أسعار الذهب تقترب من مستويات قياسية بعد توترات فنزويلا

شهد سوق الذهب العالمي ارتفاعاً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، حيث اقترب سعره من مستويات قياسية جديدة وسط ترقب كبير من المستثمرين لبيانات التضخم الأمريكية، بالإضافة إلى متابعة التطورات المتسارعة في فنزويلا. هذا التوجه الصاعد عززته أيضاً قفزة تاريخية في أسعار الفضة، مما يشير إلى زخم قوي في سوق المعادن الثمينة بشكل عام. يعكس هذا الأداء القوي تزايد المخاوف الاقتصادية والجيوسياسية، ويدفع المستثمرين نحو الأصول الآمنة مثل الذهب والفضة.
سعر الذهب يقترب من القمة التاريخية
تداول سعر الذهب بالقرب من حاجز 4330 دولاراً للأونصة، مسجلاً تعافياً بعد تراجع طفيف في الجلسة السابقة أنهى سلسلة مكاسب استمرت لخمسة أيام متتالية. وبالرغم من هذا التراجع المؤقت، لا يزال الذهب على مقربة من أعلى مستوى له على الإطلاق، حيث يفصله أقل من 50 دولاراً عن تلك القمة. هذا الاقتراب من السعر القياسي يعكس قوة الطلب على المعدن الثمين، وتوقعات المستثمرين باستمرار ارتفاعه في المستقبل القريب.
بيانات التضخم الأمريكية ومستقبل أسعار الفائدة
تترقب الأسواق العالمية بفارغ الصبر بيانات التضخم الأمريكية التي من المقرر الإعلان عنها يوم الخميس. هذه البيانات ستكون حاسمة في تحديد مسار السياسة النقدية للاحتياطي الفيدرالي، وتحديد ما إذا كان سيستمر في خفض أسعار الفائدة أم لا. خفض أسعار الفائدة يعتبر عاملاً إيجابياً للذهب، حيث يقلل من تكلفة الفرصة البديلة للاحتفاظ بالمعدن الثمين الذي لا يدر عائداً.
قبل صدور بيانات التضخم، من المتوقع أن يدلي عدد من كبار مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي بتصريحات علنية قد تقدم بعض المؤشرات حول توجهات البنك المركزي. هذه التصريحات ستخضع لتحليل دقيق من قبل المستثمرين، وقد تؤثر على حركة أسعار الذهب والأسواق المالية بشكل عام.
فنزويلا تزيد من جاذبية الذهب كملاذ آمن
أضافت التطورات الأخيرة في فنزويلا المزيد من الدعم لأسعار الذهب. قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض حصار على جميع ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات، وتصعيد الضغط على الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، بالإضافة إلى حشد عسكري في المنطقة وتهديدات بضربات برية، أثارت مخاوف جيوسياسية جديدة. في أوقات عدم اليقين السياسي والاقتصادي، يلجأ المستثمرون عادةً إلى الذهب كملاذ آمن للحفاظ على قيمة أموالهم.
أداء الذهب والفضة والمعادن الأخرى
لم يتجاوز الذهب أعلى مستوى قياسي له، والذي سُجل في أكتوبر فوق 4381 دولاراً للأونصة، بفارق كبير. وقد شهد المعدن النفيس ارتفاعاً بنحو الثلثين هذا العام، ويتجه نحو تسجيل أفضل أداء سنوي له منذ عام 1979. هذا الارتفاع يعكس تزايد الإقبال على الذهب من قبل البنوك المركزية والمستثمرين على حد سواء.
بالتوازي مع الذهب، حققت الفضة قفزة تاريخية، حيث ارتفعت إلى مستوى قياسي جديد بلغ 66.274 دولاراً للأونصة. كما ارتفع البلاتين بنسبة تصل إلى 3% ليسجل أعلى مستوى له منذ عام 2011، في حين شهد البلاديوم أيضاً ارتفاعاً ملحوظاً. هذا الأداء القوي لجميع المعادن الثمينة يؤكد على قوة الطلب عليها، وتوقعات المستثمرين باستمرار ارتفاعها.
توقعات أسعار الذهب المستقبلية
تتوقع نيكي شيلز، رئيسة الأبحاث في شركة “إم كي إس بامب” لتكرير المعادن النفيسة، أن يبلغ متوسط سعر الذهب 4500 دولار للأونصة في عام 2026. وهذا يتوافق مع موجة من التوقعات الإيجابية التي ترجح استمرار صعود أسعار الذهب في المستقبل. وتشير شيلز إلى أن الذهب قد يشهد فترة من الاستقرار النسبي على المدى القريب، قبل أن يستأنف مساره الصعودي بشكل أكثر اعتدالاً واستدامة.
مؤشرات السوق وتأثيرها على الذهب
ارتفع سعر الذهب بنسبة 0.7% ليصل إلى 4322.45 دولاراً للأونصة عند الساعة 01:16 ظهراً بتوقيت سنغافورة. في الوقت نفسه، ارتفع مؤشر “بلومبرغ” للدولار الفوري بنسبة 0.2%. هذه المؤشرات تعكس التفاعل المعقد بين أسعار الذهب وحركة أسعار صرف الدولار، بالإضافة إلى التطورات الاقتصادية والجيوسياسية العالمية.
يراقب المستثمرون عن كثب أي إشارات على مزيد من التيسير النقدي، بعد أن نفذ الاحتياطي الفيدرالي الأسبوع الماضي خفضه الثالث على التوالي لأسعار الفائدة. في الوقت الحالي، يسعر المتداولون احتمالاً يقارب 25% لخفض الفائدة في يناير. كما أن تعيين رئيس جديد للاحتياطي الفيدرالي سيكون له تأثير كبير على مسار السياسة النقدية في العام المقبل.
بشكل عام، يبدو مستقبل الذهب واعداً، مدفوعاً بتوقعات استمرار ضعف الدولار، وتزايد المخاوف الاقتصادية والجيوسياسية، وارتفاع مشتريات البنوك المركزية. لذلك، من المتوقع أن يستمر الذهب في لعب دور مهم في محافظ المستثمرين كأصل آمن يحافظ على قيمة الأموال في أوقات الأزمات وعدم اليقين.












