أسهم التكنولوجيا تقود وول ستريت لمكاسب أسبوعية في رالي نهاية العام

شهدت وول ستريت في الجلسة الأخيرة من أسبوع حافل ارتفاعاً ملحوظاً في مؤشرات الأسهم، بالتزامن مع انتهاء صلاحية كمية قياسية من عقود الخيارات، وهو ما أثار مخاوف من تقلبات سعرية حادة. وساهم في هذا الارتفاع أيضاً تعافي أسعار بتكوين، بينما تراجعت أسعار السندات. هذه التطورات المتزامنة تعكس ديناميكية معقدة في الأسواق المالية العالمية، وتثير تساؤلات حول مستقبل الاستثمارات في ظل هذه الظروف.
ارتفاع أسهم التكنولوجيا يقود المكاسب
دفع أداء قوي لعدد من أسهم شركات التكنولوجيا، والتي كانت تواجه ضغوطاً بسبب خطط الإنفاق الطموحة على الذكاء الاصطناعي، مؤشرات الأسهم نحو الأعلى. وقد تمكن مؤشر “إس آند بي 500” من تعويض خسائره الأسبوعية بفضل هذا الأداء الإيجابي. تصدرت شركة “إنفيديا” (Nvidia) قائمة الشركات الرابحة، بينما قفز سهم “أوراكل” (Oracle) بنسبة 7%، مما يعكس الثقة المتزايدة في قطاع التكنولوجيا وقدرته على تحقيق النمو على الرغم من التحديات.
“الساحرة الثلاثية” وتأثيرها على الأسواق
واجهت وول ستريت حدثاً ربع سنوياً معتاداً يُعرف بـ”الساحرة الثلاثية”، حيث تنتهي صلاحية عقود المشتقات المرتبطة بالأسهم، وخيارات المؤشرات، والعقود الآجلة. هذا الحدث يجبر المتداولين على تعديل مراكزهم، مما قد يؤدي إلى تقلبات كبيرة في الأسعار. وقدّرت “سيتي غروب” أن قيمة المراكز المفتوحة التي انتهت صلاحيتها بلغت 7.1 تريليون دولار.
ومع ذلك، يرى خبراء مثل كيني بولكاري من “سلايت ستون ويلث” (SlateStone Wealth) أن هذا الحدث لا يجب أن يثير قلق المستثمرين على المدى الطويل. ويقول بولكاري: “هل يهم ذلك المستثمرين على المدى الطويل؟ بالتأكيد لا. توقعوا ضجيجاً. توقعوا أحجام تداول. فقط لا تخلطوا بين أيٍّ منها وبين أمر حقيقي أو ذي دلالة أساسية. ففي النهاية، هذه التحركات فنية بحتة”.
عودة المستثمرين وشراء الأسهم
بعد فترة من التراجع، أعاد المستثمرون شراء الأسهم، مستفيدين من انخفاض الأسعار. هذا التحول جاء بعد تساؤلات حول مدى استمرار الحماسة تجاه الذكاء الاصطناعي، ومخاوف بشأن مدى التيسير النقدي الذي سيقدمه الاحتياطي الفيدرالي. وعلى الرغم من أن البيانات الاقتصادية الصادرة هذا الأسبوع لم تقدم رؤية واضحة، إلا أن المتداولين يواصلون المراهنة على خفضين في أسعار الفائدة خلال عام 2026.
“رالي نهاية العام” وسوق الأسهم
يبدو أن المتداولين قد حصلوا على ما كانوا ينتظرونه مع اقتراب نهاية العام، وهو ما يُعرف بـ”رالي نهاية العام”. تاريخياً، يميل مؤشر “إس آند بي 500” إلى الارتفاع خلال الأسبوعين الأخيرين من ديسمبر، حيث ارتفع في 75% من الحالات منذ عام 1928، بمتوسط صعود بلغ 1.3%، وفقاً لبيانات جمعتها “سيتاديل سيكيوريتيز”.
ويقول ستيف سوسنيك من “إنتراكتيف بروكرز” (Interactive Brokers): “على الرغم من أن تاريخ البداية هذا العام هو نصف يوم عشية عيد الميلاد، كما هو معتاد، يبدو أن المتداولين يتأهبون مسبقاً”. يشير هذا إلى توقعات إيجابية لأداء سوق الأسهم في الفترة المتبقية من العام.
بالإضافة إلى ذلك، يبدو أن المفاوضات الطويلة بشأن مستقبل تطبيق “تيك توك” في الولايات المتحدة تقترب من نهايتها، حيث أعلنت المنصة عن بيع ذراعها الأميركية لتحالف تقوده “أوراكل”. كما كشف الرئيس دونالد ترمب عن إبرام صفقات مع تسع شركات أدوية، مما أثر أيضاً بشكل إيجابي على معنويات السوق.
تطورات أسعار العملات والسلع
شهد سعر بتكوين ارتفاعاً بنسبة 3%، بينما ارتفع عائد سندات الخزانة الأميركية لأجل 10 سنوات بثلاث نقاط أساس ليصل إلى 4.15%. وفي اليابان، بلغ عائد السندات الحكومية لأجل 10 سنوات أعلى مستوى منذ عام 1999، مما أدى إلى تراجع قيمة الين مع استمرار حالة عدم اليقين بشأن سياسة البنك المركزي.
تدفقات الأموال نحو الأسهم الأميركية
وفقاً لـ”بنك أوف أميركا” (Bank of America)، يضخ المستثمرون الأموال في الأسهم الأميركية بوتيرة تزداد قرباً من المستويات القياسية، وذلك استجابة لتوقعات انخفاض تكاليف الاقتراض، وتخفيض الرسوم الجمركية، والتخفيضات الضريبية المتوقعة في عام 2026. وقد شهدت الأسهم الأميركية تدفقات واردة بنحو 78 مليار دولار في الأسبوع المنتهي في 17 ديسمبر، وهو أعلى مستوى منذ العام الماضي.
توقعات مستقبلية
يرى لويس نافيليه من “نافيليه آند أسوشيتس” (Navellier & Associates) أن الاتجاه لا يزال إيجابياً، ويتوقع “موجة صعود قوية حتى نهاية العام وبداية قوية لعام 2026”. ويضيف ألكسندر غيوليانو من “ريزونات ويلث بارتنرز” (Resonate Wealth Partners) أن الظروف العامة لا تزال داعمة، وأن الانكماش الأخير في التقييمات يوفر فرصاً جيدة للمستثمرين.
ويوصي غيوليانو بالتركيز على الشركات القادرة على قيادة الابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي، والتي تتمتع بقوة مالية تتيح لها الاستمرار في النمو والتطور. ويشير إلى أن العديد من شركات التكنولوجيا الكبرى تنطبق عليها هذه المعايير.
الخلاصة
على الرغم من المخاوف التي أثارها انتهاء صلاحية عقود الخيارات، إلا أن وول ستريت شهدت أداءً قوياً في الجلسة الأخيرة من الأسبوع، مدفوعة بارتفاع أسهم التكنولوجيا وعودة المستثمرين للشراء. تشير التوقعات إلى استمرار هذا الزخم في نهاية العام، مع فرص استثمارية في مختلف القطاعات، بما في ذلك بتكوين. ويبقى على المستثمرين مراقبة التطورات الاقتصادية وسياسات البنوك المركزية لاتخاذ قرارات مستنيرة.












