الاقتصاد المصري يسجل أعلى نمو فصلي منذ أكثر من 3 سنوات عند 5.3%

شهد الاقتصاد المصري دفعة قوية خلال الربع الأول من السنة المالية 2025-2026، محققًا معدل نمو ملحوظًا بلغت نسبته 5.3%. هذا الأداء القوي يمثل أفضل نتيجة منذ 14 فصلًا، أي ما يعادل ثلاث سنوات ونصف، ويعكس بوادر انتعاش حقيقي في عدة قطاعات رئيسية. يأتي هذا النمو المدفوع بشكل أساسي بتحسن إيرادات قناة السويس، وكذلك الأداء المتميز لقطاعي السياحة والصناعات التحويلية، على الرغم من استمرار التحديات في قطاع الاستخراجات. يمثل هذا التطور نقطة تحول مهمة للاقتصاد المصري، ويضع البلاد على مسار أكثر استدامة نحو النمو والازدهار.
معدل نمو الاقتصاد المصري يتسارع
أظهرت البيانات الصادرة عن وزارة التخطيط المصرية أن معدل نمو الاقتصاد المصري خلال الربع الأول من السنة المالية الجديدة تجاوز التوقعات، مسجلاً 5.3%. ويعتبر هذا النمو بمثابة علامة فارقة، حيث يمثل أقوى أداء للاقتصاد منذ عام 2021، مما يعزز الثقة في قدرة مصر على تحقيق تعافٍ اقتصادي قوي. وتتوقع الوزارة استقرار معدل النمو السنوي خلال العام المالي الحالي عند 5%، وهو ما يمثل تسارعًا ملحوظًا مقارنة بمعدل النمو الذي بلغ 4.4% في العام المالي السابق. يعكس هذا التوقع تفاؤلاً حذرًا بشأن استمرار الزخم الإيجابي في الأشهر القادمة.
عودة قناة السويس للانتعاش
لعبت إيرادات قناة السويس دورًا محوريًا في دعم نمو الاقتصاد المصري. فقد شهدت القناة انتعاشًا ملحوظًا في حركة الملاحة، مسجلة نموًا في الإيرادات بنسبة 8.6٪ خلال الأشهر الثلاثة المنتهية في سبتمبر. يمثل هذا التحسن نقطة تحول مهمة بعد فترة طويلة من التراجع استمرت لما يقارب 18 شهرًا، وذلك نتيجة للتوترات الجيوسياسية التي عصفت بالبحر الأحمر وتأثيرها على حركة التجارة العالمية. يعيد هذا الانتعاش للقناة مكانتها كمصدر رئيسي للنقد الأجنبي، مما يساعد على تعزيز الاستقرار الاقتصادي للبلاد.
القطاعات المساهمة في أداء الاقتصاد
لم يكن النمو في قناة السويس هو المحرك الوحيد للاقتصاد المصري. فقد شهدت عدة قطاعات أخرى أداءً قويًا ساهم في هذا الزخم الإيجابي. على رأس هذه القطاعات:
الصناعات التحويلية غير البترولية
حققت الصناعات التحويلية غير البترولية نموًا كبيرًا بنسبة 14.5٪، متصدرة قائمة القطاعات الأسرع نموًا. ويعزى هذا النمو إلى زيادة الإنتاج في صناعات مهمة مثل المركبات، والكيماويات، والمشروبات، والأثاث، والمستحضرات الدوائية. يعكس هذا التطور الجهود المبذولة لتنويع القاعدة الإنتاجية للاقتصاد وتعزيز دور القطاع الصناعي.
قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات
واصل قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات مسيرته التصاعدية، محققًا توسعًا بنسبة 14.5٪. ويعد هذا القطاع من أهم محركات النمو في الاقتصاد المصري، حيث يوفر فرص عمل جديدة ويدعم الابتكار والتحول الرقمي.
قطاع السياحة
شهد قطاع السياحة عودة قوية، حيث استقبلت مصر 5.1 مليون سائح خلال الربع الأول من السنة المالية الجديدة، محققًا نموًا بنسبة 13.8٪. يعكس هذا النجاح الجهود المبذولة لتحسين البنية التحتية السياحية وتنويع الأسواق السياحية المصدرة. تعتبر السياحة من أهم مصادر الدخل القومي، وتساهم بشكل كبير في توفير فرص العمل.
تحديات قطاع الاستخراجات
على الرغم من الأداء القوي لمعظم القطاعات، إلا أن قطاع الاستخراجات لا يزال يواجه تحديات كبيرة. فقد واصل هذا القطاع انكماشه بنسبة 5.3٪، بسبب انخفاض إنتاج البترول بنسبة 6.6٪ والغاز الطبيعي بنسبة 10.9٪. ومع ذلك، فإن وتيرة الانكماش تباطأت مقارنة بالفترة نفسها من العام المالي الماضي، حيث بلغت نسبة الانكماش 8.9٪. يعزو خبراء تباطؤ الانكماش إلى اكتشافات غاز جديدة وحفريات استكشافية، بالإضافة إلى الحوافز التي قدمتها الحكومة للشركات الأجنبية، مثل السماح بتصدير جزء من الإنتاج الجديد واستخدام العائدات لسداد المستحقات.
نظرة صندوق النقد الدولي
تجاوزت تقديرات الحكومة المصرية الخاصة بالنمو التوقعات السابقة لصندوق النقد الدولي، الذي كان يتوقع نموًا بنسبة 4.5٪ خلال العام المالي الحالي. وقد أعربت كريستالينا غورغييفا، المديرة العامة للصندوق، عن تفاؤلها بتقدم برنامج الإصلاح في مصر، مشيدة بانخفاض معدل التضخم وتوجيه الدعم للفئات المستحقة. ومن المقرر أن تزور بعثة من صندوق النقد الدولي مصر في أوائل ديسمبر لإجراء المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج الصلابة والاستدامة، الأمر الذي يمهد لصرف شريحة جديدة من القرض بقيمة 2.5 مليار دولار، بالإضافة إلى دفعة أولى بقيمة 274 مليون دولار. وتعتبر هذه المراجعات خطوة مهمة نحو استكمال برنامج الإصلاح الاقتصادي وتحقيق الاستقرار المالي على المدى الطويل.
بشكل عام، يشير الأداء الاقتصادي القوي لمصر خلال الربع الأول من السنة المالية الجديدة إلى أن البلاد تسير في الاتجاه الصحيح نحو تحقيق النمو المستدام. ومع استمرار الجهود الحكومية لتنويع القاعدة الإنتاجية وتعزيز الاستثمار وتحسين بيئة الأعمال، من المتوقع أن يستمر الاقتصاد المصري في الازدهار في المستقبل. لمزيد من التفاصيل حول دعم صندوق النقد للاقتصاد المصري، يمكنكم الاطلاع على هذا الرابط.












