اخبار الاقتصاد

إنفوغراف.. مصر ثالث أكبر مقترض أفريقي من الصين

شهدت العلاقات الاقتصادية بين الصين والدول الأفريقية نموًا ملحوظًا في بداية الألفية الثالثة، وبرزت القروض الصينية كأداة رئيسية في تمويل مشاريع البنية التحتية والتنمية في القارة السمراء. وقد تصدّرت أنغولا قائمة الدول الأفريقية الأكثر اقتراضًا من الصين، حيث بلغ حجم القروض التي حصلت عليها 46 مليار دولار أمريكي حتى نهاية عام 2023، وفقًا لبيانات مركز جامعة بوسطن لسياسات التنمية العالمية. هذا الواقع يطرح تساؤلات حول دوافع هذه القروض، وتأثيرها على الاقتصادات الأفريقية، ومستقبل هذه الشراكة.

أنغولا والصين: شراكة قروض تاريخية

تُعدّ أنغولا أكبر متلقي للقروض الصينية في أفريقيا بفارق كبير عن بقية الدول. يعود هذا إلى عدة عوامل، أهمها احتياجات أنغولا الهائلة لإعادة بناء بنيتها التحتية المتضررة بعد عقود من الحرب الأهلية، بالإضافة إلى ثرواتها النفطية التي جعلتها شريكًا جذابًا للصين. غالبًا ما تكون هذه القروض مُقترنة بعقود لشركات البناء الصينية، مما يوفر فرص عمل ويساهم في النمو الاقتصادي للصين، فضلاً عن أنغولا.

توزيع القروض على القطاعات المختلفة

لم تقتصر القروض الصينية المقدمة لأنغولا على قطاع واحد، بل شملت مجموعة متنوعة من المشاريع الحيوية. أبرز هذه القطاعات هو قطاع الطاقة، حيث مولت الصين العديد من مشاريع محطات توليد الكهرباء وشبكات التوزيع. بالإضافة إلى ذلك، تم توجيه قروض كبيرة لقطاع النقل، بما في ذلك بناء الطرق والسكك الحديدية والموانئ. كما شملت الاستثمارات قطاعات الإسكان والاتصالات، مما يعكس الرغبة الصينية في دعم التنمية الشاملة في أنغولا.

الدول الأفريقية الأخرى الأكثر اقتراضاً من الصين

بعد أنغولا، تحتل إثيوبيا المركز الثاني في قائمة الدول الأفريقية الأكثر اقتراضًا من الصين، بحجم قروض بلغ 14.5 مليار دولار. تعتبر إثيوبيا من بين أسرع الاقتصادات نموًا في أفريقيا، وتسعى جاهدة لتطوير بنيتها التحتية وتحقيق الاكتفاء الذاتي في مجالات الطاقة والغذاء.

تأتي مصر في المرتبة الثالثة بقروض تقدر بنحو 9.7 مليار دولار. تستهدف مصر القروض الصينية لتمويل مشاريع ضخمة في مجالات البنية التحتية والطاقة والنقل، بهدف جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية وتعزيز النمو الاقتصادي.

كما أن نيجيريا وكينيا وزامبيا من بين الدول الأفريقية التي تلقت قروضًا صينية كبيرة، حيث يبلغ حجم القروض لكل منها مليارات الدولارات. تعكس هذه القروض الاهتمام الصيني المتزايد بالقارة الأفريقية، ورغبتها في تعزيز نفوذها الاقتصادي والسياسي فيها. هذا التمويل في أفريقيا له أبعاد جيوسياسية واضحة، حيث تسعى الصين لتأمين الوصول إلى الموارد الطبيعية وتعزيز شراكاتها الاستراتيجية.

تأثير القروض الصينية على الاقتصادات الأفريقية

إن تأثير القروض الصينية على الاقتصادات الأفريقية هو موضوع نقاش واسع النطاق. فمن جهة، ساهمت هذه القروض في تمويل مشاريع حيوية ساعدت في تطوير البنية التحتية وتعزيز النمو الاقتصادي. كما أنها قدمت بديلًا لخيارات التمويل التقليدية التي غالبًا ما تكون مشروطة بمتطلبات سياسية واقتصادية صارمة. ولكن، من جهة أخرى، يثير حجم هذه القروض مخاوف بشأن قدرة الدول الأفريقية على سدادها، واحتمال الوقوع في دائرة الديون.

بالإضافة إلى ذلك، هناك انتقادات حول جودة بعض المشاريع التي يتم تمويلها بالقروض الصينية، وحقيقة أن العديد من هذه المشاريع يتم تنفيذها بواسطة شركات صينية، مما يحد من استفادة الاقتصادات المحلية. كما أن شروط بعض القروض قد تكون غير مواتية للدول الأفريقية، مما يجعلها أكثر عرضة للاستغلال. يجب دراسة آليات إدارة الديون بعناية لضمان الاستدامة المالية.

مستقبل التعاون الصيني – الأفريقي والتمويل

من المتوقع أن يستمر التعاون الصيني – الأفريقي في النمو في السنوات القادمة، وأن تظل القروض الصينية أداة مهمة في تمويل التنمية في القارة الأفريقية. ومع ذلك، من المرجح أن يشهد هذا التعاون بعض التغييرات، حيث تسعى الصين إلى تنويع مصادر تمويلها وتخفيف المخاطر المرتبطة بالقروض.

قد نرى المزيد من الاستثمارات المباشرة من قبل الشركات الصينية، بدلاً من الاعتماد على القروض. كما قد نشهد زيادة في الشروط المتعلقة بالشفافية والحوكمة في القروض الصينية، استجابةً للانتقادات المتزايدة. التمويل المستدام والمسؤول هو مفتاح تحقيق الفوائد المتبادلة من هذه الشراكة. و يبقى تقييم المخاطر المرتبطة بالديون السيادية في أفريقيا أمرًا بالغ الأهمية.

في الختام، يمثل حجم القروض الصينية المقدمة للدول الأفريقية، وعلى رأسها أنغولا، مؤشرًا واضحًا على الأهمية المتزايدة للصين في القارة. لتحقيق أقصى استفادة من هذه الشراكة، يجب على الدول الأفريقية أن تتبنى نهجًا استراتيجيًا لإدارة الديون، وأن تضمن أن المشاريع الممولة بالقروض الصينية تساهم في التنمية المستدامة والشاملة. دعونا نناقش في التعليقات، ما هي التحديات الأخرى التي تواجه الدول الأفريقية في علاقاتها الاقتصادية مع الصين؟ وهل برأيكم يمكن أن يكون هناك بدائل للتمويل الصيني؟ شاركوا معنا آراؤكم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى