن الحكومة البريطانية من إيجاد توازن بين تحقيق الأهداف الاجتماعية والحفاظ على جاذبية الاقتصاد البريطاني؟ هذا هو السؤال الذي يطرح نفسه بقوة في الوقت الحالي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى