اخبار الاقتصاد

إندونيسيا تعلّق عمل 3 شركات وتحقق بدورها المحتمل في فيضانات سومطرة

تتخذ السلطات الإندونيسية خطوات حاسمة في أعقاب الفيضانات والانهيارات الأرضية المدمرة التي ضربت جزيرة سومطرة، وأودت بحياة المئات. وفي إجراء يهدف إلى تحديد المسؤولية ومعالجة الأسباب المحتملة لهذه الكارثة، أعلنت الحكومة عن تعليق عمليات ثلاث شركات رئيسية، وبدء تحقيق شامل في أنشطتها، خاصة فيما يتعلق بإزالة الغطاء النباتي. هذا الإجراء يأتي في سياق جهود مكثفة للتحقيق في دور الأنشطة الصناعية في تفاقم آثار الفيضانات والانهيارات الأرضية في سومطرة.

تعليق عمليات الشركات والتحقيق في الأنشطة البيئية

أصدر وزير البيئة الإندونيسي، حنيف فيصل نوروفيك، بيانًا رسميًا مساء الجمعة، أعلن فيه تعليق عمليات كل من شركة خدمات التعدين “بي تي أجينكورت ريسورسيز” (PT Agincourt Resources)، وشركة المزارع المملوكة للدولة “بي تي بيركيبونان نوسانتارا 3” (PT Perkebunan Nusantara III)، ومطورة الطاقة الكهرومائية “بي تي نورث سومطرة هيدرو إنرجي” (PT North Sumatera Hydro Energy). القرار لم يأتِ من فراغ، بل جاء بعد تقييم دقيق للأضرار وتحديد الأنشطة التي قد تكون ساهمت في الكارثة.

التفتيش الجوي يكشف عن تجريف واسع النطاق

أظهرت عمليات التفتيش الجوي التي أجرتها الحكومة وجود تجريف واسع النطاق للأراضي في مناطق تقع أعلى مجرى المياه من مواقع عمل الشركات المعنية. هذا التجريف، الذي يشمل إزالة الأشجار والنباتات، يُعتقد أنه زاد من خطر الفيضانات والانهيارات الأرضية، حيث قلل من قدرة التربة على امتصاص المياه، وزاد من جريانها السطحي. التحقيق يركز الآن على تحديد ما إذا كانت هذه الأنشطة قد انتهكت القوانين البيئية، وإلى أي مدى ساهمت في حجم الكارثة.

بالإضافة إلى ذلك، طالبت الحكومة الشركات الثلاث بإجراء تدقيق بيئي شامل لتقييم الأثر البيئي الكامل لعملياتها، وتقديم تقرير مفصل بنتائج هذا التدقيق. هذا التدقيق سيشمل تقييمًا دقيقًا لسياسات إدارة الأراضي والمياه المستخدمة من قبل الشركات، والتأكد من التزامها بمعايير الاستدامة البيئية.

استدعاء الشركات للتحقيق وتقييم الأضرار

أصدر وزير البيئة استدعاءً رسميًا للشركات الثلاث للمثول أمام السلطات في العاصمة جاكرتا يوم 8 ديسمبر. سيتم خلال هذا الاجتماع استجواب ممثلي الشركات حول أنشطتهم في المنطقة، وتقييم حجم الأضرار التي تسببت بها، والتحقق من مدى التزامهم بالقوانين واللوائح البيئية المعمول بها. الفيضانات والانهيارات الأرضية في سومطرة دفعت الحكومة إلى اتخاذ موقف صارم تجاه أي انتهاكات بيئية محتملة.

وفي تصريح مهم، أكد الوزير نوروفيك أن الحكومة لن تتردد في اتخاذ إجراءات جنائية ضد أي شركة أو فرد يثبت تورطه في انتهاكات أدت إلى تفاقم الكارثة. هذا التحذير يهدف إلى إرسال رسالة واضحة بأن الحكومة لن تتسامح مع أي ممارسات غير مسؤولة تهدد البيئة وحياة المواطنين.

حجم الكارثة والتحقيقات الموسعة

تجاوز عدد القتلى في الكارثة التي تسبّب بها الإعصار في شمال وغرب سومطرة 800 شخص، ولا يزال مصير حوالي 500 شخص مجهولاً بعد مرور أكثر من أسبوع على وقوعها. هذه الأرقام المأساوية تؤكد الحاجة الملحة إلى فهم الأسباب الحقيقية للكارثة، واتخاذ إجراءات وقائية لمنع تكرارها في المستقبل.

التحقيقات لا تقتصر على الشركات الثلاث المذكورة أعلاه. فقد أبلغ وزير الغابات، رجا جولي أنتوني، البرلمان يوم الخميس أن وزارته ستباشر التحقيق مع 12 شركة أخرى، مشيرًا إلى أن سوء إدارة الغابات يبدو أنه لعب دورًا كبيرًا في تفاقم الأزمة. أسباب الفيضانات في سومطرة متعددة، ولكن سوء إدارة الغابات يبرز كأحد العوامل الرئيسية.

إلى ذلك، تدرس وزارة الغابات إلغاء تصاريح امتيازات الغابات التي حصلت عليها 20 شركة، تغطي مساحة إجمالية تقدر بنحو 750 ألف هكتار من الأراضي في سومطرة ومناطق أخرى في إندونيسيا. هذا القرار، الذي يخضع لموافقة الرئيس برابوو سوبيانتو، يهدف إلى إعادة تقييم سياسات استخدام الأراضي، وضمان حماية البيئة والموارد الطبيعية. ولم يتم الكشف عن أسماء الشركات المعنية بهذا الإجراء حتى الآن.

خطوات مستقبلية وتعزيز الاستدامة

تعتبر الإجراءات التي اتخذتها الحكومة الإندونيسية خطوة مهمة نحو محاسبة الشركات المسؤولة عن الأضرار البيئية، وتعزيز الاستدامة في إدارة الموارد الطبيعية. ومع ذلك، لا يزال هناك الكثير الذي يتعين القيام به. يتطلب الأمر تعاونًا وثيقًا بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني، لتطوير وتنفيذ سياسات فعالة لحماية البيئة، والحد من مخاطر الكوارث الطبيعية.

بالإضافة إلى التحقيقات الجارية، من الضروري الاستثمار في أنظمة الإنذار المبكر، وتحسين البنية التحتية للمناطق المعرضة للفيضانات والانهيارات الأرضية، وزيادة الوعي المجتمعي بأهمية الحفاظ على البيئة. الهدف النهائي هو بناء مجتمع أكثر مرونة واستدامة، قادر على مواجهة تحديات تغير المناخ والكوارث الطبيعية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى