اخبار الاقتصاد

إيرادات روسيا من النفط والغاز تهبط بنحو الثلث وسط ضعف الأسعار

شهدت عائدات الحكومة الروسية من النفط انخفاضًا حادًا في شهر نوفمبر، حيث انكمشت بنحو الثلث مقارنة بالعام الماضي، مما يثير قلقًا بشأن الوضع المالي في البلاد. يعزى هذا التراجع الملحوظ إلى عدة عوامل متضافرة، أبرزها انخفاض أسعار النفط الخام عالميًا، بالإضافة إلى تعزيز قيمة الروبل الروسي. هذه التطورات تضع ضغوطًا إضافية على ميزانية روسيا، التي تواجه تحديات كبيرة بسبب الإنفاق العسكري المتزايد المرتبط بالحرب في أوكرانيا.

انخفاض كبير في إيرادات النفط الروسية

أظهرت حسابات بلومبرغ، استنادًا إلى بيانات وزارة المالية الروسية الصادرة مؤخرًا، أن الضرائب المرتبطة بالنفط انخفضت بنسبة 32٪ في نوفمبر، لتصل إلى 413.7 مليار روبل (ما يعادل حوالي 5.3 مليار دولار أمريكي). وبشكل أعم، شهدت إيرادات النفط والغاز مجتمعة انخفاضًا بنسبة 34٪، لتسجل 530.9 مليار روبل. هذا الانخفاض يمثل ضربة كبيرة للاقتصاد الروسي، حيث تشكل إيرادات النفط والغاز جزءًا حيويًا من ميزانية الدولة، تمثل تاريخيًا ما يقرب من ربعها.

تأثير أسعار النفط العالمية والخصومات على الخام الروسي

يشهد السوق العالمي انخفاضًا في أسعار خام النفط بسبب توقعات بزيادة المعروض. في الوقت نفسه، تتعرض الخامات الروسية لخصومات إضافية نتيجة للعقوبات والقيود المفروضة عليها. لقد أدرجت الولايات المتحدة مؤخرًا كبريتين من منتجي النفط الروسيين الرئيسيين، وهما “روسنفت” و”لوك أويل”، على القائمة السوداء، في محاولة للضغط على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين لإنهاء الحرب في أوكرانيا. هذه الخطوة تزيد من صعوبة تصدير النفط الروسي وتؤثر سلبًا على الإيرادات المتأتية منه.

يُذكر أن وزارة المالية الروسية قد احتسبت إيرادات النفط لشهر أكتوبر بناءً على متوسط سعر لبرميل خام “الأورال” بلغ 53.68 دولارًا أمريكيًا، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 17٪ مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي. هذا الانخفاض في السعر يعتبر عاملاً رئيسياً ساهم في تدهور الإيرادات النفطية.

الروبل القوي يزيد الطين بلة

بالإضافة إلى انخفاض أسعار النفط، ساهمت قوة الروبل الروسي في تقليل الإيرادات المحققة من مبيعات النفط. عندما يكون الروبل قويًا، يحصل المنتجون على روبل أقل مقابل كل دولار يحصلون عليه من بيع النفط، مما يقلل من قيمة الإيرادات المحولة إلى الدولة. في أكتوبر، بلغ متوسط سعر صرف الروبل 81.0089 روبل مقابل الدولار، وهو ما يمثل زيادة بنسبة 15٪ مقارنة بالعام الماضي، وبالتالي زيادة الضغط على إيرادات النفط.

التقلبات الموسمية في إيرادات الضرائب

من المهم أيضًا ملاحظة أن إيرادات النفط الروسية تشهد تقلبات موسمية. فقد انخفضت الإيرادات الشهرية بنسبة تصل إلى النصف، وهذا يعكس حقيقة أن ضريبة الأرباح على النفط في روسيا يتم دفعها أربع مرات في السنة فقط، تحديدًا في شهري مارس وأبريل ويوليو وأكتوبر. لذلك، فإن شهر نوفمبر يمثل عادة فترة انخفاض في إيرادات النفط بسبب عدم تحصيل هذه الضريبة الرئيسية.

تداعيات على الميزانية الروسية والوضع الاقتصادي

إن استمرار انخفاض عائدات النفط يهدد بزيادة الضغوط على ميزانية روسيا، التي تواجه بالفعل تحديات كبيرة بسبب الإنفاق العسكري الضخم المرتبط بالحرب في أوكرانيا. قد تضطر الحكومة الروسية إلى اتخاذ إجراءات تقشفية أو زيادة الاقتراض لسد العجز في الميزانية. هذا الوضع قد يؤدي إلى تباطؤ النمو الاقتصادي وزيادة التضخم، مما يؤثر سلبًا على مستوى معيشة المواطنين الروس.

تعتبر إيرادات النفط محركًا أساسيًا للاقتصاد الروسي، وتراجعها يؤثر على قطاعات أخرى مرتبطة بها، مثل قطاع التصدير والاستثمار. كما أن العقوبات الغربية المفروضة على روسيا، بما في ذلك القيود على تصدير النفط، تساهم في تعقيد الوضع الاقتصادي وتزيد من صعوبة تعافي الاقتصاد الروسي. تحليل الوضع الاقتصادي في روسيا يتطلب مراقبة دقيقة لتطورات أسعار النفط العالمية، وقيمة الروبل، وتأثير العقوبات الغربية.

بالإضافة إلى ذلك، يجب على الحكومة الروسية تنويع مصادر دخلها وتقليل اعتمادها على إيرادات النفط والغاز لضمان استقرارها المالي على المدى الطويل. هذا يتطلب الاستثمار في قطاعات أخرى، مثل الصناعة والزراعة والخدمات، وتعزيز المنافسة والابتكار.

خلاصة

يشكل انخفاض عائدات الحكومة الروسية من النفط في نوفمبر علامة تحذيرية بشأن الوضع الاقتصادي في البلاد. حيث أن تضافر عوامل انخفاض أسعار النفط، وقوة الروبل، والعقوبات الغربية، والتقلبات الموسمية، قد يؤدي إلى تفاقم المشاكل المالية التي تواجهها روسيا. من الضروري مراقبة هذا الوضع عن كثب، وتحليل تأثير العقوبات على الاقتصاد الروسي، وتقييم الإجراءات التي قد تتخذها الحكومة الروسية للتعامل مع هذه التحديات. هل ستتمكن روسيا من التغلب على هذه الصعوبات والحفاظ على استقرارها المالي؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى