أسعار النفط تسجل مكاسب أسبوعية وسط ترقب للمفاوضات الروسية الأوكرانية

شهدت أسواق النفط ارتفاعاً ملحوظاً في الأسعار، مسجلةً مكاسب أسبوعية مدفوعة بتقييم المستثمرين لآفاق وقف إطلاق النار في أوكرانيا، بالإضافة إلى تجاوز سعر النفط لمستويات فنية هامة. يعكس هذا الارتفاع استمرار حالة عدم اليقين الجيوسياسي وتأثيرها على المعروض والطلب، مما يدفع أسعار النفط نحو الأعلى. وتشير التطورات الأخيرة إلى أن أي انفراجة في الأزمة قد تتطلب وقتاً أطول مما كان متوقعاً، الأمر الذي يعزز من المخاوف بشأن استقرار الإمدادات العالمية.
ارتفاع أسعار النفط ومكاسب أسبوعية
صعد سعر خام غرب تكساس الوسيط بنسبة 0.7% ليستقر فوق حاجز الـ 60 دولاراً للبرميل، وهو ما يؤكد على استمرار تأثير عوامل الخطر على الأسعار. يأتي هذا الارتفاع في ظل استمرار المفاوضات بين الأطراف الأوكرانية والمسؤولين الأمريكيين في فلوريدا، لكنها تواجه تعقيدات بسبب اعتراضات روسية على بعض بنود خطة السلام المدعومة من الولايات المتحدة. هذه التطورات تزيد من حدة التوتر وتؤثر سلباً على توقعات استقرار الإمدادات.
توقعات بتأجيل تسوية الأزمة الأوكرانية
تراقب الأسواق العالمية عن كثب أي تقدم نحو تسوية سياسية في أوكرانيا، حيث أن أي اتفاق قد يؤدي إلى تخفيف العقوبات المفروضة على روسيا وزيادة تدفقات النفط الروسي إلى السوق العالمية، وبالتالي خفض الأسعار. ومع ذلك، يظل التوصل إلى اتفاق نهائي أمراً بعيد المنال في الوقت الحالي.
الخطوات الأخيرة، مثل إعلان أوكرانيا مسؤوليتها عن الهجوم على مصفاة “سيزران” الروسية وميناء “تيمريوك”، تشير إلى تصاعد حدة التوترات العسكرية. بالإضافة إلى ذلك، تواجه خطة استخدام الأصول الروسية المجمدة كضمان لقرض كبير لصالح أوكرانيا معارضة من واشنطن، حيث تضغط على الدول الأوروبية لرفض هذا المقترح. هذا يعكس الخلافات السياسية المعقدة التي تحول دون تحقيق الاستقرار في سوق النفط.
جهود أمريكية لتهدئة الأوضاع في أوروبا
أبدت الولايات المتحدة تحفزاً كبيراً في محاولة إقناع الدول الأوروبية برفض خطة القرض المقترح لأوكرانيا، مدعومة بأصول روسية مجمدة. تهدف هذه الجهود إلى تجنب أي تبعات قانونية أو سياسية قد تعيق استقرار العلاقات التجارية والاقتصادية بين أوروبا وروسيا. ويُظهر هذا التدخل الأمريكي مدى الأهمية التي توليها واشنطن لأزمة أوكرانيا وتأثيراتها المحتملة على أسواق الطاقة العالمية.
زخم صعودي في سوق النفط مع تجاوز مستويات فنية هامة
الزخم الصعودي في سوق النفط تعزز بشكل كبير مع إغلاق سعر خام غرب تكساس الوسيط فوق متوسطه المتحرك لـ 50 يوماً، وهو ما يعتبر مستوى دعم رئيسي. هذا الاختراق يشير إلى أن السوق قد يكون على أعتاب مرحلة جديدة من الارتفاع. كما ساهمت عمليات تغطية المراكز البيعية من قبل المتداولين الخوارزميين في دعم الأسعار، ويتوقع المحللون استمرار هذه العمليات في الأسابيع القادمة.
وفي هذا السياق، صرح دان غالي، استراتيجي السلع في “تي دي سيكيوريتيز”، بأن الجلسة الأخيرة شهدت أول تغطية واضحة للمراكز البيعية منذ فترة، وأنه لا يُتوقع توقف موجة الشراء القادمة من مستشاري تداول السلع. هذا يعكس الثقة المتزايدة في السوق واستعداد المستثمرين لتحمل المزيد من المخاطر.
تضارب المؤشرات: بين المخاطر الجيوسياسية وفائض الإمدادات المتوقع
على الرغم من المخاطر الجيوسياسية المستمرة، يظل توقع وجود فائض في الإمدادات يضغط على الأسعار نحو الأسفل. أعلنت أرامكو السعودية عن تخفيض سعر خامها القياسي “العربي الخفيف” لشهر يناير إلى أدنى مستوى له منذ عام 2021، مما يعكس محاولتها للحفاظ على حصتها في السوق. كما انخفض سعر النفط الكندي في أعقاب هذه التطورات.
بالإضافة إلى ذلك، ارتفع عدد منصات حفر النفط الخام في الولايات المتحدة بمقدار 6 منصات خلال الأسبوع الماضي، وفقاً لبيانات “بيكر هيوز”. هذا يشير إلى زيادة الإنتاج الأمريكي المحتمل، مما قد يزيد من حدة الضغوط الهبوطية على الأسعار.
توقعات مستقبلية لأسعار النفط
يُظهر الوضع الحالي في سوق النفط تضارباً في المؤشرات، حيث تتصارع عوامل الخطر الجيوسياسية مع توقعات زيادة المعروض. من المتوقع أن تستمر الأسعار في التقلب على المدى القصير، مع اعتمادها بشكل كبير على التطورات السياسية في أوكرانيا وردود الفعل من جانب الدول المنتجة.
يجب على المستثمرين ومحللي السوق متابعة هذه التطورات عن كثب، وتقييم المخاطر المحتملة والفرص المتاحة. كما أن فهم ديناميكيات العرض والطلب، والتغيرات في السياسات الاقتصادية، سيكون أمراً بالغ الأهمية لاتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة.
ومع استمرار حالة عدم اليقين، يظل التركيز على المفاوضات الجارية وتأثيرها المحتمل على استقرار سوق أسعار الطاقة العالمية.












